تتصدر مزاد كريستيز القادم في دبي اللوحة العملاقة «مسيرة شعب» التي يبلغ طولها ستة أمتار للفنان التشكيلي الفلسطيني إسماعيل شموط (1930 – 2006) والتي ترصد تاريخ الشعب الفلسطيني ومأساته، كما ترصد جانبًا من حياته وتجاربه الشخصية، ورسم إسماعيل شموط، أحد رموز الفن الحديث في المنطقة العربية وأحد أبرز الفنانين التشكيليين الفلسطينيين، لوحته «مسيرة شعب» في عام 1980، وعكف على رسمها ليلَ نهار طوال أكثر من ستة أشهر في العام المذكور، وتتوافق آراء النقاد على أن شموط من أصدق المعبّرين عن مأساة الفلسطينيين وآلامهم، ويرى كثيرون منهم أن لوحة «مسيرة شعب» هي أهمّ أعماله على الإطلاق.
وهذه اللوحة مأخوذة مباشرة من عهدة عائلته، ولم تُعرض في مزاد من قبل، وعُرضت اللوحة الاستثنائية للمرة الأولى في عام 1981 في «دار الكرامة» بالعاصمة اللبنانية، ثم انتقلت لاحقًا إلى دمشق وماليزيا والكويت، ثم عُرضت في «المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة»، وفي أبوظبي، قبل أن تحطّ الرحال في رام الله، ومع بداية اجتياح إسرائيل للمدينة في عام 2002 أُخفيت وطُويت هذه اللوحة في كيس مخدة من جانب مدير المتحف ولم تُعرض علانية منذ ذلك الحين، وبعد وفاة شموط في عام 2006 ومن ثم وفاة مدير المتحف في عام 2008 تواصلت الفنانة التشكيلية الفلسطينية تمام الأكحل، زوجة شموط، مع زوجة مدير المتحف واستعادت هذه اللوحة التي بقيت منذئذ ضمن مقتنيات عائلة شموط في العاصمة الأردنية، وستتيح كريستيز للجمهور معاينة هذه اللوحة الأخاذة من 15 إلى 17 مارس بدبي في فندق جميرا أبراج الإمارات؛ للتعرف عن كثب على براعتها وأهميتها، قبل عرضها في مزاد الفن الحديث والمعاصر المقرر مساء يوم 18 مارس 2017 في نفس الفندق، وتتراوح القيمة التقديرية الأولية للوحة بين 800.000-900.000 دولار أمريكي.
وتتتبَّع هذه اللوحة المرسومة على القماش من اليمين إلى اليسار، على نمط اللغة العربية، الأحداث التاريخية التي شهدتها فلسطين في القرن العشرين، من «النكبة» ومن ثم حروب الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، وقيام منظمة التحرير الفلسطينية، والشعور المستمر باليأس بين الفلسطينيين وما يقابله من أمل ووحدة تحت رموز مثل علم فلسطين والكوفية الفلسطينية، متطلعين نحو التحرير والحرية والسلام، وأراد شموط من هذه اللوحة الملحمية أن يرصد مأساة شعبه وحلم العودة إلى فلسطين، وهو الحلم الذي لم يتحقق في حياته.
وُلد إسماعيل شموط أيام الانتداب البريطاني على فلسطين، ورحل مع أسرته ونحو 25.000 آخرين عن اللّد في نكبة عام 1948، ثم لجأ مع أسرته إلى مخيم خان يونس في غزة، قبل أن ينتقل لاحقًا إلى مصر المجاورة، ومنها إلى إيطاليا لدراسة الفن. وعندما عاد إلى غزة بعد ثلاثة أعوام استطاع أن يرسّخ سمعته كرسام وناشط معًا. وبعد أن أتمّ دراسته في روما استقرّ به المقام في بيروت، وهناك انضم إلى منظمة التحرير الفلسطينية مديرًا للفنون والثقافة الوطنية في عام 1965، واستمر في الوقت نفسه في منصبَيْه الآخرين أمينًا عامًا لاتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين وأمينًا عامًا لاتحاد الفنانين التشكيليين العرب، وأسَّس أيضًا مجلة Art in Palestine التي تُعدُّ من أوائل المجلات الناطقة باللغة الإنجليزية والمتخصصة في الفنون الفلسطينية. وبعد اجتياح إسرائيل لبيروت في عام 1982 انتقل شموط إلى الكويت التي اضطُر لمغادرتها لاحقًا بعد اندلاع حرب الخليج، ثم استقر به المقام في عمَّان حتى وفاته في عام 2006.