لم يعد مرض سرطان الثدي حكراً على النساء حيث أشارت الإحصاءات الطبية العالمية الحديثة إلى تزايد نسبة أعداد الرجال الذين يعانون من هذا المرض، إذ تعرف ألمانيا على سبيل المثال نحو 600 إصابة بهذا المرض لدى الرجال يتم تشخيص أغلبها بعد أن يبلغ المرض مراحل متقدمة.
وهذه هي الحقيقة المؤسفة الثانية إذ إنّ سرطان الثدي الذي يصيب الرجال يعتبر أخطر من ذلك الذي يصيب النساء؛ لأنّ الكشف عن المرض لا يتم بصفة مبكرة بل في يتم الكشف عنه في مراحل متأخرة لعدم الوعي الكامل بوجود هذا المرض لدى الرجال الذين يصابون في الغالب بصدمة قوية عند اكتشافهم للمرض وما يترتب عليه خضوعهم لعمليات جراحية وجلسات علاج كيميائي وإشعاعي.
إصابة الزوج بهذا المرض لا يمكن وصفها بالأمر الهين على الإطلاق، فالوضع غالباً ما يكون مؤثراً على نفسية الرجل ودوره في الأسرة وفي علاقته الزوجية على حد سواء خاصة إذا تعرض الزوج لإحدى عمليات الاستئصال، الأمر الذي يتطلب وعياً خاصاً من الزوجة.
"سيدتي نت" استشارت المستشار الأسري عبد الرحمن القراش ليلقي الضوء على الموضوع من الناحية النفسية والأسرية، ويوجه عدة نصائح وتوجيهات هامة للتعامل مع الزوج المريض بما يحافظ على ديمومة العلاقة الزوجية وسلامتها من أي تصدع علماً أن الأسباب الطبية واكتشاف المرض هي ذاتها لدى الرجل.
توقع صدمة الرجل من الإصابة:
بداية يخبرنا القراش عن هذا المرض قائلاً:" السرطان هو داء ارتبط اسمه مع اسم الموت حتى صار يضاهيه رهبة وفزعاً، وصار كل من يسمع باسمه يشعر بالخوف والحزن والأسى، وهذه الاضطرابات النفسية متوقع حدوثها جداً بالنسبة للمريض ومن حوله من أسرته فمن أصعب الأمور على الإنسان أن يعلم بإصابة عزيز عليه بالسرطان أو مرض خطير، حيث تكمن الصعوبة في كون المريض رجلاً فهو أقل تحملاً وصبراً من المرأة."
ويضيف: "يزداد الموضوع صعوبة إن كان ما أُصيب به الرجل من السرطان هو نفس ما تعارف عليه الناس بأنه لا يصيب إلا النساء فكيفية التخفيف عن هذا المريض الذي عادة ما يكون بالغ الحساسية تكون صعبة جداً خاصة على المرأة أثناء فترة المرض والعلاج، وتتضمن الكثير من التغييرات التي تطرأ على المريض ونفسيته مسببة له بعض الاضطرابات المزاجية المختلفة، وهنا لابد عليها من اللجوء إلى الله بالدعاء فبذلك ستجدون الطريق إلى رؤية الأمل في الشفاء، ولابد عليه أن يعي ويتذكر أنّ هناك الآلاف من البشر يمرون بنفس المرحلة فهو غير وحيد في ذلك."
ويقول:"هناك طرقاً لإيجاد الأمل عند المرور بفترات اليأس، فلابد أن يتبادر إلى أذهان أفراد العائلة أنّ هذه الضغوط ستشملهم أيضاً، وهم يختلفون فيما بينهم في طريقة التعبير عن حزنهم وغضبهم بالنسبة للمريض، وبالنسبة للرجال على وجه الخصوص فدائماً ما تختلف ردود أفعالهم فهناك من يغضب في تصرفاته، وهناك من يصمت، وهناك من تنتابه نوبات حادة من البكاء كالطفل الصغير."
دور الزوجة:
الزوجة أمامها دور أكبر في هذه المرحلة مع المريض فهي من ستدعمه وتقدم له المساندة بتخفيف ما يعانيه من ضغوط واضطرابات تتضمن خوفه وقلقه من الغد ومن نظرة المجتمع السلبية له كونه مصاباً بمرض لا يصيب إلا النساء، وماسيتبع ذلك من مسؤوليات البيت والأطفال، فوقوفها إلى جانبه بصدق يحتاج منها إلى:
- أن تساهم في رفع روحه المعنوية بالتعلق بحبال الله وإدراك أنّ ذلك قدر يؤجر عليه، وأن يؤمن بواقعه المكتوب والتعامل معه وعدم إقصاء نفسه من مخالطة المجتمع.
- أن تساهم في إدخال البهجة والسرور إلى نفسه وتحمل عصبيته الزائدة الناتجة من معاناته مع المرض، فكم من مريض بعون الله شفي بسبب العامل النفسي الجيد الذي قدمته الزوجة لزوجها.
- أن تساهم في مساعدته على التخلص من هواجس الموت، وأنّ الموت مكتوب في أبسط أمور الحياة الغير متوقعة.
- أن تساهم في تقليل الإحساس باليأس الذي ينتابه وقت الألم من وقت إلى آخر .وألا تشعره بأنّ مرضه أثر على علاقتها الزوجية، أو الحميمية بشكل سلبي، وأنّ مثل هذه الأمور سيتم تداركها مع الوقت.
دور المستشفيات:
كما يجب على المستشفيات إنشاء فرق دعم نفسي للتعامل مع الحالات المرضية الصعبة وتأهيل المرافقين والقائمين على شؤونهم في المنزل لتوجيه، وإرشاد المريض ومعاونته لتعلم أساليب جديدة للتأقلم مع المرض ومعايشته.