كانت المرأة ترافق ابنتها وتهمّ بالدّخول إلى المركز التّجاري الشّهير «غاليري لافايات» بمدينة «تولوز» «جنوب فرنسا» عندما اعترضها أحد الحرّاس في الباب لتفتيشها، وهو إجراء وقائي روتيني معمول به في العديد من الأماكن العامّة منذ تعرّض فرنسا إلى أعمال إرهابيّة. ولكن حصلت في تلك الأثناء مفاجآت كثيرة، وأصبحت المسألة قضيّة رأي عام.
لمَّا همّت المرأة بدخول المتجر الشّهير طلب منها أحد الحرّاس فتح حقيبة يدها لتفتيشها فامتثلت للأمر، وفتحتها لإظهار ما بداخلها، وكان من المفروض أنّ هذا كافٍ ليدعها تدخل، ولكنّه طلب منها نزع «البونيه»، وهو غطاء صوفي كانت تضعه فوق رأسها، للتثبّت إن كانت تخفي تحته شيئًا، فامتنعت في أدب، ورجته أن يعفيها من ذلك، ولكنّه أصرّ وكلّما زاد رجاؤها زاد إصراره، وأمام تمسّكه بطلبه بصرامة نزعته لتظهر أمام النّاس أنّها صلعاء!
كانت مفاجأة مذهلة للجميع.
السّبب
وحال عودتها إلى البيت قامت الابنة التّي كانت مرافقة لوالدتها بسرد تفاصيل الحادثة على مواقع التّواصل الاجتماعي «الفيس بوك» بنبرة غاضبة، ولكن بأسلوب مؤثّر وبليغ، وكشفت أنّ أمّها مصابة بداء السّرطان، وأنّها تخضع للعلاج الكيميائي، وقد تساقط كلّ شعرها بسبب ذلك، وقالت إنّ الحارس الذي وصفته بـ«كلب الحراسة الصّغير» قد أهانها وجرح مشاعرها بإصراره على أن تنزع أمامه غطاء رأسها أمام النّاس بتعلّة تفتيشها لأسباب أمنيّة، واضطرّها إلى أن تظهر مكرهة أنّ شعرها تساقط كلّه.
موجة من التّعاطف
بسرعة البرق انتشر الخبر على مواقع التّواصل الاجتماعي وتبادله عدد كبير جدًّا من النّاس فقامت موجة عارمة من التّعاطف مع المرأة والتأثّر الشّديد لما تعرّضت له والسّخط والإدانة لتصرّف رجل الحراسة، وتلقت إدارة المركز التجاري الرسائل الإلكترونية والمكالمات الهاتفية المندّدة بهذا التصّرف، ووصل صدى الحادثة حتى إلى خارج فرنسا؛ فقد اتّصل صحفي من أستراليا بالمتجر الشّهير ليعبّر عن غضبه وتأثّره، وحصل ما يشبه «الهيجان العاطفي»، وإجماع على وصف ما فعله الحارس مع المرأة بأنه عار وفضيحة، وبلغ الغضب أشده بالمطالبة من الإدارة بطرد الحارس وفصله عن عمله ومطالبة النّاس بمقاطعة المتجر الشهير المختص في بيع الملابس الرّاقية ومواد الزينة والمكياج الفاخرة.
اعتذار
أمام ردود الفعل الغاضبة المتزايدة التّي بلغت حدًّا خافت فيه إدارة المركز التجاري فعلاً من المقاطعة اضطرت إلى إصدار اعتذار رسمي للمرأة سعيًا لجبر خواطرها، كما ردت على كل الإيميلات الغاضبة فردًا فردًا، ووعدت بأن مثل هذا الأمر لن يتكرّر مستقبلاً أبدًا، مؤكّدة أن ما حصل عمل فردي منعزل، ومخالف لتقاليد المتجر، وأن الحارس أفرط في تطبيق التعليمات، وأن كل واحد يمكن أن يرتكب أخطاء، ولكن الإدارة أكدت أنها لن تفصل الحارس من عمله.