الفنـون الشعبية مزيج خاص من الثقافة والفنون، يرتبط بالمناسبات المحلية والإقليمية، ولكل مدينة موروثها الذي يستهوي أهلها، ويميلون إليه، وتعد "الجنادرية" الفصـل الأكبر في عرض هذه الفنون الممتدة عبر التاريخ. وقد تمكَّنت الفرق الشعبية من إحياء هذه الفنون وإبراز ثقافات مناطقها، التي شهدت أجنحتها في "الجنادرية" تهافت الزوار عليها للاستمتاع بعروض فرقها.
ففي جناح منطقة مكة المكرمة يتم تقديم ألوان عدة من الفنون في طليعتها الينبعاوي، والمجس، والخبيتي، والمزمار، والمـجرور، عبر فرق شعبية تمتِّع الزوار بعروضها على المسرح الرئيس للفعاليات في جناح المنطقة، وتنقل إليهم التراث الأصيل، فيتفاعلون معها بشدة، ويترسخ لدى أبناء الوطن الاعتزاز بتراثهم.
وأثناء زيارتنا جناح منطقة الباحة وجدنا تنوعاً في العرضـات الشعبية المقدَّمة، أو ما يسمَّى "رقصة الحرب"، و"اللعب"، و"الحصاد"، مصحوبة بدخان البارود الذي يغطي سماء ساحة العروض في قرية الباحة، ما يشكِّل لوحة إبداعية، تتناغم مع الزي والأداء الاستعراضي، فيما يلعب الشاعر دوره البارز بقصائد في ساحات العرضة، ما يبث البهجة والسرور والحماس في نفوس الحاضرين. نذكر أن عدد الفرق الشعبية المشاركة هذا العام في الجناح ثلاث فرق من الباحة، وتهامة، وبلجرشي، تقدِّم عدداً من الألوان مثل العرضة، والمسحباني، والمجالسي، واللعب، والهرموج.
كما استقطبت الفنون الشعبية في جناح المدينة المنورة زوار "الجنادرية"، الذين تفاعلوا مع العروض التي قدمتها، وأضفت عليها لمساتها المبدعة، ما أبهر جميع زوار الجناح، الذي يفوح عبقاً بذكريات محمَّلة بالحنين والشاعرية، كما قدمت بحراً من الألـوان الفنية الممزوجة بالفنون الشعبية مثل السمسمية، والخبيتي، والمزمار التي تمثل تراث المنطقة.
وفي جناح منطقة جازان، حازت الرقصات الشعبية التي توثِّق عادات المنطقة وتراثها الأصيل إعجاب الحاضرين، الذين استمتعوا بسبعة ألوان فلكلورية هي: العزاوي، والمعشى، والسيف، والخطوة، والجيش، والربش، والكاسر، التي تمثل التراث الجازاني.
للفنون الشعبية تاريخ عريق، ودور مهم في توثيق تراث البلاد وأصالتها وموروثها الشعبي، وتعد من أهم الفنون الارتجالية.
وقد استكملت الفنون الشعبية رونقها، وأثبتت أهميتها بإثراء ذاكرة ومعلومات زوار "الجنادرية" بكل ما هو أصيل وعريق، وهذا ما شاهدناه في جناح منطقة القصيم، أكثر الأجنحة إثراء وتقديماً للألـوان الفنية والفلكلورية. وفي الجناح التقينا رئيس دائرة عنيزة للتراث الشعبي والمختص في إدارة الفرق الفلكلورية والشعبية في جناح القصيم الأستاذ صالح الفرج، وهو قائد لفـرق فلكلورية منذ سنوات، فتحدث لـ "سيدتي" عن دور هذه الفرق وأهميتها، والإضافة التي تثري بها المهرجان الوطـني، قائلاً: نشارك هذا العام بأربعة ألوان شعبية هي العرضة السعودية، والسامري، والناقوز، والحوطي، التي تمثل أبرز الألوان الشعبية في المنطقة، والعرضة السعودية تُعرف بعرضة السـيوف، وكانت تتم تأديتها قديماً خلال الحروب لزيادة حماس المقاتلين، أما الآن فقد أصبحنا نؤديها في الاحتفالات الرسمية، وحفلات الأعراس. وعن فن السامري الذي يقومون بتأديته قال: إنه من الفنون الطـربية، وليس مجرد رقصة، ويؤدى على شكل صفين، كل صف فيه مؤدٍّ يحمل طـبلاً، كما يتميز هذا الفن بالتمايل واللعب أثنـاء الغناء، ويقال إنه سُمِّي بالسامري نسبة إلى سمر "مجموعة من الناس".
وتابع: أما لون الحـوطي، فهو فن راقص شبيه بالسامري المتعارف عليه في جميع المناطق السعودية، وهو فن تتم فيه تأدية القصائد الغزلية والشعر المباح. وأضاف: أما لون "النـاقوز" فهو فن خفيف وسريع وراقص وشبيه "بالخبيتي" المعروف في المنطقة الغربية، ويتضمن أيضاً قصائد مباحة.
وحول أهم ما يلفت انتباه الزوار في "الجنادرية" من هذه الفنون، أكد لنا أن معظم الزائرين يرغبون في متابعة الفـنون السريعة مثل الناقوز، وذكر أن عدد الأشخاص في فرقته في جناح القصيم يتراوح ما بين 50 – 60 شخصاً، وأشار إلى مشاركة فرقته في المحافل الدولية والعربية، وفي مناسبات وطنية سعودية، ومهرجانات دولية يتم فيها عرض الأنشطة السعودية وفنونها.