كانت هناك قصص تذكر وجود مدن تظهر وتختفي داخل البحر في أوقات معينة، بالطبع تلك القصص أقرب إلى الخيال، ولكن ماذا لو كانت تلك القصص صحيحة بالفعل؟
نعم، هناك بعض الأماكن على سطح الأرض تم رصدها تظهر وتختفي بسبب المد العالي للبحار، فتختفي كلياً، وعند انحسار الماء تعود لسطح الأرض مرة أخرى، ولعل تلك الأساطير التي مرت على مسامعنا في الطفولة حقيقية؛ نظراً لما يحدث لتلك الأماكن.
وفي ما يلي نستعرض سوياً بعض تلك المعالم التي يتسبب المد العالي للمياه بظهورها واختفائها:
طريق يختفي مرتين في اليوم: يربط ذلك الطريق بين جزيرة نورمير ومنطقة فيندي الفرنسية، ويبلغ طوله 4.5 كيلومتر، وتم إنشاء الجسر عام 1840 ميلادي بعدما كانت القوارب هي وسيلة النقل الوحيدة، لكن المد والجزر يتسبب في اختفاء الجسر عن الأنظار على عمق 1.3 إلى 4 أمتار، فهو واحد من أغرب الطرق الموجودة في العالم، ويختفي تحت المياه يومياً بفعل حالات المد والجزر.
معبد ماهاديف: يقع المعبد في مدينة غوجارات في الهند على مقربة من البحر بالقرب من خليج كامباي، ورغم أنه خصص للعبادة، إلا أنه لا يمكن ممارسة الطقوس فيه أثناء موجات المد العالي، حيث يغرق المعبد بشكل كلي تحت المياه، في حين تظل قبته ظاهرة من أسفل الماء، ويمكن رؤيتها، لذلك يمكن أداء العبادة فقط هناك خلال انخفاض المد، ويتجاوز عمر المبنى الـ 150 عاماً.
جزيرة القلعة في فرنسا "جبل القديس ميشيل": جبل القديس ميشيل عبارة عن جزيرة حجرية صغيرة في نورماندي، تبعد حوالي كيلومتر عن ساحل فرنسا، تعد القلعة والكنيسة المبنية عليها ثالث أكثر الأماكن السياحية من حيث عدد السياح في فرنسا بعد برج إيفل وقصر فرساي، ويقع هذا الجبل على بُعد 0.6 ميل عن الساحل الشمالي الغربي لفرنسا عند مصب نهر كويسنو افرانش، وتبلغ مساحة الجبل حوالي 247 فداناً "100 هكتار"، وتشير إحصائيات فرنسية إلى أن عدد سكان الجزيرة التي يقع فيها الجبل يبلغ 44 شخصاً فقط، وقد عقدت الجزيرة تحصينات استراتيجية منذ العصور القديمة في القرن الثامن الميلادي، والجبل هو أحد المعالم الأكثر شهرة في فرنسا، وهو من ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، ويزوره أكثر من 3 ملايين سائح سنوياً، وما يميزها هو اختفاء الممر المؤدي إليها أثناء المد تماماً تحت سطح الماء.
مدينة الأحلام في الفلبين: عند رؤيتها لأول مرة قد ينتابك شعور بالحيرة، وتتساءل: لماذا بنيت تلك البيوت الخشبية على تلك الرمال وعلى أعمدة مرتفعة تصعب من الوصول إليها؟ ولماذا لم يتم بناؤها ككتلة واحدة على سطح الأرض؟ ولكن إذا عرف السبب بطل العجب، إذ تتميز تلك الجزيرة التي تقع في نيجروس أورينتال بموجات عالية من المد، والتي يصل ارتفاعها لعدة أمتار، لذلك كان من اللازم رفع المنازل على أعمدة مرتفعة تجنباً للغرق، وتعد تلك المنطقة من أكثر المناطق جذباً للسياحة، فبعيداً عن تلك الظاهرة الفريدة من نوعها، فإن المكان يشع بسحر الطبيعة الرائعة.
تظل الطبيعة تدهشنا بعجائبها التي استغلها الإنسان بأساليب تسحر الوجدان، فمن كان يتخيل إنشاء قلعة ومنازل في أماكن تصيبها المياه بفيضانات وتغرقها تماماً؟ ولكن سحر بعض تلك الأماكن جعل الكثيرون يفكرون في حلول لاستغلالها، ويبقى السؤال: ما هي الصعوبات التي واجهت من قاموا ببناء تلك الأماكن والطرق نتيجة لغرقها المستمر واليومي تحت سطح الماء؟