بعد أن أثبتن قدرتهنَّ على العمل في القطاعات التي صدر قرار بتأنيثها، خاصة محلات بيع المستلزمات النسائيَّة، أعلنت وزارة العمل السعوديَّة أخيراً عن استحداث فرص وظيفيَّة جديدة للمرأة، تحت مسمى «منسقة مطاعم»؛ سعياً منها لتخفيض نسبة البطالة بين النساء المسجلات في برنامج «حافز»، وفق ضوابط واشتراطات معينة تحفظ خصوصيَّة المرأة وحقوقها.
«سيدتي نت» التقت عدداً من الفتيات اللاتي التحقن بمجال المطاعم والكوفي شوب؛ ليحكين لنا عن تجربتهنَّ:
لا وجود لخطر أو إحراج
آلاء خالد، منسقة وموظفة في أحد المطاعم منذ شهر، أوضحت أنَّها سجلت في برنامج «حافز»، وبعد ستة أشهر عرضت عليها ثلاث وظائف، من بينها وظيفة «منسقة في أحد محال الكوفي شوب»؛ فوجدتها الأنسب؛ لأنَّ الوظائف الأخرى دوام العمل بها في الفترة الصباحيَّة، وهو ما لا يتناسب مع ظروفي، بينما العمل في «الكوفي شوب» يكون في الفترة المسائيَّة، أي من الساعة الخامسة عصراً وحتى الثانية عشرة مساءً، مؤكدة أنَّ ذلك لا يشكل خطراً ولا إحراجاً لها في ظل وجود موظفات أخريات، وحُراس أمن في المكان نفسه، كما أنَّ الـ«كوفي شوب» يقع في شارع عام، ومكان معروف ومخصص فقط للعوائل.
رفض الأسرة ومساندة الزوج
أما إيمان حمد، التي تعمل مشرفة موظفات في أحد محال الـ«كوفي شوب» منذ أكثر من شهر، فقالت: إنَّ الفتيات قادرات على العمل في كافة المجالات، وإنَّ عملهن في هذه المرحلة يقتصر على استقبال مرتادي الـ«كوفي شوب»، وتوجيههم للمكان المناسب، حيث إنَّ المطعم مقسم إلى أماكن خاصة بتناول الطعام، وأخرى لتناول العصائر والمبردات، إلى جانب الإشراف ومعرفة مدى رضاء الزبون فيما يقدم إليه من خدمة، وتحقيق طلباته، بالإضافة إلى الرد على التليفونات، وحجز الطاولات للأشخاص؛ وفقاً للعدد الذي سيحضر، والمكان الذي يرغبون بالجلوس فيه.
ولفتت حمد إلى أنَّ الفتيات قبل مباشرة العمل خضعن لدورات تدريبيَّة مدتها أسبوع، تتمثل في كيفيَّة استقبال الزبائن والترحيب بهم، إلى جانب بعض الإرشادات والتعليمات المتعلقة بخدمة العملاء، وهنالك دورات تطويريَّة ستخضع لها الفتيات كل فترة.
وحول نظرة المجتمع لعملها في هذا المجال أوضحت أنَّ أسرتها كانت رافضة منذ البداية، لكن زوجها كان مقتنعاً، وهو الذي ساعدها على ذلك. ونسبة لأنَّ هذه الوظائف كانت حكراً على الذكور، واعتاد المجتمع على ذلك فمن الطبيعي أن تقابل بالرفض من قبل المجتمع، ولكن مع الإرادة والإصرار سنتمكن من إقناع المجتمع بأنَّنا قادرات على الخوض في هذا المجال، وإثبات جدارتنا فيه.
وعن تعرضها، أو أيٍّ من زميلاتها لأي موقف محرج أو مزعج منذ بدأت العمل في هذا المجال، خاصة مع التزامهن بالحجاب واللباس الشرعي، قالت: أولاً إدارة المطعم لم يكن لديها أي اشتراطات كوضع الماكياج، أو أن تقيدهن بملابس معينة كالموظفين من الذكور في هذا المجال، ولكن ما نلاحظه هو نظرات الاستغراب والاستنكار أحياناً من بعض الزبائن والأسر، التي تحضر للـ«كوفي شوب»، لكنَّنا نتفادى ذلك بتوجيه كلمات الترحاب والضيافة للسيدات، ولا نتحدَّث مع الرجال؛ حتى لا نتعرَّض للإحراج أو سماع التعليقات.
تتنافى مع العادات والتقاليد
من جانبه استنكر محمد الغامدي، أحد مرتادي الـ«كوفي شوب»، عمل الفتيات، مؤكداً أنَّ ذلك لا يتوافق مع طبيعة المجتمع السعودي، وعاداته وتقاليده، خاصة أنَّ هذه الوظائف تعتمد على الاستقبال والترحيب بالزبون.
أكثر التزاماً من الشباب
أما أحمد علي، مدير مطعم و«كوفي شوب» بجدة، فأوضح أنَّ الفتيات منتظمات في ساعات العمل والدوام أكثر من الشباب؛ لأنَّ المرأة عادة لا تبحث عن عمل إلا إذا كانت بحاجة لذلك ودفعتها ظروفها للعمل، وهو ما يجعلها أكثر التزاماً بما يسند إليها، وحريصة على ساعات الدوام.
وأوضح أنَّهن يسعين لإيجاد فرص وظيفيَّة لهن في جميع المجالات؛ بدءاً من منسقة في المطعم، وحتى مديرة على أكثر من خمسين شاباً يعملون في المطعم، وبالنسبة لنا فقد وظفنا ثلاث فتيات، اثنتان في مجال التنسيق والاستقبال. والثالثة، بعد أن أثبتت جدارتها، عينت مديرة على خمسين نادلاً في المطعم، ونأمل في طرح فرص وظيفيَّة جديدة للفتيات؛ بهدف توسيع دائرة عملهنَّ، خاصة أنَّ هنالك وظائف كثيرة غائبة عن المرأة في قطاع المطاعم والضيافة.
وعن ردَّات الفعل التي واجهوها من المجتمع أشار علي إلى أنَّ المجتمع السعودي قابل فكرة عمل المرأة في المطاعم بوجهات نظر مختلفة، من منطلق أنَّه مجتمع يرفض الاختلاط، إلا أنَّه مع تقنين العمل ووضع اشتراطات وتجهيز بيئة مناسبة للمرأة في هذا المجال؛ أعتقد أنَّ المجتمع سيتقبل ذلك، وربما تجد المرأة تشجيعاً ومؤازرة من قبله.
ضوابط وتشريعات
من جهته بيّن عادل مكي، عضو لجنة الضيافة بالغرفة التجاريَّة الصناعيَّة بجدة، أنَّ توظيف الفتيات في المطاعم والـ«كوفي شوب»، سواء كمنسقات أو إداريات، يخضع لضوابط واشتراطات معينة، بهدف حفظ خصوصيَّة المرأة، ومنها أنه لا بد أن يكون المطعم واسعاً، يتسع لأكثر من 30 كرسياً، وتخصيص أماكن للمرأة، أماكن للصلاة، والراحة، ولا بد أن تتوافق ساعات العمل مع وضعها، إلى جانب توفير الأمن لها، وغير ذلك من الاشتراطات التي تضمن نجاح عمل المرأة في هذا المجال.