أن تصادف امرأةً خجولة؛ فهذا شيء طبيعي، وذلك بسبب طبيعتها الأنثويَّة، لكن من غير الطبيعي أن يكون الرجل خجولاً، وأكثر ما تعانيه المرأة تجاه زوجها، عندما يكون خجولاً وغيرَ واثق من نفسه؛ مما يجعلها غير فخورة به؛ بل ولا تستطيع أن تعتمد عليه في أمور الحياة.
«سيدتي نت» التقت الدكتور جبران يحيى، استشاري علم النفس والإرشاد الأسري بمركز إرشاد جدَّة، ليطلعك على أسباب خجل الرجل، وكيف تخلصين زوجك من الخجل الزائد وغير المألوف لطبيعته.
بدايةً، أوضح الدكتور يحيى أنَّ الخجل الشديد -حاليًاـ يعدُّ مشكلة اجتماعيَّة منتشرة بشكل واسع، وبالتالي فإنَّ اختصاصيي علم النفس ركزوا جهودهم على إيجاد وسائل وطرق معالجة هذه الظاهرة المرضيَّة، وبحسب رأيهم؛ فإنَّ نحو 10-15% من الأطفال يولدون ولديهم ميل واستعداد لأن يكونوا خجولين بصورة غير طبيعيَّة، بينما الباقون يصبحون خجولين، إما لأنَّهم من دون مهارات اجتماعيَّة، أو بسبب الخوف من عدم تقبل الآخرين لهم، أو الخوف من تعرُّضهم للسخريَّة من الآخرين؛ مما يدلُّ على فقدان الثقة بالنفس والذات.
• أسباب الخجل:
ـ أسباب وراثيَّة تتعلق باكتساب صفات وراثيَّة جينيَّة لشخصية أحد الوالدين أو كليهما.
ـ ومنها تربويَّة بسبب سوء التنشئة الاجتماعيَّة؛ خصوصًا التحقير والنقد المستمر واللوم الذي يتعلق بالذات، كالشكل والبنية الجسديَّة؛ مما يكوّن لديه مفهومًا سلبيًا عن ذاته.
ـ كذلك خبرات الفشل المتكرِّرة لها دور في التجنُّب.
ـ عدم تدريب الأطفال على الاعتماد على أنفسهم والمواجهة، وحل المشكلات وعدم التجنُّب.
ـ ومنها شخصيَّة متعلقة بضعف اكتساب الشخص مهارات شخصيَّة واجتماعيَّة، ومهارات الاتصال ومنها القدرة على التعبير.
• هل الخجل اضطراب نفسي؟
الخجل في علم الأمراض النفسيَّة يحدَّد بدرجة تجنُّب الشخص للمواقف والأحداث، ويمكن أن يكون اضطرابًا رئيسيًا أوليًا، إذا كان اضطرابًا في الشخصيَّة من الفئة «ج»، التي تسمى الاضطرابات التجنبيَّة، وهنالك فرق بين المخاوف المرضيَّة phobia، التي تعدُّ من اضطرابات القلق ومرتبطة بموضوع معيَّن، مثل الخوف من التحدُّث أمام الناس، لكن الخجل اضطراب تجنبي يصاحب الشخص بشكل مستمر، ويعتبر سمة في الشخصيَّة تبدأ من مرحلة الرشد المبكِّر، ويتسم الشخص الخجول بالتالي:
ـ عدم الاعتناء بالعلاقات الاجتماعيَّة، والشعور بقلة الحيلة والحساسيَّة الاجتماعيَّة، ويظهر في: تجنُّب الاحتكاك بالآخرين؛ خشية النقد أو اللوم، وقد لا يندمج مع الآخرين إلا إذا وثق بأنَّهم يهتمون به، كما يتجنَّب العلاقات الحميميَّة؛ خوفًا من الخزي والسخرية، ويخشى النقد والرفض من الآخرين، والشعور بقلة الحيلة في المواقف الاجتماعيَّة الجديدة، ويتجنَّب الأنشطة الاجتماعيَّة أو المهنيَّة خشية الحرج.
ـ خجول ولا يمكن الاعتماد:
يتقارب الخجل مع الشخصيَّة الاعتماديَّة، إلا أنَّ الشخصيَّة الخجولة ترفض الاندماج والعمل، ليس للكسل، لكن للتجنُّب وعدم الثقة، وخوفًا من الفشل، والخوف من الأحكام، لكنَّه إذا ما أعطي درجة من الثقة لنفسه، وتدرَّب على كسر الحواجز، يعتمد عليه أكثر من غيره.
ـ الخجول تنقصه مهارات متعلقة بالذكاء الاجتماعي، والحل في التدريب والمساندة.
إذا كان الخجل يصل لدرجة الاضطراب؛ فهذا يحتاج إلى مساعدة الاختصاصي النفسي، وقد يحتاج للعلاج الدوائي، وممكن مساعدته أسريًا من خلال التدريب على مهارات الذكاء الاجتماعي، ومنها:
• المهارات الاجتماعيَّة، وتنقسم إلى مهارات لفظيَّة، مثل: القدرة على التعبير عن المشاعر السلبيَّة والإيجابيَّة، والتدريب على السلوك التوكيدي، والقدرة على التعبير اللفظي عن الأفكار، والقدرة على إيصال محتوى الرسالة لفظيًا، والقدرة على المبادرة بالتفاعل مع الغرباء وبدء الحديث، وتتضمن المهارات الاجتماعيَّة القدرة على الإقناع وإدارة الحوارات.
• المهارات الاجتماعيَّة غير اللفظية: مثل لغة الجسد، والتواصل البصري، والاستماع والتعاطف مع الآخرين وجدانيًا.
• ومن المهارات، التدريب على حلِّ المشكلات، والقدرة على اتخاذ القرارات المصيريَّة والروتينيَّة.
ـ ويتضمن العلاج إزالة الأفكار السلبيَّة المتعلقة بالذات، وعُقد النقص، وشخصنة المواقف.
ـ التدريب على المواجهة المتدرِّجة للمواقف المحرجة، وتقبُّل النقد.
ـ كما يتضمن العلاج، التشجيع في النجاحات البسيطة، وتحتاج مثل هذه الشخصيات المساندة، ويجب على الزوجة منحه المزيد من الثقة من خلال الوثوق برأيه واختياراته، وعدم مقارنته بالآخرين، مع مراعاة تفرُّده كإنسان بسمات شخصيَّة تميِّزه عن الآخرين، وتؤمن بالفروق الفرديَّة؛ لأنَّ بعض الزوجات لديهن مفهوم غير صحيح عن الشخصيَّة، وقد تسميه بضعف الشخصيَّة؛ مما يفاقم مشكلته.