بعض الأعمال التلفزيونية، إن كانت درامية أو ذات طابع كوميدي، تعلق في الذاكرة، وأحياناً تصبح جزءاً مهماً من تكوين شخصيتنا، كونها أحد الأشياء التي ساهمت في بناء وعينا منذ سنين الطفولة والمراهقة، ولكونها قد تَمُسّنا بشكل شخصي، وقد نجد شخصيات تشبهنا إلى حدٍ ما قد يكون كبيراً.
ومن أهم هذه الأعمال التلفزيونية، التي دخلت كل منزل، وشاهدها جميع أفراد العائلة، ومع دخولها منازلنا، حملت معها فرحاً وضحكاً كبيراً، كان المسلسل الأمريكي الكوميدي “Friends” أو «الأصدقاء»، الذي استمر عرضه طوال 10 أعوام، بين العامين 1994 – 2004، ويحكي حياة 6 أصدقاء، 3 شبان و3 فتيات، يعيشون في شقتين متقابلتين في مدينة نيويورك الأمريكية، وتحدث بينهم العديد من المواقف الكوميدية، وأدى الشخصيات عدد من نجوم الصف الأول في هوليوود وهم، جينيفر أنيستون بدور «رايتشل غرين»، كورتني كوكس أركيت بدور «مونيكا غيلر»، ليزا كودرو بدور «فيبي بوفي»، مات لوبلان بدور «جوي تريبياني»، ماثيو بيري بدور «تشاندلر بينغ» وديفيد شويمر بدور «روس غيلر».
أجرت «سيدتي. نت» تحقيقاً طريفاً حول هذا العمل، الذي عاش مع ملايين الأشخاص حول العالم، الذين واكبوا جيل الثمانينيات والتسعينيات، ونقلت تأثير المسلسل وشخصياته على شريحة متنوعة منهم، الذين أكدوا أنهم أعادوا ويعيدون مشاهدته لمرات عديدة، ورأى بعضهم أن هناك مشاهد أو حلقات معينة، لا يمكن نسيانها.
هبة الرمحي، التي تعمل مصممة للإكسسوارات، رأت بأن الحلقة التي لا يمكن لها أن تنساها على الإطلاق، عندما أجبروا شخصيتي «مونيكا» و«تشاندلر»، على تنظيم وتحضير عشاء «عيد الشكر»، وحينها تأخر الجميع، وكان منسوب الضحك في هذه الحلقة كبيراً جداً، حتى أنها أعادت مشاهداتها عشرات المرات.
أما مجاهد المجالي، الذي يعمل منسق تنمية اقتصادية في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، يرى أن مسلسل «فريندز»، ليس مجرد مسلسل كوميدي، بل هو حالة مميزة تجبرك على العيش بارتباط كامل مع شخصياته الرئيسية، حتى أن هذا التعلق بالعمل قد يصل إلى إحساسك بتأثر عاطفي تجاه كل شخصية على حدة، ويشير المجالي إلى أن أكثر حلقة أحبها عندما نزلت «رايتشيل« من الطائرة وذهبت إلى «روس»؛ لأنها تحبه، أما عن أكثر الشخصيات التي تشبهه في العمل فهي «تشاندلر».
أما سارة زهران ربة المنزل المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية، فترى أن هناك حلقتين في المسلسل لا يمكن نسيانهما، الأولى حين تزوج تشاندلر ومونيكا، والأخرى عندما علمت ريتشيل أنها حامل، وأخبرتها فيبي أنها ليست كذلك، وتؤكد أن جوي هو أكثر هذه الشخصيات التي تحسه يشبهها وقريب منها.
ومن جهته يرى معلم اللياقة البدنية سليمان الزواهرة، المقيم في إمارة الشارقة في دولة الإمارات، أن شخصية «جوي» هي الشخصية الأكثر كوميدية والأصعب أداءً بين الشخصيات الست، وأنه قد يعيد مشاهدة الحلقة التي قرر جوي فيها أن يلعب رياضة «كرة القدم الأمريكية»، عشرات المرات دون كلل أو ملل، وسيضحك دائماً كما لو أنه يحضرها لأول مرة.
وعلى الرغم من أن العمل انتهى منذ قرابة الـ13 عاماً، إلا أن الكثيرين لايزالون يتابعونه، حتى أنه غدا ظاهرة تعدت كونها عملاً كوميدياً، وهناك الكثيرون يصنفونه الأفضل في العالم بمجال المسلسلات الهزلية، وربما يعد حصده العديد من الجوائز العالمية ومن بينها جائزة «إيمي»، دليلاً على ذلك أيضاً.
طالبة الماجستير في الفنون المسرحية كيان حتّر، التي تدرس في جامعة «إكستير» في إنجلترا، ترى كونها تدرس المسرح والتمثيل، ركزت على أسلوب العرض وحبك الشخصيات ببعضها الذي كان متقناً للغاية، حيث استطاع المخرج والمؤلف أن يعطيا نفس مقدار الأهمية لكل ممثل دون الانتقاص من شأن أي شخصية على حدة، إضافة إلى الدمج بين الدراما والكوميديا، بدون تحول الأمر إلى السخرية، أما من الناحية الشخصية فهو من أكثر الأعمال التي تدفعها إلى الضحك الشديد.
وبدوره أكد محمود الزعبي مصمم الغرافيتي، أن مسلسل «فريندز» هو الأول عالمياً في مجاله، وأن الانتشار والشهرة الذي وصل له العمل، لم يصله عمل آخر، حتى أن الناس بدأت تتابع أعمال أبطاله بعد انتهاء عرض المسلسل، وتلاحق الأفلام والأعمال التي يشاركون فيها، لذلك لا شك بأنه العمل الأول عالمياً بامتياز.
انتهى عرض الموسم الأخير والحلقة الأخيرة من مسلسل «فريندز»، في السادس من أيار/ مايو من العام 2004، إلا أنه وحتى هذه اللحظة يُشكل حالة فنية فريدة، ولكن الغريب في الأمر هي ردة فعل العديد من الناس عند انتهاء عرض المسلسل، وبثّ الحلقة الأخيرة منه، حيث كان هناك إجماع على أنهم استغرقوا في البكاء، أو كادوا يفعلون ذلك، وأصابهم حزن شديد، وكان لمشهد الختام عندما وضعت جميع الشخصيات في العمل مفاتيح شققهم على الطاولة قبل الفراق الأخير، أثر بالغ في نفوسهم.