اضطراب التلصص الجنسي وعلاجه!

البيوت أسرار، وخاصة ما يحدث في غرف النوم وراء الأبواب المغلقة، ويجب احترام هذه الخصوصية من قبل الزوجين؛ ليس فقط كواجب ديني تدعو له كل الديانات السماوية، وإنما للمحافظة على الخصوصية في الأداء الجنسي، وعدم الإساءة لشريك الحياة. وكما نعلم، هناك بعض الحالات الموجودة في كل المجتمعات الإنسانية؛ تحتاج إلى مساعدة متخصصة للتخلص من بعض الانحرافات الجنسية، مثل: اضطراب التلصص الجنسي «scopophilia»، والذي يؤدي إلى الطلاق في حالات كثيرة، إذا لم يتم معالجته من قبل المختصين.

الحالة:
الرسالة التالية وصلتني من شابة تبلغ من العمر 25 عاماً، متزوجة منذ نحو 7 أشهر، من رجل يكبرها بسنتين، وتصفه بأنه إنسان رائع، وتزوجته بعد علاقة حب طويلة لأكثر من 6 أعوام، وكما تمنت؛ حصلت على أجمل حفل زواج بشهادة الجميع. المشكلة تكمن في طلبات الزوج الغريبة في العلاقة الجنسية، وهو الشيء الذي لم تتوقعه مطلقاً طوال فترة معرفتها به، وتقول: إنه أمر مخيف، ولا يمكنها أن تستجيب لهذه الطلبات الشاذة، مثلاً يطلب منها أن تشاهد معه بعض مقاطع الفيديو الحميمة جداً لأحد أصدقائه مع زوجته؛ مبرراً ذلك بأنه يجعله يثار أكثر؛ حتى يتمكن من إرضائها، وتقول إنها أحياناً توافقه على مضض، إلى أن طلب منها أن توافق على أن يصورها وهي تمارس العادة السرية؛ حتى يستمتع بهذه المشاهد فيما بعد، وتضيف أنها رفضت بشدة؛ فهي لم تعد تثق فيما يمكن أن يفعله بهذا الشريط، خاصة مع الانتشار المخيف للفضائح على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقول: إنها خيّرته؛ إما أن يتعالج، أو أن تطلب الطلاق، ولكنه أصر على أنه طبيعي ولا يعاني من أية مشكلة، وكل ما في الأمر أنه يرغب في الإثارة الجنسية، مع الحفاظ على العلاقة الزوجية بينهما.
وتضيف قائلة: أرجوكم ساعدوني، فأنا أحبه، ولايمكن أن أعيش معه في نفس الوقت؛ نتيجة هذه الطلبات المخيفة، ولا يمكن أن أوضح أي شيء من هذه الأمور لأي فرد من أسرتي أو أسرته؛ خوفاً من ردات الفعل، أو أن يجبروني على تقبل الأمر، خاصة إذا لم يتفهموا الأمر بصورته الواقعية.
 
الإجابة:
شكراً لك على شجاعتك لعرض هذه المشكلة، والتي يعاني منها بعض الزوجات في مجتمعنا العربي في صمت وخجل من طلب المساعدة، وقد تستغربين إذا قلت لكِ إن نسبة الانحرافات الجنسية في المجتمع العربي آخذة في الازدياد، خاصة تلك الانحرافات المرتبطة بجوانب شرعية وجنائية؛ مثل تبادل الزوجات، والممارسة الحميمة الجماعية، والانحرافات المتعلقة بالاعتداء على الأطفال وغيرها، ولعل أشهر هذه الانحرافات ما يعرف بالسادية؛ وهي الحصول على الإثارة الجنسية فقط عن طريق التعذيب والإهانة للشريكة، والاضطراب الثاني ويعرف بالمازوخية، والذي يحصل فيه الإثارة الجنسية فقط عن طريق تلقي الإهانة والتعذيب من قبل الشريك، كما يندرج تحت هذا النوع اضطراب يعرف بالتلصص الجنسي «Scopophilia»، حيث لا يتم الحصول على الإثارة الجنسية، سواء لإقامة العلاقة الحميمة أو حتى لممارسة العادة السرية، إلا عن طريق استراق النظر لأشخاص يمارسون الجنس، وكلما فوجئت الضحية بهذا الأمر زادت نسبة الإثارة لدى الشخص الذي يقوم بالتلصص الجنسي، ويدخل أيضاً ضمن هذه الفئة الأشخاص المداومون على مشاهدة الأفلام الإباحية، وعادة ما تنتهي المشاهدة إما بحصول الجماع، أو ممارسة العادة السرية، حتى عند بعض المتزوجين، وهذه بعض الحقائق المهمة:
1. هذا الانحراف الجنسي ينشأ عند الشخص تدريجياً، ويكون هناك عدة أسباب وراء هذه الحالة؛ منها التعرض للاغتصاب، خاصة في مرحلة الطفولة.
2. أو أن يشاهد الطفل والديه في أوضاع حميمة، ولا يفهم ماذا يحدث لوالدته، ويعتقد أنها تتعرض للعنف من قبل والده، وعادة ما يميل الشخص إلى لعب دور الإذلال والضحية دون وعي، وعلى مستوى اللاشعور.
3. وكما ذكرت في المقدمة؛ معظم هذه الحالات تنتهي بالطلاق؛ نظراً لعدم معرفة شريكة الحياة بمثل هذه الانحرافات، وأيضاً لما تمثله من حالات مختلطة بالكثير من الأمور الدينية والأخلاقية.
4. تحتاج هذه الحالات إلى علاج متخصص؛ لإعادة بناء الثقة الذاتية عند الشخص، مع التأكيد على أن الطلاق ليس حلاً علاجياً لهذه المشكلة.
5. يحتاج الشخص لإعادة التأهيل؛ لاكتساب المهارات السوية المتعلقة بالممارسة الجنسية؛ حتى يستطيع مواصلة الحياة الجنسية السليمة، مع الأخذ بالاعتبار أهمية وجود شريك حياة متفهم ومتعاون؛ للتخلص من هذا الاضطراب.
6. بعض أساليب العلاج تستخدم العلاج بالتنفير؛ من أجل مساعدة الدماغ على التخلص من الشعور بالمتعة والإثارة المرتبط بهذا الانحراف.
7. العمل على تحفيز العلاقة الجنسية السوية، والاهتمام بالجانب المتعلق بالمداعبة قبل الجماع؛ يساعد على تحفيز الإثارة الطبيعية.
 
نصيحة:
أجمل ما في غرف النوم أن لها جدراناً تحمي خصوصية الزوجين، وتحتفظ بحميمية العلاقة الجنسية بينهما؛ حتى لا تصبح الحياة مثل حوض السمك للزينة وإمتاع الآخرين؛ فتفقد الحياة الزوجية أجمل معاني المودة والرحمة.