قبل عدة أسابيع، انتشرت صور معلم في إحدى مدارس قرية نائية ومنعزلة في دولة "غانا" غربي القارة الأفريقية، وهو يقوم بتدريس طلابه برنامج الـ"وورد word" من مادة الحاسوب، بدون وجود أي أجهزة، ذلك عبر رسم جميع تفاصيل هذا البرنامج الشهير على "سبورة" الفصل الدراسي، مستخدماً الطباشير الملونة فقط لإنجاز هذه المهمة، وسبب قيامه بهذا الأمر عدم وجود القدرات المالية المطلوبة لتأمين الأجهزة اللازمة في الفصول الدراسية.
جهد أستاذ مادة الحاسوب الغاني "أوورا كوادوو"، الذي يعود أصله إلى مدينة "كوماسي" غرب دولة غانا، ويدرس في مدرسة ثانوية في بلدة "سيكيداداس"، لقي الإشادة الواسعة من جميع من شاهد وتداول صوره وهو يقوم بذلك، حيث عبر عشرات الآلاف حول العالم، عن تقديرهم لما قام به من ابتكار طرق ينشر خلالها العلم والمعرفة لطلابه الفقراء، وفقاً للظروف المادية التي يعيشها مواطنو البلاد.
ولم ييأس "كوادوو" من قلة الإمكانيات، بل من عدمها أساساً، ولأن على طلبته أن يقوموا باجتياز امتحان وطني في مادة الحاسوب، قرر أن لا يحرمهم من العلم حتى ولو لم يكن يمتلك أي جهاز أو أي امكانيات، ورسم برنامج الـ"وورد word" بأدق تفاصيه لتدريسهم، وجعلهم ينجحون في هذا الإمتحان، حيث كان قد صرح "كوادوو" لشبكة سي ان ان CNN الأمريكية حول طريقته في تدريس مادة الحاسوب: "لقد أردت أن يعرفوا أو يروا كيف ستظهر النافذة اذا ما كانوا وراء جهاز حاسوب فعلًا، فدائماً ما أرغب في إثارة اهتمامهم بالمادة الدراسية، لهذا، أفعل دائماً أفضل ما عندي من أجلهم".
وبعد أن قام" كوادوو" بنشر عدد من الصور لطريقته هذه في التدريس، والتي انتشرت على نطاق عالمي واسع، تلقت المدرسة العديد من العروض والتبرعات لأجهزة حاسوب جديدة، حتى يتمكن الطلاب من الدراسة بواسطتها، وتطبيق معرفتهم عن "السبورة" بشكل حقيقي عبر هذه الأجهزة، ويؤكد "كوادوو" أن "هناك العديد من المدارس التي تواجه نفس المشكلة، ويمكنني أيضاً تقديم بعض التبرعات لهم؛ حتى يتمكنوا أيضاً من تدريس مادة الحاسوب".
إلا أن الشخصية الأبرز من بين جميع من نشروا وتداولو صور المعلم الغاني، حول العالم، كانت "ريبيكا إينونشونغ"، وهي رائدة أعمال معروفة، طلبت من شركة "مايكروسوفت" تزويد "كوادوو" ببعض الأجهزة المناسبة حتى يتمكن من ترك السبورة، وتدريس مادة الحاسوب بشكل حقيقي وقالت عبر صفحتها الشحصية على موقع التواصل الإجتماعي والتغريد القصير"تويتر": "بالتأكيد يمكنكم تقديم بعض الموارد المناسبة".
وجاء الخبر الجيد والمُدهش في الوقت نفسه، من نفس شركة "مايكروسوفت Microsoft"، التي قامت فور علمها بالقصة، بنشر تغريدة لها على صفحتها الرسمية على موقع تويتر، ترد فيها على تغريدة "إينونشونغ"، وتعلن تزويد المدرسة التي يعمل بها "أوورا كوادوو" بكافة الأجهزة اللازمة، بهدف دعم المعلمين في تمكين التحول الرقمي في العملية التعليمية، مؤكدةً على أنّ هذا العمل هو جوهر ما تقوم به.
وبعد انتشار هذا الخبر، وما قام به المعلم الغاني "أوورا كوادوو" على نطاق عالمي واسع، وبعد أن قامت شركة "مايكروسوفت" صاحبة برنامح الـ"وورد" الذي يدرسه "كوادوو" بإعلان التبرع بعدد من الأجهزة لطلابه، تداول العديد من الناس عبر مواقع التواصل الإجتماعي، أراءهم حول قوة الإعلام الجديد الذي هو في متناول الجميع، وكيف أنه لو أدير بالطريقة السليمة، سيكون له تأثير أكبر في جميع مجالات الحياة، وهذه ليست المرة الأولى، التي يتمكن فيها رواد التواصل الإجتماعي عبر هذه المنصات الإلكترونية، من إحداث تغيير في مصائر وحياة الأشخاص حول العالم كله.