يعرف الاحتفال بالأعراس بالمغرب، تطوراً مستمراً وأفكاراً جديدة تخص تزيين العروس، واستقبال الضيوف دون التخلي عن طقوس الاحتفال التقليدي.
يقول الحبيب السعدي وهو من أشهر متعهدي حفلات الأعراس بالعاصمة الرباط: أحرص على التجديد كل عام في إعداد موائد العرس المغربي، بما فيه الأكل الذي يعد عنصراً أساسياً في نجاح العرس، وموائد هذا العام تتشكل من السلطات الملكية المحضرة بأنواع مختلفة من السمك، (تحضير أطباق السمك خلافاً لمائدة الأعراس التقليدية) التي كانت تقتصر على أطباق اللحم والدجاج أو البسطيلة، وذلك بفضل الوعي الصحي الذي واكبه المغاربة حتى في أفراحهم إرضاءً لكل الأذواق والأعمار.
تزين المائدة بملاعق وشوك من النحاس مع تشكيلة من العصائر بنكهات مختلفة.
وعن الأطباق المفضلة المتداولة في العرس يقول الحبيب: هي «بسطيلة الحوت»، أو طبق طائر السمان محشو بالزبيب والجوز، أو طبق الديك «بالتفاية» الذي يعد من الزبيب والجوز والتمر والتين المجفف، أو طبق لحم العجل بالخضر.
بين المعاصرة والأصالة
وحول يوم العرس يضيف الحبيب السعدي الحائز على شهادة «إيزو العالمية»، أصبح للعرس المغربي طريقة مغايرة للاحتفال مقارنة مع ما كان عليه في السابق، مع الاحتفاظ ما أمكن بالتقاليد، حيث تصر بعض العائلات على التفريق بين النساء والرجال في العرس، بينما آخرون يفضلون الاختلاط مادام العرس يجمع الأهل والأحباب، العرس المغربي بمجمل مميزاته ومظاهره في سباق مستمر للحفاظ على ما هو أصيل من جهة، ولإضفاء رونق الحداثة والتجديد من جهة ثانية.
ويعتمد الحبيب مع زوجته سمراء على الدمج بين الأصالة والمعاصرة فيما يتعلق بلباس الشباب الذين يحملون العروس في الهودج أو ما يسمى «العمارية» حيث خصص لهم زياً خاصاً.
وتركز آخر الصيحات على استعمال أطباق لحمل الهدايا بالنطع المزركش أو النحاس، وهي أطباق تقليدية مغطاة تحمل فيها هدايا العروس وتقدم لها أمام الحاضرين، وفي زفة تقليدية على أنغام الموسيقى التراثية خاصة «الدقيقية».
وتقول سهام طالبة بمعهد التسيير وتدبير المقاولات وتمتهن حرفة نقش الحناء في الآن ذاته: إن العرائس المغربيات يحببن التنوع لهذا تراهن تارة يطلبن النقش الهندي، وتارة النقش الخليجي أو المغربي الصحراوي، لكن حسب خبرتي تقول «سهام» يبقى النقش الخليجي والصحراوي الأكثر طلباً».
وتكون خلطة الحناء ممزوجة بماء الزهر والسكر والماء الدافئ، تترك لفترة من الزمن، لتزين بعد ذلك أيدي العروس.
نغمات العرس
يكون العرس المغربي لوحة فنية بامتياز يقول «حمزة لمدغري» فنان مغربي متخصص في إحياء الأعراس المغربية، فهي متنوعة بين الأغاني الخليجية والدبكة اللبنانية، لكن فيما يتعلق بالأغاني الخليجية فأغاني نبيل شعيل، وراشد الماجد تحتل الرتبة الأولى، أضف إلى كل هذا يحكي «لمدغري» هناك طلب على الأغاني المغربية الأصيلة المعروفة خاصة أغاني الموسيقار الراحل إسماعيل أحمد، وإبراهيم العلمي وعبدالهادي بلخياط وآخرين.
أما المصممة هدى الفلسطينية التي تنظيم حفلات العرس المغربي فتقول: "أصبحت الأعراس اليوم تقتصر على يوم واحد بسبب التكاليف الباهظة، وهناك بعض العائلات العربية خاصة من دول الخليج يلجأن للاحتفال بزفافهن على طريقة العرس المغربي من ألفه إلى يائه."
وتضيف: الإقبال الكبير والطلبات التي لا تتوقف بخصوص فساتين العرس، أو ما يسمى في المغرب «بـالتكشيطة» وما زاد من إعجابي أكثر هي العادات والتقاليد المتميزة لأهل المغرب بلباسهم المحتشم، وغنى الطرز المغربي والزخارف التقليدية، وشخصيا أحبذ الحفاظ على «التكشيطة» المغربية بكل تفاصيلها التي هي رمز الأصالة المغربية والعربية؛ لأنها تحمل مقومات الزي الإسلامي المنفتح على العصر وعلى كل الحضارات.
بالنسبة لآخر الصيحات في اللباس التقليدي المغربي، تضيف «هدى»: هناك تركيز كبير على الجديد وآخر الصيحات، لكن مع الحرص على اللمسة التقليدية.
وأهم ما يميز العرس المغربي تقول «هدى» هو يوم الحناء، بلباسه الأخضر وطقوسه التي تزين فيها جلسة العروس بأطباق نحاسية ومناديل مطرزة، مع وضع الحناء والبيض والنعناع والحليب والتمر، وهي رموز للتعبير عن الخصوبة والحياة السعيدة، لكن حاليا أصبح يوم الحناء والعرس يختزل في يوم واحد اقتصاداً للوقت والمال، حيث يدخل أهل العريس محملين«بالدفوع» (هدايا العروس) إلى قاعة العرس إيذانا ببدء الاحتفال بليلة العمر التي تستمر حتى الصباح.