عمر جديد كُتب للشاب السعودي حسن خاشقجي وزوجته بعد نجاتهما بأعجوبة من الهجوم المسلح الذي تعرضا له مع رواد مطعم في مدينة إسطنبول التركية ليلة رأس السنة الميلادية.
إذ تعرض الزوجان خلال ساعات عصيبة إلى سلسلة من الأحداث السريعة أشبه ما تكون بفيلم "أكشن"، حيث كانا على بُعد "شعرة" من الموت، وبفضل الله تمكنا من الهرب تحت وابل من الطلقات، وقفزا بين جثث الضحايا في البحر من ارتفاع 6 أمتار إلى أن تم إنقاذهما من قِبل قوات الطوارئ التركية. وقد وثق الزوج بالفيديو والصور تلك اللحظات المرعبة إلى حين عودته وزوجته الى جدة مساء اليوم الثاني من الحادث، وشارك بها رواد موقع التواصل "تويتر" بتغريدات متتالية عبر هاشتاق #هجوم_إسطنبول.
وقال الزوج في تغريدات متتالية: قمنا بحجز مقعدين في مطعم رينا بإسطنبول حسب اقتراح الفندق لنا، حيث إنه آمن ويرتاده كبار الشخصيات. وصلنا قرابة الساعة 11.20 إلى المطعم بعد تخطي زحمة السير في "أورتوكي"، أوصلتنا السيارة إلى مدخل المطعم، ونزلنا وقمنا بإخطار المسؤولين بأسمائنا وتأكدوا من هوياتنا. تجاوزنا أول نقطة تفتيش، ثم جهاز التفتيش، وأخيراً التفتيش اليدوي. قادنا أحد المنظمين إلى طاولتنا الخاصة، وجاء الجرسون وناولنا قائمة الطعام، وكانت "set menu" ودفعنا مقدماً. "دقت الساعة 12" معلنة دخول عام جديد، وعمت الفرحة والبهجة الجميع. كان الجميع في فرح وسرور، وفي لحظة سمعنا "دربكةً"، فقلنا ربما يكون شجاراً في مكان ما، وقمت من مقعدي لأطمئن على الوضع، وفجأة سمعت إطلاق نار. نظرت إلى زوجتي وإذ بها في منطقة "التراس"، وبعد عدة طلقات وصلت إلى مكاني، فقمت بتغطيتها كاملاً لأحميها من الطلقات، وهي تصرخ: أريد أن أرى أطفالي، أريد أن أذهب إلى بيتي. صرخت أنا أيضاً وقلت: لها فكري بالجنة الآن وقولي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وفي كل طلقه كنا نردد الشهادتين. كانت الطلقات مستمرة وتتوقف 10 ثوانٍ ثم تتكرر. في إحدى المرات التي توقفت فيها نظرت إلى الخلف لأرى الوضع فرأيت شرارة الطلقات، وبصوت منخفض طلبت من زوجتي أن تزحف إلى اليمين حيث رأيت كذلك باباً يؤدي إلى مخرج، قمنا بالزحف وأنا خلف زوجتي أدفعها إلى الأمام وأحميها من الخلف من الطلقات، أما الأشخاص المنبطحون على الأرض فقد هرولوا إلى نهاية المطعم، وكان البحر تحتنا، ورأيت المسلح يقوم بضرب الناس عند الباب المؤدي إلى المخرج كيلا يهربوا.
القفز في البحر
قامت زوجتي بالقفز في البحر، فقمت بمساعده فتاتين سعوديتين أيضاً في القفز في البحر، ثم قفزت إلى الأرضية المطلة على البحر بارتفاع من 5 إلى 6 أمتار، وسقطت على ركن مزروع تحطم فور سقوطي عليه، وجدت هناك أخاً سعودياً من الناجين يدعى بندر القعيطي وزوجته، قمنا أنا وبندر بسحب زوجتي من الماء والفتاتين الأخريين. كانت زوجة بندر مصابة ويخرج دم من رأسها ورقبتها.
قمنا بتأمين الفتيات في مكان آمن، وطلب المساعدة من زوارق مائية لكن لم يأتِ أحد لإنقاذنا، وبعد عدة محاولات أقنعنا قائد أحد الزوارق بأخذ الجرحى إلى المستشفى فوافق على ذلك، وصعد الجميع معه إلا زوجتي وأنا لصغر حجمه.
التواصل مع الأهل
وجدنا مستودعاً قمنا بالاختباء داخله، ثم قمت بالاتصال بأخي معتصم في جدة ليتواصل مع السفارة السعودية، أو الشرطة التركية، وإرسال موقعي لهم. انتظرنا في مكاننا حوالي الساعة ونحن نسمع دوي الطلقات، وأرسلت خلال هذه الفترة آخر كلماتي لأهلي.
نهاية المغامرة
رأيت الشرطة البحرية، فأرسلت رسالة "sos" عبر كشاف الجوال، وعندما اقتربت الشرطة لإنقاذنا، قام المسلح بإطلاق النار نحو البحر، فهربت الدورية البحرية. في تلك اللحظة كررنا نطق الشهادتين، حيث إن المسلح كان قريباً منا، وفي أي لحظة يمكنه إطلاق النار علينا من الأعلى. وبعد الانتظار ساعة أخرى، فجأة وجدت مسدساً موجهاً نحوي، وكشافاً، فصرخت قائلاً: أمان أمان أمان. وكان لله الحمد عنصراً من الطوارئ التركية. خرجنا من المخبئ وركضنا إلى خارج المطعم، وأثناء ركضنا شاهدت الجثث والجرحى على الأرض.
مخفر الشرطة
جمعتنا الشرطة مع الناجين في مخفر بالقرب من المطعم، ثم وضعونا في مقهيين بالقرب من المخفر، وأحضروا لنا الماء، وبعد أن استقر وضعنا، جاء ضابط وقال لنا: إن أحد المسلحين قريب منا. وطلب من كل مَن جاء إلى المطعم البقاء بالقرب من بعض.
وبعد عملية الفرز نقلونا في 3 حافلات إلى مقر مكافحة الاٍرهاب، وصلنا الساعة 4.40 صباحاً، وقامت الشرطة بأخذ 5 أشخاص لأخذ أقوالهم.
السفارة السعودية
حاول أشخاص سعوديون الاتصال بالقنصلية السعودية عدة مرات منذ وصولنا وحتى الساعة التاسعة صباحاً لكن دون جدى، نفدت بطاريات جوالاتنا وتوقفت معه محاولات الاتصال بالقنصلية. نامت نساؤنا على طاولات التحقيق، فقدمت لهن الشرطة البطانيات والماء، بقينا هناك رغم أن بعضنا كان لا يزال ينزف.
وأخيراً جاء مندوب القنصلية، وتم إطلاق سراحنا، وذهبت وزوجتي إلى الفندق، واستقبلنا مديرها وجميع طاقم الفندق، وقدموا لنا الماء والمشروبات الساخنة، وأحضروا طبيباً قام بتعقيم جروحنا وربطها.
ذهبنا إلى غرفتنا وأخذنا حماماً ساخناً، ونمنا الساعة 10.30 صباحاً، واستيقظنا بعد 3 ساعات من النوم، وأخلينا الفندق الساعة 7 مساء متوجهين إلى المطار. كانت رحلتنا إلى جدة الساعة 10.50 مساء، ووصلنا إلى أرض الوطن الساعة 2.45 صباحاً سالمين بعد أن كتب الله لنا عمراً جديداً.
واختتم حسن تغريداته بالقول: بعد هذه الحادثة زاد إيماني بالله، وبفضل دعاء الوالدة، أطال الله في عمرها.