في حكاية غريبة أثارت عداداً كبيراً لدى الصحافيين والكتاب المغاربة، تم الحكم على كاتب مغربي بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ وغرامة مالية قيمتها 1000 درهم (100 دولار)، إضافة إلى تعويض مدني قدره 20 ألف درهم (2000 دولار) بسبب رواية.
وأصدر القضاء المغربي في مدينة ورزازات (جنوب البلاد) حكمه في حق الكاتب عزيز بنحدوش لتضمن روايته المعنونة بـ«جزيرة الذكور» ألفاظاً بالسب والقذف.
وتتعلق الرواية بأحداث وقعت في منطقة «تازناخت» القريبة من مدينة ورزازات (جنوب المغرب)، لكاتب مشهور في منطقته بتدريسه لمادة الفلسفة.
واتهم صاحب الرواية باستهدافه لبعض الأشخاص، لكنه ينفي ذلك، مؤكداً أنه كتب الرواية بناء على خياله وتجربته في الحياة دون التعرض لأي فرد أو أشخاص بعينهم.
وأكد الكاتب أنه لم يكن يقصد أو يستهدف أشخاصاً بذاتهم ضمن شخوص مؤلفه، مشيراً إلى أنه كتب عن قصة الأطفال الأشباح ليظهر في ما بعد أنها قصة حقيقية.
ولقيت قضيته استغراباً كبيراً لدى بعض المثقفين، من بينهم الكاتب صلاح الوديع، رئيس بيت الشعر الأسبق، الذي دعا إلى رفع اليد عنه وترك «الكلمة للقراء والنقاد. فهم أولى بمحاكمة الإبداع من القضاء».
وأضاف أن العديد من الإنتاجات الأدبية تم منعها، لكنها بقيت متداولة ولا يزال القراء يتذكرون أسماء ومنتوجات هؤلاء الكتاب بشكل كبير.
وكان لزيارة رئيس اتحاد كتاب المغرب، عبدالرحيم العلام، لعزيز بنحدوش وقع خاص، حيث شكلت محوراً في تدوينة لهذا الأخير في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
وقال إن رئيس اتحاد كتاب المغرب حرص على اللقاء به في أكادير، مشيراً إلى وعده بمتابعة قضيته عن كثب وبإصدار الاتحاد لبيان تنديدي في الموضوع، وبمخاطبة الجهات الرسمية الحكومية وبعض المؤسسات الدستورية، ومطالبتها بإنصاف الكاتب ورد الاعتبار له وضمان سلامته.
وعبر عزيز بنحدوش عن شكره للعلام ولاتحاد كتاب المغرب الذي سيكلف محامياً لمتابعة القضية، والترافع لصالحه، كاشفاً أنه نال عضوية الاتحاد.
من جهته، اعتبر أستاذ الفلسفة بجامعة مكناس مصطفى المريزق، أن الرواية تؤرخ للزمن الاجتماعي والسياسي للمنطقة، والحكم على صاحبها بالسجن «جائر»، لكونه صدر بسبب تشابه إحدى شخصيات الرواية مع أحد الأشخاص في المنطقة.
ودعا المريزق إلى الإسقاط الفوري للحكم في حقه ورفع كل المضايقات التي تمس بشخصه وبعائلته وإبداعه.
أما الإعلامي والناقد الفني عزيز المجدوب، فاعتبر أن هذه الرواية جلبت متاعب لمؤلفها إلى درجة الاعتداء الجسدي عليه، مضيفا أنه «أمر لم نعتد عليه في المغرب، ولم نسمع أو نقرأ عنه سوى في الدول الأخرى أو في الأفلام. فقد اعتدنا أن تمر الأعمال الأدبية، مهما كانت روعتها أو مهما حاولت ملامسة قضايا حساسة، دون أن تخلف أدنى تفاعل، إيجابي أو سلبي».
وشدد كاتب رواية «جزيرة الذكور» أنه استمد وقائعها من الأحداث التي مرت على المنطقة التي يقطن بها في سنويات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
وتضم الرواية أحداثاً تتعلق بهجرة بعض سكان المنطقة للعمل خارجها والاتجاه نحو فرنسا بإيعاز من أحد الفرنسيين الذي يختار المرشحين للعمل بناء على مواصفات محددة.
وأكد أن عمله الإبداعي، الذي أخرجه للوجود سنة 2015، يرمي إلى رد الاعتبار للمرأة والأطفال، حيث كان بعض المهاجرين إلى فرنسا يلجأون للتحايل؛ للحصول على تعويضات عائلية من بلد الإقامة بتسجيل أطفال ليسوا من صلبهم.
ويقول إن معاناته بدأت حينما كسر بعض الأشخاص سيارته واعتدوا عليه جسدياً، متهمين إياه بالسب والقذف في حقهم من خلال الرواية.