أشارت نتائج دراسة حديثة، أجراها صندوق الزواج في الإمارات، إلى أن الأم والأب يتحملان المسؤولية الرئيسة في تأخر سن الزواج؛ نظراً للطلبات الكثيرة التي تطلبها أم العروس! ؛ فاقترح أكثر من 88.3 % من الشباب ضرورة مشاركة أهل العروس في تكاليف العرس؛ ومع تبادل الاتهامات، تظهر بعض الحقائق، ويظل بعضها الآخر غائباً فمع من تقفون في التحقيق التالي؟
في العرف الإماراتي، تعتبر البنت عانساً في سن الـ25 إلى 30 سنة، ورغم أن الشباب اتهموا الأهل بتكريس ظاهرة العزوف عن الزواج، لكن هدى السعدي، شاعرة إماراتية، تشن حملة شعواء ضد الشباب الإماراتي، وتنتقده قائلة: "هو يرى أنه غير مبذر عندما يشتري سيارة لنفسه بـ 300 ألف درهم، ولكنه يرى أنه مُستنزف حينما يُطلب منه مهر للعروس قدره 150 ألف درهم، هذا غير الدعم المقدم لهم من صندوق الزواج". لكن تدخل الأهل في اختيار زوجة ابنهم، برأيها؛ كأن تكون من أقارب الأب أو الأم، هي العقبة الحقيقة التي تتحملها معظم الأسر الإماراتية.
توافقها الرأي أمل البلوشي، خريجة جامعية قسم علوم اجتماعية، في أن معظم الشباب يصرف كل "البيزات" على السيارات و"الفشخرة"، وعند المهر يصعب عليه الدفع. تتابع: "إحدى قريباتي تقدم لها نحو 15 عريساً ورفضتهم كلهم، حتى وصل عمرها إلى 37 عاماً، ومع ذلك تردد: "أنا ريّحت نفسي من صدعة الرأس".
رفض العريس
تعتقد ناهد التادفي، موظفة في مؤسسة إعلامية، أن الكثير من الفتيات يقعن في الفخ؛ بسبب الطلبات الكثيرة للأهل، فيما شككت ناهد المري، سيدة أعمال، في نوايا الرجل الإماراتي، وتساءلت: "لماذا لا نبحث عن الرجل العانس؟! منهم من انتقل إلى رحمته تعالى ولم يتزوج. وأقترح وجود قانون يجبر المواطن أن يتزوج من مواطنته، فمن العبث أن تتزوج المواطنة من رجل أجنبي".
نادية المرزوقي، موظفة استقبال، تعتقد أن الرجل هو المسؤول عن تزايد هذه الظاهرة وليس البنت، وفي الوقت نفسه الأم تتحمل المسؤولية؛ لأنها تتدخل في اختيار العريس، وتريده من ناحيتها؛ حتى تتمكن من التحكم به، وتشاركها الرأي سامية حسن، سيدة أعمال، وتتابع: "الأجنبية ليست أفضل من المواطنة، كما أن الفتاة الإماراتية لها الحق في اختيار العريس؛ لأن الكثير منهم يتقدمون له لأنها قادرة على الإنفاق".
فيما توافق مريم الجنبي، مدرسة علم نفس، الشباب رأيهم في أن الأهل، لكنها تستدرك: "الفتاة تظلم نفسها حينما تواصل رفضها للمتقدمين لها؛ بحجة أنها تريد أشياء كثيرة قد يكون من الصعب تحقيقها عند شباب هذه الأيام، الذين لا يملكون الكثير؛ لذلك يتوجهون إلى الفتاة الأجنبية التي يسهل الارتباط بها".
الشباب: هي وأمها!
بعد إحصائية صندوق الزواج، سألنا عدداً من الشبان، ومنهم علي سالم الكتبي، يعمل في التجارة، والذي يحمّل الأم مسؤولية تأخر زواج ابنتها؛ لأنها تريد عريساً "على كيفها"، حسب تعبيره.
ويتساءل أنور محمد، إعلامي: ولماذا يستغربون عندما يفكر الشباب في ظل غلاء المهور بالعزوف عن الزواج من المواطنة؟ فيما يمكن أن يتخلص من هذه الأعباء الاقتصادية، ويمكن أن يتزوج من فتاة أجنبية جميلة بتكاليف أقل بكثير! وأنا لا أبرئ الفتيات من سبب المشكلة؛ لشروطهن القاسية والقياسية على العريس الذي لا حول له ولا قوة سوى صندوق الزواج، كما أنهن غير مكترثات بالزواج كثيراً؛ لانغماسهن في دوامة العمل، ومشاركتهن في الفعاليات الثقافية والاجتماعية وغيرها، التي تعوّض في نظرهن عن العريس".
ويفضّل حمدان محمد، رجل أعمال، الأجنبية؛ لقلة تكاليفها، ومسايرتها الزوج، يعلّق: "المواطنة تريد توفير مهر يقدّر بـ200 ألف درهم، وذهب بـ50 ألف درهم، وتكاليف العرس نحو 150 ألف درهم، وبيت، وسكن".
ويعلنها علي مسعود حسن، موظف في وزارة في أبوظبي، فهو لم ينجح حتى الآن في الارتباط بفتاة مواطنة، وعندما ترك الأمور للخاطبة نجحت في ترتيب لقاء بينه وبين العروس، ولكن طلباتها الكثيرة منها الفيلا والمهر والعرس في الفندق وغيرها من الأمور أثارت استغرابه، يستدرك قائلاً: "لاسيّما أنها تجاوزت سن الرابعة والعشرين، وأنا أكبرها بخمس سنوات، والآن أبحث عن أجنبية للزواج منها".
%3 فقط !
كشفت أرقام وإحصاءات وزارة التخطيط الإماراتية أن نحو 185 ألف فتاة تجاوزن سن الزواج، وقد بلغت نسبة العنوسة نحو 28%، وذكرت دراسة أجراها مركز البحوث والدراسات بقيادة شرطة دبي أن هناك 22% من المواطنين يفضّلون الزواج من فتيات من دول أسيوية، و7% يتزوجون من الفتيات العربيات، و3% من الخليجيات، و2% من الأوروبيات.
الوضع الاقتصادي
إن تأخر سن الزواج أصبح لافتاً للنظر، سواء للشباب أو الفتيات، ليس في الإمارات فقط، برأي وجيه عبود، أستاذ علم الاجتماع في إحدى جامعات دبي.
ويتابع: "الاستقلال الاقتصادي بات أحد رموز القوة التي تتمتع بها الفتاة داخل المؤسسة الأسرية، وهناك سبب آخر يؤثر في تفكيرها، وهو ناتج عن الاتصال بثقافات أخرى؛ حيث لا ترى هذه الثقافات ضرورة للزواج، فيعيش الشباب معاً دون ارتباط رسمي، ويشجع على ذلك آلية تطور المجتمع، التي تحقق الكثير من حاجات الشباب ورغباتهم المختلفة".