يُعدُّ المنزل المؤسسة الأولى في المجتمع، وهو أساس العلاقات الاجتماعيَّة والمخرِج الأهم لأفراد أسوياء معتدلين نفسياً، غير أنَّ جميع الأسر تُعاني من حين لآخر من المشاكل والمشاحنات بين الزوجين؛ ومن الصعب إخفاء هذه المشاحنات عن الأبناء، وقد يعتقد البالغون أنَّ الأطفال لا يصابون بالتوتر والضغط النفسي، لكن عندما ينشأ الأطفال في بيئة جدليَّة محاطة بالمشاكل بين الأبوين فإنَّه من الممكن أن يؤثر ذلك سلباً عليهم.
«سيدتي» تواصلت مع الاختصاصيَّة النفسيَّة، وئام العمري، لتبيِّن لنا كيف تؤثر المشكلات الزوجيَّة على نفسيَّة الأطفال، وكيف يمكن تفادي آثارها السلبيَّة عليهم؟
بداية أوضحت العمري أنَّ احتياجات الطفل تنبع مبدئياً من الحاجة للشعور بالأمان والاستقرار، فزعزعة هذا الجانب قد يؤدي إلى ظهور مشكلات نفسيَّة عند الطفل ومنها:
ـ القلق بمظاهره المختلفة كمص الأصبع وقضم الأظافر؛ كما نجد أنَّ الطفل سريع الغضب وقد يُعاني من نوبات الهلع لعدم قدرته على التعبير عن مشاعره والتعامل معها بطريقة صحيحة، بالإضافة لظهور الخجل، والعزلة الاجتماعيَّة، وضعف تقدير الطفل لذاته لتركيزه على الجوانب السيئة في حياته، كما قد يُعاني من مشكلات في النطق كألتأتأة والتعلثم.
ـ تدني في المستوى الدِّراسي، وقد يحاكي الطفل سلوك والديه أثناء المشكلات فيصبح عدوانياً، سواء لفظياً أو جسدياً.
ـ كبت هذه المشاعر قد يظهر في صورة أعراض جسديَّة ذات منشأ نفسي كالآلآم الجسديَّة المختلفة والتبول الاإرادي.
ـ قد تتولد لدى الطفل مشاعر الخوف من انفصال الوالدين، وقد يجد نفسه عائقاً لهم؛ لذا قد يحاول الهروب من المنزل ويكون هذا السلوك مدعاة لهم للاهتمام به، أو قد يجد أنَّ الانضمام لأصدقاء السوء متنفساً لمشاعره، أضف إلى ذلك تعاطي المواد المخدرة الذي يزداد خطورة في مرحلة المراهقة.
ـ كما أنَّ الأبناء الذين عاشوا حياة أسريَّة غير مستقرة قد يصبحون عاجزين عن تكوين أسرة في المستقبل.
• كيف يمكن علاج هذه المشكلات؟
أوضحت العمري أنَّه يمكن علاج هذه المشكلات لدى الطفل من خلال برامج علاجيَّة تُقدَّم في العيادات النفسيَّة مع تقديم الاستشارات الأسريَّة للزوجين، وذلك للتوصل للحلول المناسبة لتلك المشكلات الأسريَّة.
وأضافت: أنَّه يمكن أن نتجنَّب تعرُّض الأبناء للمشكلات النفسيَّة، وذلك بأنَّ يتدارك الوالدان الأمر في حال حدوث مشكلة بينهما أمام الأطفال عن طريق المناقشة بهدوء واحترام، مع الحرص على تقديم الأعذار للطرفين حتى يكونا نموذجاً جيِّداً يتبعه الطفل في كيفيَّة التعامل مع المشكلات التي قد يتعرَّض لها في حياته مستقبلاً.
كذلك لا بد من مناقشة الطفل عند شعوره بوجود مشكلة ما بين والديه، والتوضيح له بأنَّ المشكلات جميعها لها حلول ولا يعني ذلك تفكك الأسرة وحرمانه منها أو التخلي عنه. لذا ينصح بشدَّة مناقشة المشكلات بعيداً عن أنظار ومسامع الأبناء وعدم إيصال شعور عدم الاستقرار لهم.