طفل يتحرك بشكل مبالغ فيه، يكسر، يتطاول، يثير ضجيجاً أينما حلّ، ويضرب كل من مر بطريقه، قد يُلقي نفسه بالمخاطر، عابسٌ، يكاد لا يسعده شيء، هو ليس بمجنون، ولا أهله غير مبالين، ذلك واقع لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
ما هو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟
أثبت الباحثون أنه اضطراب عصبي بيولوجي حقيقي يجعل حركة الطفل فوق الحد المعقول، وانتباهه أقل مما يجب، ويبدأ منذ الطفولة، ويمتد حتى سن المراهقة والبلوغ .
أهم أسباب هذا الاضطراب
أوضح الدكتور جمال الحامد "استشاري طب الأسرة والاجتماع" أن الوراثة تلعب دوراً مباشراً في الإصابة بهذا المرض بنسبة تصل إلى 90%، وقد أكد مختصون ببرامجهم التثقيفية أن تعاطي بعض العقاقير أثناء الحمل يجعل الجنين فريسة سهلة لمثل هذه الأمراض، كما أن المشاكل العائلية والتفكك الأسري يؤديان إلى غياب مصدر الأمان لدى الأطفال، مما يولد وينمي الاضطراب.
ووفقاً لآخر الدراسات المسحية، أكد الدكتور الحامد أن نسبة المصابين بفرط الحركة وتشتت الانتباه في السعودية تزيد عن 12%، أي ما يقارب 2.5 مليون مصاب، وأن النسبة آخذة بالارتفاع.
كيف ينجح الوالدان وذووهما في التعامل مع الحالة؟
أوضح الدكتور نادر الرحيلي "أستاذ الطب النفسي المساعد في جامعة الإمام" أنه يجب احتواء المصاب، وإعطاؤه جرعات مضاعفة من الحنان والاهتمام والإيجابية لتعزيز الطاقة الذاتية لديه، وتسليط الضوء على نقاط قوته، إضافة إلى مكافأته، فكلما شعر برضا من حوله، وبالأخص والديه، زادت ثقته في نفسه، لذا يجب عليهما تقبُل فكرة أن هذا الطفل لا يسيطر على أفعاله، ويقتضي ذلك عدم توبيخه والقسوة عليه، وأن يكونا المثال الحي للانضباط والتماسك ليجد فيهما القدوة.
ماذا لو لم تشخص الحالة وتعالج؟
اعتبرت الدكتورة سعاد اليماني أن عدم التشخيص المبكر يؤثر سلبياً على حياة الطفل دراسياً وسلوكياً واجتماعياً، مما يجعله مستقبلاً شخصيّة غير مسؤولة، ولا تتقيّد بالأنظمة، وبالتالي يتسبب بمشكلات تصل لحد الإدمان والجريمة على النطاق المجتمعي.
هل العلاج الدوائي وحده كافٍ؟
بحسب دراسات وإجماع المختصين، فإن المصاب يحتاج بشكل أساسي إضافة إلى العلاج الدوائي مساعدة لاكتساب مهارة التواصل للاندماج بالمجتمع، ويكون ذلك بالعلاج السلوكي، ليتمكن من التركيز لتحسين مستواه الدراسي والسيطرة على ردود فعله لتقليص عدوانيته، ويبقى للغذاء الصحي دور لا يقل عما سبقه أهمية.
بماذا يشعر هؤلاء الأطفال؟
بحسب دراسة خبراء نفسيين، ينتاب المصاب ألم الشعور بالذنب بسبب الأذى الذي يصدر عنه وعدم تقدمه العلمي، مما يؤدي لعدم احترامه لنفسه وتقدير ذاته، وذلك يجعله انطوائياً ودائم القلق ومتقلب المزاج.
أهم النصائح لكل أب وأم لديهما طفل مصاب أجملها الدكتور نادر الرحيلي بما يلي:
_الاحتواء والحنان من الركائز التي تهدئ من روع المصاب في ظل جو أسري مليء بالمحبة والألفة.
_توفير بيئة تناسب حالته لتفريغ طاقته الزائدة باللعب وإشغال وقته بفعاليات متنوعة وهادفة.
_عدم تعريض الطفل لأحداث مفاجئة، بل تهيئته تدريجياً.
_عدم تجاهل أي سؤال يطرحه الطفل مهما كان سطحياً، ولابد من الإجابة بشكل وافٍ.
_تقسيم الوقت بشكل منظم يجعل لأكله ودروسه ولعبه ولنومه وقتاً محدداً.
_التحدث معه وقص الحكايات لتعزيز تركيز السمع لديه والتحكم بانتباهه.
_للأب دور خاص وتأثير كبير على نفسية طفله، حيث يراه مصدر الأمان وكل معاني الراحة.
_ثقافة الوالدين بتفاصيل المرض والقناعة بأنهما بريئان مما يعانيه طفلهما، وبذل المستطاع لاستيعابه، والتحدث معه ومصارحته بوضعه، أمور يُكسب الطفل الثقة بنفسه وبأهله، بالتالي تسهل عليه الاستجابة لهما.
ولخص الرحيلي أهمية دور المعلم في التعامل مع هذه الحالة بالنصائح التالية:
_منح الطفل الثقة بأنه يستطيع إنجاز مهامه وإخباره بذلك.
_غض الطرف عن تصرفاته السلبية.
_تعبئة وقته بمهام حركية تشغله وتستنزف طاقته.
_إعطاؤه وقتاً بسيطاً يتحرر فيه من مقعده بالفصل ليتجول.
_الحرص على استمتاعه بالنشاطات التي يقوم بها والحرص على استخدام حواسه والعمل بيديه قدر الإمكان.
_مشاركة أحد أصدقائه لتذكيره بالواجبات الموكلة إليه وتقسيمها لأجزاء بسيطة.
_تشجيعه من قبل أصدقائه كي لا يشعر أنه دونهم.
_تحفيزه بمكافآت آنية ومستقبلية بحسب تجاوبه الدراسي بالتعاون مع والديه.
_التواصل والتعاون مع والدي الطفل بشكل دائم.