سعوديات يصنعن الخبز والحلوى.. و«العالمية»

5 صور
يعتبر توظيف السعوديات، تحدياً يواجه الجهات الرسمية في السعودية، وتجلس نسبة البطالة لدى الإناث على رأس الأولويات، نتيجة انحسار الفرص الحكومية في قطاعي التعليم والصحة، وضعفها في القطاع الخاص بسبب بعض العوائق الاجتماعية، وضعف المردود المادي من الوظائف المتاحة.
غير أن تجربة أكبر مطبخ نسائي في السعودية -تقوم عليه قرابة 100 شابة سعودية يعملن في مجموعة «الطازج»- تمثل خطوة فتحت من خلالها أبواب المسؤولية الاجتماعية أمام الفتيات في إدارة مفهوم غذائي سعودي، وتصديره محليًا وخارجيًا منافسًا بذلك الأسماء الغذائية العالمية.

على امتداد الكيلومتر 16 جنوبي مدينة جدة في السعودية، هناك ما يربو على 100 فتاة سعودية، يصنعن بأيديهن حكاية واحدة من أهم الماركات الغذائية الوطنية في السعودية، التي باتت اليوم موجودة في 63 فرعًا في السعودية، و27 فرعًا خارج المملكة، في كل من الأردن، وقطر، والبحرين، ومصر، ودبي، وأبو ظبي، والشارقة.

المطبخ السعودي
وإذا كان هناك من يتحدث عن ثقافة الأكل القادم من دول الغرب، وكيف أن السادة «كنتاكي»، و«ماكدونالدز»، و«هارديز» باتوا جزءاً لا يتجزأ من حياة السعوديين، فإن هذا المطعم تشرف على عالمه السري في الخلطات مجموعة من الفتيات السعوديات، اللاتي حوّلن «المطبخ السعودي» إلى «ثقافة عالمية».
وبلغة لا تخلو من رائحة التخصص، تقول أمل السلمي، مشرفة الجودة في مجموعة الطازج: «إن مشوارها الأكاديمي امتزج بتجربتها الميدانية؛ ليكونا خلطة من النضج المهني (عشرات الفتيات يشاركنني الحلم يومياً في الحفاظ على أعلى مستويات الجودة)»، وتضيف: «يوميًا نقوم بعشرات الخطوات الصحية؛ لنصل للناس بوجبة سعودية منافسة».

من عاملة نظافة إلى مشرفة
وتقول سارة شراحيلي، التي بدأت مشوارها عاملة للنظافة قبل عدة سنوات؛ لتصبح اليوم مشرفة على النظافة في مطبخ الطازج، والتي أكسبها عملها خبرات متعددة، وجعلها تثق أكثر في نفسها: «كانت بدايتي متواضعة، واليوم أنا أتابع كل شيء، وعيني على الجودة وسمعة بلادي». وتضيف شراحيلي لـ«سيدتي»: «لقد أثبتت الفتاة السعودية أنها سفيرة لبلادها حتى وهي تمارس عملها في هذا المطبخ سعودي السمات، عالمي السمعة».
السعوديات مسؤولية اجتماعية
من جانبها ترى عفاف الجلال، مديرة قسم المسؤولية الاجتماعية بمجموعة الطازج: «إن اختيار السعوديات للعمل في أهم أقسام الطازج يأتي انطلاقًا من دور المجموعة تجاه مسؤوليتها الاجتماعية من توظيف السعوديات، وإحلال العمالة الوطنية».
وتتابع الجلال في تصريح لـ«سيدتي»: «نعمل يومياً على دراسة عشرات الاقتراحات التي تثري وجود هؤلاء الفتيات في كافة قنوات الإنتاج، ونعتبر أن إثبات كفاءة السعوديات هو أولوية في أدائنا، خاصة أن تنويع مصادر التوظيف أمام السعوديات بات أمراً ملحاً أمام تزايد نسب البطالة في أوساط الإناث نتيجة انحسار الفرص أمامهن».
ساعات عمل الفتيات التي تمتد 8 ساعات، وأكثر أحياناً، لا تراها نورة الغامدي، وهي عاملة في مطبخ الطازج، الذي يغذي فروعه المنتشرة، بأنها ساعات طويلة، إذ تقول: «روح العمل الجماعي تجعلنا نقف أمام آلاف المهام اليومية بثقة ودقة.. لقد أصبح المكان جزءاً من حياتنا».
سعوديات.. هل يعقل ذلك؟
ولا يكاد يعرف معظم السعوديين، أو غيرهم من الجنسيات الأخرى، ممن يصطفون أمام كاونترات الفروع لشراء وجباتهم المفضلة، أن أيادي سعودية ناعمة تقف وراء إنجاز عشرات الأنواع المختلفة بدءاً بالسلطات، ومروراً بالوجبات، وصولاً للحلويات الطازجة. ويقول فيصل باغانم، وهو طالب جامعي: «مفاجأة أن فتيات من بلادي خلف هذا النجاح.. أسبوعياً آتي ورفاقي لتناول وجبتنا، ولعل معرفتي بأن فتيات سعوديات في الخطوط الخلفية سيجعلني أثق أكثر بعوامل الجودة والتميز».
من جانبها ترى أبرار الحازمي، وهي موظفة في أحد البنوك، أنه يجب إبراز مشاركة الفتاة السعودية في هذا النجاح، وإظهار فعاليتها أمام العالم، خاصة أن هذه الوجبات السعودية بدأت تشكل غزواً معاكساً في دول عربية وغربية، بدلاً من دورنا السابق كمجتمع استهلاكي فقط لكل ماركة قادمة من الخارج.
الخطط مستمرة
وتعود مديرة المسؤولية الاجتماعية في مجموعة الطازج؛ لتؤكد أن هناك خططاً مستقبلية في التوسع حيال مشاركة الفتاة السعودية في أعمال المجموعة بعد النجاح الذي حققته الفتيات في معدلات الإنتاج والالتزام والانضباطية.
وبالعودة إلى الجلال، مديرة قسم المسؤولية الاجتماعية بمجموعة الطازج، «فإن هناك أفكاراً تدرس الآن على نار هادئة؛ للخروج بمشاريع نسوية 100 في المائة، وتنسجم مع نشاط المجموعة، ومسؤوليتها الاجتماعية».