ضمن الفعاليات الثقافية بسوق عكاظ: ندوة اللغة العربية في إسبانيا

جادة سوق عكاظ
ندوة اللغة العربية في إسبانيا
3 صور
المملكة العربية السعودية رائدة في خدمة مسارات اللغة العربية، وتدريسها في جميع دول العالم؛ حيث نُظمت ضمن الدورة الحادية عشرة من فعاليات سوق عكاظ، ندوة «اللغة العربية في إسبانيا»، التي تأتي ضمن برنامج الفعاليات الثقافية، شارك فيها مختصون من المملكة العربية السعودية والمغرب وإسبانيا، وذلك في الخيمة الثقافية بالسوق.

إقبال إسباني على دراسة التراث الإسلامي
واستعرض الدكتور إغناثيو كوتيرث بنيتا، الأستاذ في جامعة مدريد، في مداخلته، تاريخ الأندلس والحضارة العربية ومكانتهما في تاريخ إسبانيا؛ مشيرًا إلى أن دراسة التراث الإسلامي وتجلياتها الراهنة في إسبانيا الحديثة، شهدت زخمًا كبيرًا في العقود الأخيرة؛ بفضل الاكتشافات والتنقيبات الجديدة، وتطور آليات البحث العلمي، واستعداد جزء كبير من المجتمع الإسباني ومعه الأوساط الثقافية المحلية، للتعامل الصريح والإيجابي مع التركة الإسلامية الأندلسية، لافتًا إلى أن الأندلس لعبت دورًا كبيرًا في نقل التأثيرات المعمارية والفنية الإسلامية إلى أوروبا، بصفتها حلقة الوصل بين آسيا وأفريقيا من جهة، وبين أوروبا من جهة ثانية؛ حيث أحس الأوروبيون بأهمية وقيمة الحضارة الإسلامية العربية؛ فأقبلوا على دراستها.

فنون الخط العربي وجمالياته
وتطرق إلى الكتابة العربية وجمالياتها الأندلسية، فنيًا وحضاريًا، لافتًا إلى أن الخط العربي يتميز بأنواعه المختلفة، وتنوع خصائصه التي تجعله قابلاً للاستخدام في الزخرفة والزينة.
كما تطرق إلى تطور الخط العربي في الأندلس؛ حيث استخدم في التزيين منذ وقت مبكر من الوجود العربي في الأندلس، ولم تقتصر تلك النقوش والزخارف على الآيات القرآنية، بل شملت نقش أسماء السلاطين والأدعية والأمثال والحكم وتواريخ إنشاء المباني؛ مشيرًا إلى أن الخط الكوفي هو الغالب، بعدما توسع غربًا من مصر، ابتداء من القرن الهجري الثاني.

تأثر اللغة الإسبانية باللغة العربية
من جهته، تطرّق الدكتور نيقولاس روزير نبوت، الأستاذ في جامعة مالقة، في مداخلته، إلى لفظين قديمين يدلان على اللغة العربية كاسمين خاصين لها، لا ينطبقان على أية لغة أخرى، أولهما: «الخاميا» بمعنى العجمية – اللغة العجمية – مثلما هو معناه في العربية؛ أي لغة العجم – لغة غير العرب – لغة من ينطق العربية؛ موضحًا أن سبب وجود هذا المفرد العربي في اللغة الإسبانية بالدلالة نفسها التي لها في اللغة العربية، هو أن المسلمين في الأندلس كانوا يطلقون هذا الاسم على اللغات المنطوق بها عند سكان الممالك المسيحية الشمالية في أيبيريا، التي كانت تنافس الأندلس في الحكم على شبه جزيرة أيبيريا، وانتقل هذا الاسم إلى سكان تلك الممالك الشمالية المسيحية، وكانوا يعرفون أن لغتهم هي عجمية بالنسبة للعربية.

أما المفرد الثاني، هو: «الغارابيا»، وهو مأخوذ من اللفظ العربي «العربية»؛ مُبينًا أن المعنى الأول لهذا المفرد هو اللغة العربية نفسها، وهو المعنى في اللغة الإسبانية الفصيحة، والتي هي اللغة الوحيدة مع اللغة اللاتينية التي لها اسم خاص بالإسبانية، لافتًا إلى أن اللفظ قد تبنى معنى آخر من المفهوم الشعبي لـ«الغارابيا»، وهو البلبلة والشغب والصخب والضجيج؛ لأن الإسبان المسيحيين حينما كانوا لا يفهمون الكلام العربي بين العرب المسلمين الذين كانوا بجوارهم، كانوا يشبهونه بالصراخ والغموض.
وأشار الدكتور نيقولاس إلى انتشار تعليم اللغة العربية في إسبانيا؛ حيث يتم تدريسها في الجامعات والمعاهد الرسمية للغات والمعاهد الخاصة، مبينًا أنه يتم تعليمها في الجامعات، إما في إطار الإجازات الخاصة بالعربية والدراسات العربية والإسلامية، أو في مواد إضافية لدراسات وإجازات أخرى.

كتاب اللغة العربية في إسبانيا
وتحدث الدكتور ماء العينين العتيق، الأستاذ في جامعة غرناطة، بدوره عن دور المملكة العربية السعودية في الاهتمام باللغة العربية، وتدريسها ومسارات خدمتها، مشيرًا إلى زيارة وفد من مجلس أمناء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية إلى غرناطة وعدد من الجامعات العريقة في إسبانيا، لافتًا إلى التعاون بينه وبين المركز، مما نتج عنه تأليف كتاب عن «اللغة العربية في إسبانيا»؛ بغية تعميق التواصل الثقافي بين الحضارتين العربية والإسبانية، فضلاً عن رغبة المركز في الاحتفاء بالجهود المميزة للعلماء الإسبان في دراسة اللغة العربية ونشرها.
مشيرًا إلى الكتاب الذي تناول عددًا من المواضيع، منها: لمحة عن المصاحف الكريمة في إسبانيا، وأشار إلى توزيع أماكن وجودها ونسّاخها ومصادرها، والتداخل بين اللغتين العربية والإسبانية حسب مناطق إسبانيا، ثم تشكل العربية الأندلسية التي أخذت خصوصيتها انطلاقًا من بِنيتي اللغتين، ونسبة الألفاظ العربية في اللغة الإسبانية، حسب مجالات توزعها، ومستويات التداخل بين العربية والإسبانية، إضافة إلى العديد من الموضوعات المتنوعة.