بحسب عالم الفيزياء الشهير، ألبرت انشتاين، فإنَّه أصبح من الواضح أنَّ التكنولوجيا التي أنتجناها تجاوزت إنسانيتنا، وهذا ما حدث بالطبع وبلا شكٍّ، فبعد أن أصبحت التقنيات تحيط بنا من كل حدبٍ وصوب ظهرت كثير من الأمراض النفسيَّة والاجتماعيَّة والجسديَّة أيضاً بشكل كبير، وكل ذلك بسبب عشق الجيل الحالي لكل ما هو جديد وغريب وانبهاره بكثير من التقنيات. وأحد تلك الأمراض الاجتماعيَّة التي باتت واضحة للعيان هو هوس ممارسة الألعاب الإلكترونيَّة وبخاصة ألعاب الهواتف الذكيَّة التي ظهرت أخيراً وأحدث بعض منها ضجة عالميَّة مثل لعبة «بوكيمون جو»، و«لودو ستار» و«الحوت الأزرق» وغيرها .
«سيدتي نت» تستعرض بعض أسباب الانجراف المفاجئ في العديد من المجتمعات تجاه إحدى الألعاب وإدمان بعض الأشخاص عليها.
إدمان حقيقي
الاختصاصي الاجتماعي علي الأسمري، يخبرنا أنَّ هذا النوع من الهوس الإلكتروني صُنف عالمياً كأحد أنواع الاضطرابات النفسيَّة والعقليَّة تحت مسمى (Internet Gaming Disorder)، فهو إدمان حقيقي إلا أنَّه مؤقت، حيث يدمن الشخص فيقضي معظم ساعات يومه في لعب إحدى الألعاب الإلكترونيَّة أو الذكيَّة ومن ثمَّ يتركها بعد مرور فترة ليست بقصيرة، ليعود ويدمن لعبة أخرى، وهذا النوع من الهوس مربوط بشكل كبير ببيئة الشخص المحيطة، فهو يتأثر بعد انتشار وشيوع إحدى الألعاب في الدائرة المحيطة به فيغرق فيها.
ترويج لاواعٍ
محمد غازي ، مدرب التطوير والتنمية الشخصيَّة، عبَّر عن رأيه قائلاً: الانجراف خلف لعبة معيَّنة يكون بسبب كلام الناس وترويجهم لها بلا وعي، ولأنَّ الطبيعة البشريَّة مجبولة على حبَّ الاستطلاع، غالباً ما يبدأ الشخص بالبحث عنها، كما أنَّ للمواد الإعلانيَّة عن اللعبة في متاجر الهواتف الذكيَّة دوراً، وللمواد المكتوبة في شبكات التواصل الاجتماعيَّة والصحف والمجلات دوراً كبيراً لجذب الناس نحو هذه الألعاب، خاصةً إذا كُتبت بصيغ تشويقيَّة أو تحذيريَّة، لذا فإنَّ طريقة نقل الحدث تستهدف المتلقي بالدرجة الأولى. مضيفاً: الهوس الإلكتروني لا يعني أنَّ الشخص لا يمتلك أهدافاً أو مهام في حياته بقدر ما يكون هو نوع من الشغف والإثارة المبالغ بها تجاه هذه التقنيات، لذا لا بد من توعية الأشخاص بكيفيَّة استخدام ألعاب الهواتف الذكيَّة واختيار ما يتلاءم منها مع شخصيَّة الإنسان من دون أن تضرَّه، وعلى المعالج السلوكي أو المربي تنبيه الشخص ليطّلع على البدائل المتاحة حسب فئته العمريَّة، التي تُغني عن هذا النوع من الهوس، كما يجب عليه الإلمام بالمعلومات والبيانات الصحيحة عن هذه التطبيقات فربما يكون التطبيق وهمياً أو يستهدف النصب والاحتيال أو سرقة بيانات المستخدمين لأغراض غير معروفة. لذلك لا بد أن تكون المشاركة في إنهاء هذا الهوس بشكل مجتمعي، فللأسرة دور وللوسائل الإعلاميَّة دور، وللمؤسسات والمدارس دور.
إحصاءات عالميَّة
تجدر الإشارة إلى أنَّ 62% من مستخدمي الهواتف الذكيَّة يثبِّتون لعبة واحدة على الأقل كل أسبوع، وذلك وفقاً لمسح بياني أعدته شركة «أدموب» الأميركيَّة المتخصصة في تطوير التطبيقات الذكيَّة، كما أنَّ إجمالي قضاء الفرد لوقته للعب الألعاب على الهاتف الذكي مقارنة بالقيام بالاتصالات والممارسات والمهام الأخرى قد ارتفع من 32% في عام 2014 إلى 43% في عام 2017م وذلك وفقاً لإحصائيَّة نشرتها شركة «غوغلوب» الصينيَّة على موقعها الإلكتروني، وذكرت تصنيفات مؤسسة نيلسن العالميَّة، أنَّ نسبة الألعاب الذكيَّة تملك شعبيَّة بين النساء، حيث تجذب 49% منهنَّ للعب عليها.