عبث وفوضى الشهادات المزورة، الذي تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية في الآونة الأخيرة، دفعهم إلى المطالبة بوضع حد لهذا التلاعب والغش، ومحاسبة كل شخص ساهم في هذا الأمر الذي يسيء إلى سمعة السعودية، مشيرين إلى أن الخطورة تكمن في حصول الشخص الذي نال هذه الشهادة المزورة على مناصب وميزات رفيعة وهو ليس أهلاً لها.
"سيدتي" التقت عدداً من الدعاة والأكاديميين، الذين كشفوا لنا بعض التفاصيل عن كيفية حصول أشخاصٍ ضعاف النفوس على شهادات تعليمية مزورة في تخصصات عدة، ووصفوا هذا التصرف بأنه من الأعمال المحرَّمة، التي تعد خيانة للدين والوطن.
السجل الأكاديمي
بداية تحدث لنا أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، ومدير معهد الأمير نايف العالمي للثقافة والعلوم سابقاً الدكتور عبدالرحمن العصيل، الذي قال: "يجب على وزارة التعليم قبل اعتماد أي شهادة جامعية صادرة من أي دولة التأكد منها عبر الملحقيات الثقافية والسفارات السعودية في الخارج، على أن يتم تزويد الوزارة بكافة البيانات المتعلقة بالطالب الذي حصل على الشهادة، ويكون ذلك من خلال سجله الأكاديمية الذي يبين سنوات دراسته، إضافة إلى التزامه بالحضور الدائم في الجامعة".
وأوضح العصيل، أن هناك نماذج كثيرة لشخصيات سعودية وعربية، نالت شهادات الماجستير في العلوم الإدارية والدكتوراة في السياسة بالسفر إلى أمريكا، والتعامل مع مكاتب تقوم بمنح شهادات من جامعات وهمية بعد دفع مبالغ مالية، وأضاف: "هناك عديد من الجامعات الوهمية في أمريكا، ولا يوجد لهذه الجامعات أي كيان معروف، حيث يقوم الطالب بالتعامل معها عن طريق المراسلة، وليحصل على الشهادة يقوم بدفع مبلغ مالي قد يصل إلى 100 ألف ريال، وهذا لا يقتصر على الشهادات العليا، فحتى شهادة البكالوريوس أصبح من السهل الحصول عليها حالياً، وهنا تكمن الخطورة لذا يجب على وزارة التعليم العمل على كشف هذا التلاعب والغش".
أحد أنواع الفساد
كما نوَّه إلى أن تزوير الشهادات الجامعية موضوع كبير وخطير، وهذا الأمر يعد أحد أنواع الفساد، الذي يجب على الدولة محاربته بشتى الطرق، حيث قال: "يجب محاسبة الشخص الحاصل على شهادة مزورة ومصادرة أمواله، وكذلك الشخص الذي قام بتزوير الشهادة له إذا كان داخل السعودية، لأن ذلك يسيء إلى سمعة التعليم وهيئة التدريس في الجامعات السعودية".
من جهته، أشار المستشار في العلوم الإنسانية عبدالعزيز الحسن إلى أنه لا فرق بين الشخص الذي يحصل على الشهادة بعد دفع قيمتها، أو الذي يقوم بتزويرها فكلا العملين غشٌّ، وقال: "وزارة التعليم تحاول بشتى الطرق الحد من هذا التلاعب من خلال وضع معايير معروفة وواضحة، لكن المشكلة تكمن في محاولة استغلال السعوديين من الخارج من خلال إغرائهم بالحصول على شهادات عليا عبر المراسلة، وهذه الشهادات وهمية لا قيمة لها".
شهادات وهمية من مختلف الجامعات
وبيَّن الحسن أن منح شهادات وهمية في مجال الطب والهندسة لا يقتصر على جامعات أمريكية، أو بريطانية فقط، بل إن هناك شهادات وهمية صادرة من بعض الجامعات العربية المعروفة، وهناك شخصيات معروفة في المنطقة الشرقية حصلوا على شهادات البكالوريوس في تخصص الإعلام في غضون ستة أشهر، وآخرون محامون لم يقوموا بزيارة الجامعة التي نالوا الشهادة منها في الخارج ولا مرة واحدة، فقد قاموا بدفع مبالغ مالية تصل إلى 150 ألف ريال عبر مكاتب، وحصلوا على الشهادة في القانون.
فيما أشار الشيخ والداعية عادل الزهراني إلى حرمة العمل بالشهادات التعليمية المزورة، مشدداً على أن التوبة من هذا الذنب لا تكتمل بالتخلي عن المنصب والمكتسب، بل يجب إعادة الرواتب التي تقاضاها أيضاً، لأن هذا التصرف يندرج تحت بند خيانة الدولة، التي استأمنته على الوظيفة.
شهادات غير معترف بها
أما سلمان الرمضان، المهتم بشؤون علم الفلك في القطيف، فقال: "شهادة علوم الفلك التي يتم إحضارها من خارج السعودية، هي شهادات غير معترف بها، لأنه في الأصل لا يوجد أي جهة حكومية، أو جمعية خيرية تعتمد هذا التخصص، فالأشخاص الذين يعملون في هذا المجال 90% منهم هواة، ولديهم معلومات وإطلاع واسع مكَّنهم من الحديث والتنبؤ في هذا التخصص، منوِّهاً إلى أن جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، هي الجامعة الوحيدة في السعودية التي يوجد فيها تخصص علم الفلك، وجميع خريجي هذا التخصص يتم تعيينهم مدرسين لمادة العلوم، أو الرياضيات لا فلكيين".