اعتدنا أن ترتبط مشاعر الحب بين رجل وامرأة، أو بين الأهل والأصدقاء، إلا أن مشاعر الحب أشمل وأنبل شعور، وخاصة عندما ترتبط تلك المشاعر مع التقدير والاحترام، ومن أجمل وأسمى أنواع الحب عندما تكون بين «المخدوم وخادمه»، فتكون مشاعر صادقة تجمع إحساس المودة والرحمة والعطف لإنسان ترك أهله وأولاده، واعتبر هذه الأسرة التي يخدمها هي أسرته، فيخدمها بكل حب خاصة كلما طالت مدة بقائه معها، فيعتبرها جزءًا منه والآخر كذلك، وعند رحيله تشعر بأن فرداً من أفراد العائلة رحل وترك ذكريات جميلة لدى الأسرة.
وبمناسبة يوم الحب «سيدتي» تسرد بعض القصص التي تترجم أسمى أنواع المشاعر بين الخادم والمخدوم:
لا أعتبره سائقاً بل ابني
تحكي لنا أم هناء، 63 عاماً أرملة من الأسر المنتجة، عن إخلاص سائقها الخاص الذي قضى ما يقارب 25 عاماً معهم وأصبح فرداً من أفراد الأسرة، فتقول: «استقدمنا محمد ليعمل سائقاً خاصاً لدينا، ومع مرور الوقت أصبح بمقام ابني وخاصة بعد وفاة زوجي الذي ترك لي ابنتين، ولو كان لدي ولد لا أظن أنه سيكون أحن منه، فهو لا يتأخر في خدمتي، وإن مرضت لا يترك غرفته لكي يكون قريباً إذا احتجت له، ولا يتأخر بمساعدتي بعمل المخللات، فهو لا يتأفف، ولا يتعب في أي وقت أحتاج لمساعدته».
وبدوره يقول السائق محمد إندونيسي الجنسية «أم هناء بمثابة أمي أنا أتيت إلى السعودية وعمري 25 عاماً، والآن قاربت على الـ50 عاماً، فقضيت نصف عمري هنا معهم، وكنت أرى أم هناء تعاني وتشتغل ليل نهار، فكنت أشفق عليها وأساعدها، وهي كانت تعاملني كابنها، فأنا لا أستطيع تركها، ساهمت بتزويجي وبناء منزل خاص بي في جاكرتا، فلا أظن أني أستطيع ترك هذه العائلة فهم أهلي»، وأضاف: «عند ذهابي لقضاء الإجازة لا أستطيع الغياب أكثر من 3 أشهر، وأسارع بالرجوع للاطمئنان عليهم».
لا نتخيل «جون» يتركنا
محمد صالح 53 عاماً موظف بأرامكو يقول عن «جون» حارس المنزل هندي الجنسية: «عندما أتى جون ليعمل في منزل والدي كان عمره 15 عاماً وكان عمري 13، أي أنه مقارب لعمري وعمر أخي، لذا لم أعتبره خادماً لدينا بل اعتبرته صديقاً، والدي كان يعتمد عليه كلياً، لم يكن حارساً فقط، بل نجار وسباك وحارس، لا أذكر أنه قال عن أي عمل يكلف به «لا أستطيع» بل ينفذه بحب ورضا، جون الآن عمره 55 عاماً، قضى معظم عمره معنا فهو لم يتزوج وسخر نفسه لتعليم إخوته وتأمينهم مادياً، وبعد وفاة والديه أصبح لا يذهب للهند وخاصة بعدما تزوج إخوته».
وأضاف: «عندما يذهب جون لقضاء الإجازة ببلده يشعر بغربة، لذا نحن لا نستطيع تخيل أن جون يغادر ويتركنا، فهو بمثابة أخ لنا ووالد لأولادنا فهم تعلقوا به، وأذكر عند وفاة والدي منذ ثلاثة أشهر، حزن عليه وبكى كأنه والده الفعلي وهو بالفعل بمقام والده».
كانت مربيتي والآن مربية أطفالي
فوده موفق 30 عاماً، مصممة ديكور تسرد لنا قصتها مع مربيتها سلمى، وقالت: «أنا وحيدة أهلي، ومنذ كان عمري سنة ونصف كانت مربيتي دادة سلمى، فلا أذكر أنها آذتني في يوم من الأيام، بل بالعكس تعطف علي، وعندما سافرت كنت في قمة الحزن، وأشعر أني فقدت جزءًا مني».
وأضافت: «كيف لا وهي التي ربتني منذ أن كان عمري سنة حتى أصبحت في الـ 12 من عمري؟، كنت بتواصل مستمر معها، وعندما رزقت بطفلي الأول لم أتردد باستقدامها؛ لأني لن أجد أحن منها على أولادي، والآن لدي ثلاثة أطفال وهي مربيتهم».
ليس لدي أخوات وماريانا أختي
تقول مريم صالح 15 عاماً، طالبة: «أنا البنت الوحيدة في العائلة فكانت دادة ماريانا أختي وصديقتي، مع أنها لم تمكث معنا فترة طويلة، ولكن كنت أشعر بالفرح عندما أفاجئها وأدخل السعادة إلى قلبها، فكنت حريصة على الاحتفال بعيد ميلادها، وإقامة حفل عائلي صغير للاحتفاء بها، وعندما تسافر للإجازة أفتقدها كثيراً».
للحب أوجه أخرى
وعند استشارة الأخصائية النفسية منى العلي، عن سبب ذاك التعلق وهل يعتبر نوعاً من أنواع الحب؟
قالت: يعرف عن الحب بأنه عطاء عميق وتأثر عاطفي بشخص آخر، والشعور برباط دافئ، وهو مودة وتعلق بين طرفين، فالحب ليس مرتبطاً فقط بالمشاعر بين الرجل والمرأة، بل هو قضاء أوقات اجتماعية مكثفة في التواصل بين المحبين.
فحب الخادم لمخدومه، من أرقى وأسمى أنواع الحب؛ لأنه يجمع كل مشاعر المحبة والمودة والتقدير والعشرة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستوصي بهم خيراً، ويأمرنا بالرحمة في تعاملنا معهم.