الأصوات الكثيرة التي ارتفعت لتقول منذ تعيينها إنها ليست الشخص المناسب في المكان المناسب؛ لعدم توافق وزنها المفرط مع منصبها كوزيرة للصحة، لم تمنع «ماجي دي بلوك» (54 عاماً)، وزيرة الصحّة البلجيكية اليوم، وبعد عامين من توليّها مهامها أن تصبح «نجمة»، بعد أن أثبتت عمليّات سبر الآراء أنّها الشخصية السياسيّة الأكثر شعبيّة في بلجيكا.
على الرغم من أن لا أحد يعلم وزن الوزيرة «ماجي دي بلوك» بالضبط، ولكن تسريبات هنا وهناك ذكرت أنّ وزنها هو في حدود 127 كلغ، وأشارت مصادر أخرى إلى أنّ وزنها يصل إلى 150 كلغ، وحتّى زوجها عندما سُئل عن وزنها، قال إنّ هذا هو السرّ الأكبر الذّي لن يكشف عنه أبداً.
امرأة غير معقّدة
والوزيرة ما فتئت تقول وتكرّر إنّها امرأة سعيدة وغير معقّدة بسبب بدانتها، بل إنها لا تجد حرجاً في البوح بأنها تحب الأكل وتعشق الطبخ، ومن أمتع أوقاتها هو الوقت الذي تقضيه مع أصدقائها حول المائدة، ولكنّها تعترف قائلة: «لو آكل كل ما أريد وأشتهي لازداد وزني مرتين»، ويؤكّد زوجها «لوك أسلمان» أنّ ماجي تأكل الخضراوات والسمك، وتطبخ دائماً بزيت الزيتون، وأنّ الحلويات فقط هي ممنوعة، ويضيف أن ماجي هي بالنسبة له امرأة مثاليّة، فبعد 35 عاماً من الزواج، فإن حبّه لها - حسب قوله - لم يخبُ، مادحاً ذكاءها.
و«ماجي دي بلوك» كجلّ البدينات؛ هي امرأة مرحة وتلقائية، حتى إنّها قالت ذات مرة إنّها لكي تحرّر يديها فإنها تعمد مضطرّة إلى وضع هاتفها الجوّال في طيّات حاملة صدرها.
الشكل والمضمون
عند اختيارها عضوة في الحكومة البلجيكيّة، منذ عامين، أثار القرار جدلاً واسعاً لدى الرأي العام، وفي مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وارتفعت بعض الأصوات لتقول إنها تعطي- بوصفها وزيرة للصحّة- مثالاً سيئاً ببدانتها في بلد يشكو فيه 47 في المائة من سكانه السمنة، ورأى البعض أنّ هناك تناقضاً صارخاً بين وظيفتها ووزنها.
ويقول المنتقدون الكثيرون لاختيار امرأة بدينة وزيرة للصحة: هل يمكن لطبيب أن ينصح مريضاً بعدم التدخين وفي فمه «سيجار» والسّعال يغالبه؟ ويردّ المدافعون عنها: «إذا أردنا تطبيق هذه القاعدة، فلا بد أن يكون وزير الدفاع يحارب في ساحة الوغى، ولا بد لوزير الشباب أن يكون فعلاً شاباً وليس كهلاً في الستين، وفي المقابل ردّت امراة مخاطبة «ماجي دي بلوك»: «إني معجبة بك لكفاءتك المهنيّة ومن يسخرون منك أو يتهكّمون عليك لا يملكون عشر أو خمس ما تمتلكينه من كفاءة، ولا شك أنهم حاسدون لك».
ألم وأمل
وتعترف الوزيرة الأكثر شعبية، اليوم، في بلجيكا، بأنها كانت مدركة عندما قرّرت المشاركة في العمل السياسي أن وزنها المفرط سيكون سلاحاً يستعمله المنافسون والمعارضون لها لـ«ضربها»، ولكنّها عرفت كيف تقلب المعادلة لفائدتها عندما أخذت تقول: «إنّ وزني سيجعل النّاس كلّهم يتذكّرونني وينتبهون أكثر لعملي»، مضيفة: «بدانتي لم تمنعنني أبداً من تحقيق أيّ حلم من أحلام حياتي، فقد اشتغلت طبيبة وتزوجت من رجل يحبّني وأحبه، وأصبحت أماً، ودخلت غمار العمل السياسي وكنت دائماً ناجحة وتغلبت على كلّ العراقيل».
ولا تجد «ماجي» حرجاً أبداً في البوح، قائلة: «السمنة لا تعيق العقل ولا بدّ من اعتماد معيار الكفاءة قبل الشكل، مضيفة وهي ضاحكة: «مشكلتي الوحيدة التي تقلقني أحياناً هي عندما لا أجد كرسياً عريضاً يمكن أن أجلس عليه، وأنا مرتاحة عندما أحضر بعض الاجتماعات».
صفحات من الذكريات
وتعترف «ماجي» بأنها تألمت من بدانتها في فترة مراهقتها، فقد ازداد وزنها منذ سن البلوغ، واتبعت في فترة شبابها المبكرة حمية قاسية؛ بأكلها في اليوم تفاحة وحبة طماطم فقط، ونجحت وهي في السابعة عشرة من عمرها في إنقاص 60 كلغ من وزنها، ولكن سرعان ما عادت إلى ما كانت عليه من بدانة، واليوم هي تقول: «إني كرهت الحمية منذ ذلك الزّمن».
تتذكّر ماجي صفحات مؤلمة من حياتها قائلة: «كنت طفلة في الثامنة من عمري، أعيش ضمن عائلة سعيدة، وكان والدي يذهب إلى عمله كل يوم على متن القطار، وذات صباح استيقظ متأخراً، وسعياً منه للوصول إلى عمله من دون تأخير ركب سيارة مع أحد الجيران، بعد أن فاته موعد رحلة القطار، وفي الطريق داهمتهما شاحنة ومات والدي في الحين، وكانت تلك أكبر صدمة لي في حياتي».
شعبية كبيرة
أمام تواصل حملة البعض ضد الوزيرة، بسبب سمنتها، حصل - كرد فعل على ذلك - تعاطف كبير معها، ظهر عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ورأى الكثيرون أنّ الربط بين سمنتها ووظيفتها كوزيرة للصحّة لا يستقيم.
والمؤكّد أنّ الشقّ المناصر للوزيرة في الرأي العام كانت له الغلبة، بل إنّ ما تعرّضت له من تهكم وسخريّة وتجريح، زاد من شعبيّتها، حتّى إنّ عمليات سبر الآراء أكدت أنها أكثر الوزراء الآن شعبية، وأن 74 في المائة من البلجيكيّين يعتبرونها
وزيرة جيّدة، وأنها المرأة المناسبة في المكان المناسب.
زوجة وأم
الوزرة البدينة تزوجت في التاسعة عشرة من عمرها، وأنجبت بعد عامين من زواجها ابنتها البكر جولي، وعمرها اليوم 28 عاماً، وهي خريجة كلية الحقوق، ومدافعة شرسة عن أمها أمام الحملات المغرضة والمركزة بشكل خاص على سمنتها، والابن الثاني لماجي هو جان، وهو مختص في مجال الكيمياء، والاثنان لامعان في عملهما.
مارست الوزيرة مهنة الطب في الرّيف البلجيكي طيلة عشرين عاماً، قبل أن تقرر خوض غمار العمل السياسي إثر انتخابها نائبة بالبرلمان، ثم تمّت تسميتها كاتبة دولة مكلّفة بالهجرة والاندماج الاجتماعي، وقد اختارها قرّاء جريدة «ليبر بلجيك» الواسعة الانتشار امرأة العام في المملكة البلجيكيّة».
هل تصبح رئيسة للحكومة؟
في البداية ظنّ الجميع أنّ شكل ماجي دي بلوك سيكون عائقاً أمامها، أو على الأقل ليس لصالحها، ولكن اليوم وبعد عامين من تولّيها منصب وزيرة للصحّة في المملكة البلجيكيّة، فإنّ شكلها اليوم أصبح مميزاً لها، حتّى إنّ نسبة كبيرة من البلجيكيين، وفق عمليّة لسبر الآراء، موافقون، بل ويطالبون بأن تصبح هذه المرأة الحديدية رئيسة للحكومة.