جرعة ثقة
كعادتي فتحت صنبور المغسل بكنيف البيت قصد ريِّ بيداء وجهي القاحلة، وبث بعض دبيب الحياة بقسماتي الخاملة، تحركت عيناي نحو المرآة المكسورة التي ترسم لوحة تجريدية لملامح اعتادت الخنوع والرضوخ لمرؤوسيها خوفا وطمعا، وما جاءت ثمرة الطمع، بل زاد الخوف بقصيدته بيتا من الذل والهوان. رأيت وجهي، فاستقذرته... ثم تذكرت درس التنمية البشرية الذي شاهدته البارحة قبل النوم. وقفت مشدود القامة، وزرعت بعض القوة والثقة بعيني الذابلتين، ثم قلت مستحييا بعض الشيء:
- أنا واعر... أنا واعر.
أحسست ببعض الثقة تستقر بقلبي، وتحفز لساني فأصبحت أصيح وأصيح، أنا وااااعر، فامتلأت بها شراييني وعزفتها أوردتي وأعصابي على مقام حسي لم أعهده سالفا.
ثم ابتسمت فضحكت ملء شدقي، وكدت أن أقع... أعدت الاستواء لجذعي، وأرسلت نظرة ثاقبة إلى انعكاس عيني كأني أتفقدهما لأول مرة. لقد عكست سكرا لذيذا لخمر العظمة.
- سأجيبه اليوم بلا حضرة المدير... أنا غير موافق على اقتراحك.
بل لن أقول له حضرة المدير، سأناديه باسمه مجردا من أي لقب. ثم أسرجت فمي بجملتي تلك، لعل لساني ينطلق بها بمروج الرفعة والأنفة دون احتياج لتحفيز.
رن هاتفي فاتجهت نحوه بتكبر الفرس وأبهة الطاووس. أجبت دون رؤية المخاطب، فقد كنت ثملا من تلك الثقة التي هزت كياني:
- نعم من معي؟
تسمرت بمكاني وتخشب قلبي قبل جسمي، ثم بدأ الخوف يلعب لعبته الدنيئة، فقد أرسل عرقا ذميما اجتاح كل جسمي، ثم أعطى إشارة الهجوم لنمل قد زرع رعشة بكل كياني، اهتزت لها أطرافي ثم لساني الذي فارق البيان وجاور التلعثم والتردد.
- حاضر سيدي... نعم حضرة المدير... أفكاركم نبراس لنا و....ثم قفل الخط بوجهي...
جرعة ثقة، لكنها كانت سريعة الزوال.
القصص الـ 10 المشاركة في تصويت الجمهور
- المحكمة: رحاب الطائي- العراق
- تحت الأنقاض: صلاح طاهر الطوعري- اليمن
- جدتي حفيظة: وسام محمد دبليز- سوريا
- جرعة ثقة: يونس الشرق- المغرب
- سيدويه: أحمد مصطفى- مصر
- فقاعة: أسماء منصور المصري- اليمن
- في حضرة كاتب: سعيدة بوساحة- الجزائز
- كنت سأربح المليون: أحمد مصطفى العز- مصر
- متلازمة الصغر: حمادي أبوبكر - الجزائر
- مشكلة لكل حل: نور البخيت- الولايات المتحدة الأمريكية
الرجاء التصويت للقصة الفكاهية القصيرة التي تجدونها الأفضل: