اهتزّت إيطاليا كلّها تأثرًا بمأساة «غلوريا» «26 عامًا»، التّي هلكت في الحريق، الذي التهم البرج السّكني بمنطقة كنيسنغتون، غربي العاصمة البريطانيّة.
فقد كانت هذه الشابّة الإيطاليّة ليلة الواقعة، موجودة مع زوجها ماركو، وعمره27 عامًا، في شقّة في العمارة بالدور 23، ومنذ اندلاع الحريق بعد منتصف اللّيل، كانا على اتّصال هاتفي بأسرتيهما في إيطاليا لوصف الوضع الصّعب الذّي كانا فيه وهما محاصران بالنيران.
لقد قدما إلى لندن منذ ثلاثة أشهر بحثًا عن عمل؛ فهما مهندسان معماريّان شابّان، ولم تتوفّر لهما الفرصة التي يحلمان بها في بلادهما إيطاليا؛ فقرّرا الهجرة إلى بريطانيا، وقد اختارا السّكن في شقّة صغيرة بهذه العمارة نظرًا لانخفاض الإيجار فيها؛ حيث خصّصتها الدولة منذ أكثر من أربعين عامًا لذوي الدخل المحدود.
يرمون الأطفال من النّوافذ
عندما اندلع الحريق في الواحدة فجرًا وبدأت ألسنة اللّهب تلتهم برج «غرينفيل» وعمّ الدّخان الشقق والأروقة، ارتفعت صيحات السكان طلبًا للنجدة، وأطلّت النّساء مذعورات من النّوافذ يطلبن النّجدة، ومنهنّ من رمين بأبنائهنّ من الطوابق العليا أملاً أن يقعوا بين أيدي المنقذين، وهناك من قفز، وهناك من أنقذه رجال المطافئ، وهناك من استسلم لقدره.
وقد سرّبت الصّحف الإيطاليّة نقلاً عن أم غلوريا بعضًا مما دار من حديث مع والدتها، ومكالمات «ماركو» مع أبيه، وتصدّرت صورهم الصفحات الأولى لأهمّ الصّحف الإيطاليّة.
وتبيّن أنّ ماركو اتّصل بوالده ليقول له: «الدخان عمّ المكان، ولكن لا تقلق؛ فرجال المطافئ سيصلون»، وفي مكالمته الثّانيّة كان أكثر قلقًا؛ فقد قال لأبيه: «فتحنا الباب ولكننا لم نقدر على الخروج؛ فالدخان عم المكان والمصاعد الكهربائية تعطلت»، وقالت غلوريا لأمها: «لم نقدر على الخروج فنحن محاصرون»، وقد حاولا النزول عبر السلالم ولكنهما خشيا أن تعترضهما ألسنة اللهب؛ خاصّة وأنّ الدخان ازداد كثافة.
رسالة الوداع
وعلى الساعة الرابعة فجرًا، كانت آخر مكالمة من غلوريا لأمّها لتقول لها: «أمّي أشعر أنّي سأموت، يا حسرتي على نفسي؛ فالحياة أمامي ولكنني سأموت، كان بودّي أن أعيش لمساعدتكم، ولأردّ لكم الجميل، كان بودي أن أقبلك لآخر مرّة ولكن لن أستطيع، لا أريد أن أموت، شكرًا لك على كل ما فعلته معي.. ثم انقطع الكلام...