من القصص الفكاهية المستوفاة لشروط مسابقة «سيدتي» للقصة الفكاهية القصيرة، نقدم لكم قصة: «لوحة سهير» لريهام السيد علي. مع العلم أن القصص لم تخضع لأي تصحيح، عدا التصحيحات اللغوية والإملائية، على أن تقوم لجنة الجائزة باختيار الأصلح بينها.
لوحة سهير
لا يستهويني شيء في الحياة كاقتناء اللوحات الجميلة، يلقبني أصدقائي بصاحب الذوق الرفيع (لا يعلمون أنني لا أفقه كثيرًا في الرسم، وقد تركتهم يعتقدون أنني من رسمت تلك اللوحات). لا أفضل اقتناء لوحات المناظر الطبيعية. فقط أقتني النساء الجميلات والأطفال الصغار، فأنا أعيش مع عشرة وجوه على الأقل: ست نساء وأربع أطفال باستطاعتهم تعويضي عن وحدتي. صحيح أني متزوج، لكن لا أحد يعلم ذلك، فزوجتي ستتم اليوم عامها الثاني في بيت أبيها. لا أذهب لمعرض بعينه. فقط أتجول بين المعارض لأحصل على الأفضل. شدتني تلك اللوحة لتلك المرأة الجميلة. بالتأكيد هي حب قديم لذلك الرسام، لكن هل انتهت قصة الحب نهاية مأساوية فقرر ذلك الرسام أن يرسم حبيبته؛ وفاءً لتلك الذكرى؟. هل ماتت تلك المرأة؟ أم زوّجها أبوها لأول ثري عائد من الخليج وتركه بناره كما فعل معي أبو علا؟ علا. كم تشبهها تلك المرأة؟! عيناها الغاضبتان لو سلطتهما على شيء لأحرقته!. لكن لم تكن تلك المرأة غاضبة إلى ذلك الحد؟ ابتعدت عنها وتجولت في أرجاء المعرض، وكلما نظرت باتجاهها أرى عينيها مثبتتين عليّ، كأنها تناديني وترجوني أن آخذها بعيدًا ذهبت إليها، وأخذت أحملق فيها حتى لفتت انتباه صاحب المعرض. سألته عن صاحبة تلك اللوحة وعمن رسمها. أجاب بأنها رُسمت في الثمانينات ولا يعرف من رسمها. لكنه يُفضّل تلك اللوحة عن باقي لوحات المعرض، وربما يعدل عن رأيه في بيعها. حين سألته عن سعرها أجابني بسعر أقل من كل اللوحات الموجودة، مما أدهشني حقًا. ستدعو لي قالها صاحب المعرض. لم أفهم قصده بالضبط. انطلقت إلى بيتي وأنزلت لوحة لإحدى نسائي الست لأضع اللوحة الجديدة. لا زالت تنظر تلك المرأة إليّ، ولكن خفّ غضبها قليلاً، ربما لأني استجبت لطلبها وأبعدتها عن ذلك المعرض. لا أعلم كم من الوقت مر وأنا واقف أمامها، شيء ما يجذبني نحوها كلما هممت بالرحيل، لكن عليّ الآن الاستجابة لنداء معدتي الجائعة، فسأذهب لإعداد طعام الغداء. عندما عدت وجدت الكرسي الخشبي يهتز، لمحتها؛ تلك المرأة في اللوحة تجلس عليه. عدت مرعوبًا إلى المطبخ ثم عدت إلى اللوحة فوجدتها قد عادت إليها. لا ليست أوهامًا لقد رأيتها. اتصلت على صديق لي رسام وهو مَنْ نصحني بالذهاب إلى ذلك المعرض ورويت له ما حدث.
إنت اشتريت لوحة سهير؟ سألني صديقي
- من سهير؟ كان سؤالي
- سهير فتاة جامعية متحررة، كانت تذهب ليلاً لشقة الرسام كي يرسمها. وُجدت مقتولة في المقطم ولم يُعرف قاتلها. كانت لوحتها تضحك في البداية ثم تحولت إلى الغضب بعد موتها، نسميها في محيطنا اللوحة المسحورة، فهي تقلب البيوت التي تدخلها رأسا على عقب، فإن أعجبتها فستغني لك بصوتها الجميل، ثم تطبخ لك طعامك وتغسل ثيابك وتوفر لك أجرة خادمة.
- وإن لم أعجبها؟
- إدعِ الله أن تعجبها.
- فأول من اقتناها وُجد مقتولاً بسكين في حمام بيته، بعد إعلان خطوبته مباشرة، أما آخر شخص كانت بحوزته تلك اللوحة فقد شنق نفسه ليلة زفافه، أو ربما شنقته هي، فسهير لا تقبل بتواجد امرأة أخرى معها في المنزل.
- مقتولاً بسكين ومشنوقًا. كم تحب التنوع!!
- هي لا تنتقم من النساء إذن؟ فقط الرجال، استفهمت من صديقي.
- أجل هي لا تنتقم إلا من الرجال.
- على الجانب الآخر من المكالمة ناداني صديقي بعدما صمت طويلاً: لا تخف فأنت غير متزوج ولا ترغب في الزواج كما أخبرتني.
- في نفس اللحظة سمعت صوت سهير تغني، حقًا صوتها جميل، قررت الآن ألا أصالح زوجتي أو غالباَ سأطلقها، وسأكتفي بسهير.
مسابقة القصة الفكاهية: لوحة سهير
- ثقافة وفنون
- سيدتي - ريهام السيد علي
- 02 يونيو 2017