زمن العولمة والانفتاح جعل الكمبيوتر، والإنترنت، والفضائيات، والآيفون والجلكسي، والسهر مع الأصدقاء تقف عوازل في حياة الأسرة المتماسكة، فلن تجد أسرة بشكلها التقليدي الآن. الزوج في مكان، والزوجة مع جيرانها، والأبناء يفضلون الأصدقاء على الآباء والأمهات، فأصبحت هذه الأشياء بمثابة عوازل بين أفراد الأسرة الواحدة.
هناك آثار سلبية ناتجة عن اللهث وراء هذه العوازل بين أفراد الأسرة، فكيف يسيطر الأب والأم معاً؛ لتعود اللحمة لأفراد الأسرة التقليدية؟ أم أن الظروف والعولمة أقوى من كل شيء؟
يقول ناصر راشد، يعمل في مؤسسة حكومية في أبو ظبي: غير مقبول أن تنشغل المرأة عن زوجها وبيتها بأي شيء مهما كانت أهميته، وإن حدث ذلك فلا يوجد مكان لها في بيتها، حيث تتحمل المسؤولية الكاملة، فمنهن المهووسات بالموضة، وما استجد فيها من خطوط وصيحات، عدا عن الرفيقات اللواتي يعزلن الزوج عن الزوجة، ومن ثمَّ تحدث المشاكل؟
ويتفق موسى الجنيبي مع زميله راشد، ويضع الكرة في ملعب المرأة فبيدها هي أن تكون أكثر قرباً من زوجها، وأن تعمل بكل قوتها لإبعاد كل العوازل بينها وبينه ويتابع: "أعتقد أن الحل هو التفاهم بين الزوجين، وتقسيم وقت الزوجة ليكون بين البيت والأبناء والزوج من ناحية، وعملها من ناحية أخرى، بينما انشغالها بالإنترنت والموضة والمسلسلات، وخلافه على حساب مسؤوليتها فهو مرفوض.
بالساعات
هناك الكثير من المغريات التي تجذب المرأة حالياً، مثل الجلوس بالساعات أمام الكمبيوتر والإنترنت، والخروج للتسوق، وهي أمور تحتاج إلى إعادة نظر من الزوج، ويستغرب راشد صالح من حديث الزوجات بأن الأزواج مشغولون عنهن، فبرأيه أنها هي دائماً مهتمة بأبنائها أكثر من زوجها، والتحدث مع رفيقاتها لساعات طويلة عبر الهاتف، يتابع: "لا مفر من أن تأخذ التكنولوجيا بعض الاهتمام من الأسرة المعاصرة، المهم ألا تتحول الأمور إلى إدمان يعوق الطرفين عن إنجاز مهامهما الأساسية كزوجين متفاهمين".
يشير عبدالله الملا، موظف في مستشفى إلى أن الزوجة تبتكر الأعذار، وتجعل الكثير من العمل أمامها؛ لتخلق فعلاً عزولاً حقيقاً أمامها وأمام زوجها، فإما الأبناء وإما الخروج من الرفيقات، وإما مع الأهل لساعات طويلة. وهكذا تصبح مساحة الحوار معها ضيقة جداً، وتكاد تكون معدومة.
ترى شيماء الحاج مدرسة أن الرجال غافلون عمّا يعملون، فبالمقابل يعتبرون المنزل فندقاً للمبيت والأكل فقط وليس مسؤولية، فهي لا ترى زوجها إلا ساعة الغداء؛ حيث يقضي أغلب الوقت مع أصدقائه؛ تستدرك: "معظمهم مشغولون بأشياء تافهة؛ تمنعهم عن مواصلة ومتابعة أسرهم وزوجاتهم وأبنائهم".
فيما تلفت جميلة الأسيوطي، موظفة، إلى غرام الرجل بالسيارات، وتعتبر أن اهتمامه هذا هو بمثابة عزول بينها وبينه؛ فهو مغرم بتبديل السيارات، وقد يتحول فجأة إلى مستشار لأصدقائه الراغبين في شراء السيارات، بينما تعترض سمر محيسن، معلمة، على الكثير من لارجال الذين لا يعون أساساً فكرة الزواج و مسؤولياته. معتبرين أن البيت مكان للمبيت فقط!
فيما تعتبر جميلة جاسم المشكلة في الإنترنت الذي تحول إلى ضرة حقيقية وعزول فعلاً؛ فأغلب الأزواج يقضون ساعات طويلة أمام الحاسوب الشخصي للمحادثة هنا وهناك، ويتجولون بين صفحات التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة.
تشير فاطمة المرزوقي الاختصاصية النفسية إلى أن مسؤوليات الزوجين تجاه بعضهما لابد أن يسودها التفاهم؛ موضحة أن بعض الأمهات يتحملن مسؤولية البيت والأبناء في وجود الرجل، وهو ما يتطلب تفهمه وتعاونه داخل المنزل، ومتابعته شؤون الأسرة والأبناء، إضافة إلى توفير سبل العيش الكريم.
وتضيف: "عدم تعاون الزوج وانشغاله عن المنزل، أو عدم تخصيصه ساعات محددة؛ يجلس فيها مع الأسرة يُحدث لدى المرأة نوعاً من القلق والاكتئاب. وكذلك الزوج حينما يرى زوجته مشغولة عنه دائماً يتصرف تصرفات ربما تبعده عنها".