أثارت تصريحات الممثلة والمخرجة المغربية، بشرى إيجورك، في لقاء إذاعي أغضب مغربيات الخليج؛ اللائي أصدرن بياناً موقعاً بأسمائهن وصفتهن والمهن التي يمتهنّها في الخليج، يطالبنها بالاعتذار؛ لأنها حسب البيان، الذي تلقت «سيدتي نت»، نسخة منه، أساءت لهن باعتبارهن سفيرات الذل والمهانة، ولا توجد من بينهن، مهندسات، ولا طبيبات؛ فيما ترفض إيجورك الاعتذار؛ لأنها ترى نفسها، غير مخطئة.
«سيدتي نت»، اتصلت ببشرى إيجورك، التي أوضحت عدم التراجع عن تصريحاتها، وقالت: أنها لن تعتذر؛ لأنها لم تخطئ، ولم يكن قصدها الإساءة للنساء المغربيات في كل أنحاء العالم، لكن الكلام عندما يخرج من سياقه، لابد أن يفهم بشكل آخر، فالموقع الذي وُضع عليه جزء من اللقاء الإذاعي، بتر السؤال، وترك فقط الإجابة.
صرخة امرأة
وتسترسل قائلة: الإذاعي عادل بلحجام، استجوبني، كيف استلهمت شخصية «نوال» في المسلسل الرمضاني، «دموع الرجال»، وهو الدور الذي جسدته، والذي كنت ضمن ورشة كتابة للعمل، والمشرفة، والذي يحكي عن فتاة تعيش على الحلم الخليجي، شابة فقيرة ترغب في أن تعمل مصففة شعر، لكن تعيش تفاصيله، أو تتهيأ له، وإن لم تغادر بعد أرض المغرب، بتقمص شكل ومظهر الفتيات اللواتي يتجهن إلى الخليج، ويقعن في شراك شبكات النخاسة، واللواتي عاينتهن، عندما زرت مدينة الإعلام بدبي عام 2008، ومكثت فيها أربعة أشهر؛ لأجل القيام بالمونتاج للأفلام الوثائقية؛ التي قمت بإخراجها، فكنت أعاين المغربيات؛ بشعرهن الأسود، والكحل الأسود؛ ليستجبن لذوق الرجل الخليجي.
أما فيما يخص؛ ما اعتبره البعض تصريحاً، أو أنني تفوهت به في اللقاء، كون المغربيات في الخليج، سفيرات الذل والمهانة، فهذا لم يكن إلا مقالاً كتبته عام 2007، في جريدة يومية؛ كرد فعل على موقف حدث معي في الحدود السورية، عندما تعاملت معي الشرطة بشكل غير لائق؛ لأن جواز سفري يحمل صفة فنانة، فكان المقال أو العمود، كصرخة من امرأة، ضد من يحاول أن يهين شرفنا، وأيضاً اللحم الأنثوي المغربي؛ الذي يباع في دول الخليج، وآنذاك لم تتضامن معي أية امرأة من الخليج، أو تبدي أية ردة فعل.
خلل يجب معالجته
يعقب الإعلامي المغربي، حسن الهيثمي، على الضجة التي حدثت بسسب تصريحات إيجورك، ويقول: "لا يمكن نفي ما عبرت عنه الفنانة والزميلة، بشرى إيجورك؛ لأن ذلك كان موضوع مجموعة من التحقيقات الصحفية، ولا يمكن إنكاره بأي حال من الأحوال، ومن وجهة نظري، فإن الحديث عن هذا الملف، مثل الذي يعترف بوجود «دمامل» في جسمه؛ فيعرضها على الطبيب؛ من أجل تجفيفها ومعالجتها، أما السكوت عنها وإخفاؤها؛ فإن ذلك يؤدي إلى تعفنها، ويقتضي الأمر حينئذ بترها".
ويضيف: "لهذا، لا أرى أي سبب للانتقادات التي تعرضت لها بشرى، بسبب صراحتها؛ التي لا تنقص من شأن باقي المغربيات، اللائي نعتز بهن، ويرفعن رأس الوطن عالياً، لكن في المقابل، يجب الحديث عن اللائي يمرغن وجه هذا الوطن في التراب، ومنهن بطبيعة الحال، من يقعن ضحية لشبكات الدعارة العابرة للقارات، ومهما أثاره هذا الموضوع من نقاش، يظل ضرورياً من أجل وضع اليد على الجرح، وبدل محاولة «تكسير» الإصبع الذي يشير إلى الخلل، ينبغي الالتفات إلى هذا الخلل؛ للاعتراف به، ثم معالجته".
التعميم يسيء للكثيرات
إيمان بن تاوت، مغربية متزوجة، تقطن دبي منذ خمس سنوات، تعمل كاستشارية في التدبير والتسيير، في إحدى الشركات العالمية، تقول: "إنها تتفهم ماورد على لسان بشرى إيجورك، لكن يجب ألا نقع أبداً في التعميم، والإساءة لمغربيات شريفات، حيث تغير مفهوم هجرة النساء اليوم ومند الثمانينيات؛ لأنهن انخرطن في التطور الاجتماعي والاقتصادي، وأصبحن ملزمات بتغيير وضعهن نحو الأفضل، ولابد من تجاوز نظرة التبخيس للموظفات الصغيرات كالسكرتيرات والعاملات في مجال التزيين والحلاقة".
وتضيف: "فهنا مثلاً في دبي، تمنح لهن فرصة جيدة للعمل، وبراتب يضمن لها حق عيش كريم، لها ولعائلتها أيضاً، فالسكرتيرة هنا يصل راتبها إلى معدل 3000 درهم إماراتي، مايعادل 7000 درهم مغربي، ويضمن لهن المشغل، بدل النقل والسكن، وأعرف بنات يرسلن نصف راتبهن لعائلاتهن في المغرب، أما التشبه بمظهر إماراتي، كما حكت الممثلة بشرى، فهو أمر مغلوط، لا يرتبط فقط بجلب انتباه الرجال الخليجيين، بل هو طريقة للاندماج في مجتمع مختلف".
وهناك مغربيات متزوجات من خليجيين، يرتدين العباءات، ويحرصن على أناقة خليجية، ويتحدثن بلغة الإماراتيين نفسها؛ لأنهن جزء من هذا البلد، وحريصات على إرضاء أسرهن، أرى أن هذا النقاش فرصة سانحة لتجاوز النظرة النمطية؛ عن مغربيات الخليج اللواتي يعملن بكفاءة وشرف؛ لأجل لقمة عيش كريم لاغير، مثلهن مثل سائر المغربيات المهاجرات في أوروبا أو أمريكا أو غيرها من القارات.
بيان مغربيات الخليج
ورد في نص البيان، الذي أصدرته مغربيات الخليج، ومن بينهن صحافيات، ما يأتي:
نحن -السيدات المغربيات- المقيمات بدول الخليج العربي، الموقعات أسفله، ببالغ الاستغراب والأسف، تلقينا الشهادة المهينة، والتعميمية، وغير المسؤولة، التي جاءت على لسان الممثلة والمخرجة المغربية، بشرى إيجورك، قبل بضعة أيام، على إذاعة «راديو بلوس» الدار البيضاء، في حق بنات بلدها «مغربيات الخليج».
وعدد عن موجات الإذاعة، انتشرت هذه التصريحات الجزافية والجارحة، والتي لم تنتج عن أي دراسة ميدانية علمية أو إحصائية، على موقع يوتيوب، وموقع جريدة إلكترونية «في شكل فيديو مصور، ما زلنا نحتفظ بنسخة منه»، فهالتنا مضامينها السلبية والقدحية، التي طالت شرفنا جميعاً من دون أي استثناء، حيث قالت إيجورك بالحرف «كلهن كذلك، ليس فيهن لا طبيبات ولا مهندسات»، وأضافت «أنا أعتبرهن سفيرات الذل والمهانة»، متناسية المكانة المشرفة التي باتت تحتلها المرأة المغربية في دول الخليج العربي، كما في سائر دول العالم؛ بفضل علمها وعملها وجهدها وغيرتها على اسم المغرب.
هذه التصريحات، مست كرامتنا، كسيدات مغربيات حرائر ومستقلات، وكرامة جميع المغاربة، الذين ينتسبون إلينا وننتسب إليهم، بما فيهم أزواجنا وآباؤنا وإخواننا ومواطنونا عموماً، وأثارت استنكار إخواننا مغاربة الإمارات وباقي الدول الخليجية، وعممت أوصافاً تخص شريحة محدودة من بنات بلدنا الحبيب، يعشن وضعية خاصة، على سائر المغربيات المقيمات في الخليج، من دون أي تقدير للمسؤولية الإعلامية والأخلاقية.
واستغربنا كثيراً، نحن -مغربيات ومغاربة الخليج- بل صدمنا من الطريقة التي تحدثت بها فنانة ومحررة عمود سابقة، يشترط فيها التتبع والمواكبة لموضوع حساس جداً، موضوع قادت الكثير من القوى الحية في البلاد وخارجها والغيورة على اسم بلدها، ولا زالت تقود حروباً لمسح هذه الآراء المسبقة، وأحكام القيمة التعميمية، والتي يفترض بفنانة مرهفة الإحساس، مثل بشرى إيجورك، أن تنأى عنها، فما بالك الترويج لها بشكل غير مسؤول.