من فلسفته في تصميم الأزياء والأناقة قوله: "لا تذهب حيث يقودك ذوق الآخرين، بل إذهب حيث تجد ما يناسبك". درس الفيزياء وعمل في تصميم الإكسسوارات، والفنان ناصر القصبي كان فاتحة خير عليه ليحقق حلمه ويفتتح معرضاً للأزياء الخاصة بالرجل. إنه مصمم الأزياء السعودي أيمن الرابغي، الذي يستضيفه موقع "سيدتي نت" في حوارٍ خاص.
عندما بدأنا الحوار مع أيمن قالت ابنته ريتاج أريد أن تسألني أنا أولاً، فقلنا لها ماذا تفعلين عندما يكون "بابا" يرسم في البيت؟ فقالت: "أكون بجانبه، وأحيانا يسألني ماذا يلبس فأقترح عليه، وأحيانا أطلب منه يصمم لي عباية لي ولأختي".
* عندما تصبحين كبيرة ماذا تحبين أن تكوني؟
- يمكن بعض البنات يقلن دكتورة أو معلمة، أنا أحب أن أكون مصممة أزياء مثل "بابا"، واخترت التصميم لأنني أحببت ما يقدّمه "بابا" من تصاميم. وأحيانا وأنا أرسم في دفتر رسم المدرسة أتخيّل فستاناً فأرسمه لكي أنفذ تصميمه عندما أكبر.
* أريد منك توجيه سؤال لـ "بابا"، فسألته: هل أنت "مبسوط" بعملك مصمم أزياء؟
فقال أيمن: "الحمد لله جداً مبسوط".
* لديك ريتاج وجوري وأحمد. من اختار الأسماء؟
- تركت مهمة اختيار الأسماء لزوجتي، وهي التي أختارتها، حتى الولد أحمد.
قاطعته ابنته جوري وقالت: "أنا أيضاً فخورة بعمل "بابا" و"مبسوطة" بتصاميمه.
* وأنتِ يا جوري. ماذا تحبين أن تكوني عندما تكبرين؟
- أتزوج وأقعد في البيت مثل "ماما"، أو أطلع معلمة، عشان أنا أحب الدراسة، ومتفوقة في المدرسة.
* دعنا نبدأ من بطاقتك الشخصية، ماذ تحوي م معلومات؟
- أيمن عبد الكريم الرابغي مواليد جدة بتاريخ 13-11-1976م متزوج وعندي بنتين ولد (ريتاج وجوري وأحمد)، متخرج جامعة المك عبد العزيز قسم الفيزياء، وترتيبي الخامس وبعدي البنت، ووالدي ساعدني كثيراً في حياتي، خاصة كونه تاجر في إكسسوارات الموضة والأزياء. ومنذ كنت في العاشرة من عمري أذهب معه إلى المعرض، فتعلمت وعشقت عالم الأزياء من خلال المعرض، ومنه تعرّفت كل شيء في عالم الأزياء من إكسسوار وتفاصيل جمالية وتكميلية. وكيف يختار الناس، وعلى أي أساس يختارون.
* ما هو تاريخ زواجك؟
- أذكر أنه كان عام 2006م. ولا تسألني عن اليوم والشهر.
* عادة الرجل لا ينسى تاريخ ميلاده إنما ينسى تاريخ زواجه عكس المرأة. أتعتقد إنه هذا صحيح، ولماذا؟
- صحيح، وأتوقع لأن المرأة دائماً عاطفية فتفتكر أول يوم بحياتها خرجت فيه من بيت أهلها لبيت زوجها، وبداية حياة جديدة لها.
(ذهبت ريتاج ثم عادت لتقول: "ماما" تقول تزوجتوا يوم خميس في شهر11- 1426هـ.)
* من دارسة الفيزياء إلى تصميم الأزياء. كيف حصل هذا التحوّل؟
- عندما تخرّجت من الثانوية لم يكن عندي توجّه ماذا سأدرس، لكن كان عندي رغبة أن أنهي دراستي الجامعية وأتوظف، لكن بعد الجامعة قلت لوالدي: لقد أنهيت دراستي الجامعية، وأريد أن أعمل معك، فساعدني وفتح لي محل اكسسوارات، ومن هنا بدأت أصمم الإكسسوارات بنفسي، وأصنعها في الصين، ثم بدأت أتعلم التصميم الإلكتروني، وحصلت على دورات كثير جداً، وسافرت لأمريكا من أجل المزيد من الدراسة، فكنت أجلس أتدرّب يومياً حوالي 10 ساعات، إلى أن تمكنّت وأصبح عندي ميّزة عن غيري، وهي أنني أصمم بيدي وبالكمبيوتر.
* كيف تحوّلت من تصميم الإكسسوارات إلى تصميم الأزياء؟
- عن طريق الصدفة. كنت أصمم "كتالوج" "جنتل مان"، وأحاول من خلاله إظهار لماذا الناس لا يستخدمون الإكسسوارات بطريقة صحيحة؟ فكنت أقوم بتوظيفها بطريقة معينة وأدمجها بين الألوان وبين الأقمشة، ودائماً أردّد: لا تذهب حيث يقودك ذوق الآخرين، بل إذهب حيث تجد ما يناسبك. وفي أحد الأيام، كنت أتابع مسلسل "أبو الملايين"، فلفت نظري الفنان ناصر القصبي بارتدائه زيّاً من تصميمي، هنا وُلدت الفكرة. وقلت: النجم الكبير ناصر القصبي يلبس "دقلة" من تصميمي، طالما الأمر كذلك، فلا بدّ أن أكون متواجداً بالساحة. وفكّرت في أن يكون لي معرضاً خاصاً بتصاميمي، وأن أبدأ بتصميم الأثواب مع الإكسسوارات. وكان ناصر القصبي فاتحة خير عليّ، إذا صممت بعدها بعض أزياء مسلسل "سيلفي2" فذكّرت ناصر وأطلعته على صورته وهو يرتدي "الدقلة" فضحك وهنأني على أفكاري.
* ما كان التحدي الأكبر بالنسبة إليك؟
- بعد افتتاح المعرض قمت بتصميم أزياء حفلة مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من أهالي منطقة مكة المكرمة، وكان أكبر تحدياً لي هو تصميم 1500 قطعة لراقصين وفنانين، منهم فايز المالكي وعماد اليوسف وجميل، وغيرهم. وبعد هذا العمل الضخم صممت أزياء نجوم مسرحية "سوق عكاظ"، ثم مسلسل "واي فاي"، و"سيلفي2" و"سيلفي3". وبصراحة، أعتبر مسلسل "سيلفي" نقطة تحول في حياتي، وأعطاني دفعة قوية جعلت الناس تثق بفكري وتصاميمي وموهبتي.
* مصمم الأزياء يحيى البشري درس تصميم الأزياء النسائية وبدأ مصمم أثواب ثم رجع للأزياء النسائية، ومصمم الأزياء سراج سند، بدأ بالأثواب ثم تحوّل للأزياء النسائية، لماذا حتى الآن لم تدخل مجال تصميم الأزياء النسائية؟
- حتى المصممين العالميين، مثل جورج أرماني بدأ بالأزياء الرجالية ثمّ النسائية.
* هل لأنه أثواب الرجل أخف تصميمها من فساتين المرأة؟
- بالعكس، المعروف عالمياً أن التصميم للرجل أصعب من المرأة. لأن المساحة أمام المصمم بسيطة، فالرجل لا يريد التقليل من هيبته، خاصة في المجتمع لدينا، ومساحة تضاريس الرجل محدودة، لكن عند النساء مساحة الإبداع كبيرة، ويستطيع مصمم الأزياء إدخال الإكسسوارات، وكذلك القماش يعطيك مساحة إبداعية، سواء من حيث النقوش أو الألوان. أما معظم الرجال في مجتمعنا يفضلون الثوب الأبيض ويرفضون أي تصميمات جديدة، إلّا الشباب، وبعض الناس يرون الأناقة في الملابس، وبعضهم يرونها قطعة قماش، وهناك من يراها صورة شخصية وهويته. ولهذا أقول لأي شاب: ضع مظهرك الذي تريد أن تكون عليه في خيالك، وسوف تتجه تدريجياً نحوه.
* من المصمم الذي تعجبك أفكاره وتضعه نموذجاً أمامك تتابعه؟
- جورج أرماني. ويعجبني كفكر، فهو مصمم يعتمد على الكلاسيكية العصرية، بحيث تعيش موضته ما بين سنتين وأربع سنوات وأنت تستخدمها كأنها موضة عصرية.
* قلت إنك ستدخل مجال أزياء النساء. ألا تخشى من غيرة زوجتك؟
- بالعكس، هي أول داعمة ومشجعة بحياتي، وكانت تقول إن الناس إذا شاهدت إنجازاتك ستؤمن بك، وبعد خوض التجربة أكتشف أن كلامها كان صحيحاً.
- ما هو الفرق بين المصمم أيمن الرابغي الأزياء عندما كان بديناً، وبعد عملية التكميم؟ وهل اختلفت نظرة العملاء لك؟
- عندما كنت بديناً كانت التصميم بالنسبة لي مجرد هواية، ولا أحد يعرفني أو يراني، لأنني كنت أصمم في الكواليس ولا أظهر للعملاء، وبعدما افتتحت "دار أيمن للأزياء" وبدأت أظهر للناس اختلف الوضع معهم، فصرت أسمع من البعض، أنت صورة، إذا لم تهتم بنفسك فكيف ستهتم بي؟. فقلت إن الملابس الجميلة تحتاج إلى جسم متناسق، وأنا كنت بديناً نوعاً ما. وأشعر بعدم الرضى في بعض العيون، كأنها تقول: كيف يكون مصمم أزياء وهو بدين؟ لكن الموقف الذي جعلني أفكر جدياً في تخسيس وزني وعمل تكميم هو طلب أحد العملاء مقابلتي، فخرجت وسلمت عليهأ وأحسسيت أن نظرته اختلفت. وكأنه يقول: هذا ليس المصمم، بل مصارع وزن ثقيل. بعدها اتخذت قراري ونفذته وعملت عملية تكميم، لأحقق أمنيتي في أن ألبس تصاميمي وأنا جسمي رشيق.
* أقمت في جدة عرض أزياء أثواب للأطفال، كيف كانت ردود الفعل؟
- لم أتوقع أن تكون ردود الأفعال كبيرة بهذه الدرجة التي جاءت عليها، فقد كان صدى عرض الأزياء يأتيني من خلال كلام الناس ومدحهم ودعمهم وتحفيزهم لي لإعادة التجربة، وحتى المبيعات كانت كبيرة جداً وغير متوقعة.
* بحكم أنك كنت بديناً، لماذا لا تقدّم عرض أزياء للرجال البدناء؟
- الفكرة مطروحة، لكنها تحتاج إلى المزيد من الدراسة والتخطيط.
* ما هو مشروعك الجديد؟
- ستكون بدايتي مع التصاميم النسائية من خلال العبايات.
* هل تشعر أن عدد المصممين والمصممات أصبح كبيراً بحيث أصبحوا في حاجة إلى جهة ترعاهم ويكونوا تحت مظلتها؟
- نحن نحتاج لترتيب لهذا القطاع. عن نفسي، أعاني كثيراً من سرقة الأفكار والتصاميم، وهي تُباع أمام أعيننا في الأسواق والأنستقرام. وأتمنى أن يكون لمصممي الأزياء لجنة في الغرفة التجارية، خاصة أننا مقبلون على رؤية 2030.
* ماذا ينقص مصمم الأزياء ليكون محترفاً؟
- وجود معهد لتصميم الأزياء للشباب، وهذه المشكلة نحن نعاني منها، فعدد المواهب التي برزت كبيراً، لكنهم ضائعون، وموضوع الثوب السعودي بحد ذاته مشكلة كبيرة، فلا يوجد قواعد لأناقة الثوب السعودي. نحن درسناها في المعاهد في الخارج، وقد أفادتني كثيراً هذه القواعد في التعامل مع كل الأجسام والأشكال والتفاصيل.
* إرتدى من تصميمك العديد من النجوم والفنانين الشباب. ما الفرق بين الجيلين؟
- بالنسبة للنجوم الكبار أمثال الفنانين محمد عبده وعبادي الجوهر ومحمد بخش وناصر القصبي وعبد المحسن النمر، فهم بحكم العمر والتاريخ الفني الطويل يفضلون التصاميم الكلاسيكية بدون زخرفة كثيرة. وأنا دائماً أقول للفنانين الشباب إن عالم الفن هو عالم التجديد، حتى يُظهِرَك للناس بالشكل الذي يساعدك على أداء رسالتك، أنت واجهة، ولا بد أن تكون عنواناً للتجديد والتغيير ونموذجاً للأناقة.