هناك من ينظرون إلى الاحتيال على أنه "فنً"، وإلى الشخص المحتال على أنه نابغة ومتقد الذكاء، إلا أنه أدار هذا الذكاء فيما يضر الناس، ويضمن له مكاسب مادية كبيرة، وآخرون يرون أن جهل لدى بعض الأشخاص هو من يُمكن المحتالين من القيام بعملهم، ويفتح لهم المجال حتى يرتكبون عمليات النصب والإحتيال، ولكن في تركيا، انتشرت قصة شاب عشريني، جمع بين رأي الفريقين معاً، فهو محتال ذكي للغاية، استغل جهل الناس وحبهم للمال.
وفي تفاصيل هذه القصة التي انتشرت مؤخراً بشكل كبير في الشارع التركي، وقع أكثر من 80 ألف شخص، ضحية احتيال شاب تركي يُدعى "محمد آيدن"، ويبلغ من العمر 27 عاماً، عبر إنشائه موقعاً الكترونياً حمل اسم "بنك المزرعة"، احتال من خلاله على كل هؤلاء، عبر وعوده بالأرباح الكثيرة التي سوف تعود عليهم، بعملية احتيال ضخمة، تم اعتبارها من بين أغرب وأكبر عمليات النصب في تركيا.
وبحسب وسائل إعلامية تركية، أن المحتال الصغير الذي يملك وجهاً طفولياً للغاية، الأمر الذي تمكن من خلاله بكسب ثقة الناس، كان قد أغرى المساهمين معه في "بنك المزرعة" خلال الأشهر الأولى من تأسيسه، بأرباح مالية كثيرة، إذ كان يقوم بجمع الأموال منهم ويعطيهم بعدها نسباً وفوائد مرتفعة جداً، الأمر الذي دفع بعشرات الآلاف من المواطنين الأتراك، بأن يستثمروا أموالهم معه بهدف هذا الربح السهل والكبير.
توسعت أعمال "آيدن"، وبدأ بفتح عدة مكاتب لهذا المشروع، وأسس مقراً رئيسياً لـ"بنك المزرعة" في مدينة أسطنبول، وعمل على شراء الكثير من المزارع التي ادعى أنها لعمله واستثماره الخاص بكل ما يخص تربية المواشي والدواجن وإنتاج البيض، حتى وصل الأمر به إلى أن يعلن عن عملة إلكترونية ستنافس عملة الـ"بتكوين" الإفتراضية.
وكانت كل الأمور تسير على أكمل وجه بالنسبة إلى الأشخاص المساهمين في "بنك المزرعة"، والذين استثمروا أموالهم لدى "آيدن"، حتى جاء الوقت الذي لاحظوا فيه اختفائه وانقطاع التواصل معه، واكتشفوا بعد ذلك أن "محمد آيدن" المحتال، كان قد سرق أموالهم جميعها وسافر خارج البلاد.
كان "آيدن" قد خطط لكل شيء مُسبقاً، فبعد أن تمكن من جذب عشرات الآلاف من المستثمرين إليه، واستطاع سرقة أكثر من 500 مليون ليرة تركية، أي أكثر من 126 مليون دولار أمريكي، هاجر من تركيا إلى أميركا الجنوبية، وعلى وجه التحديد إلى الأراغويه بعد أن تمكن من الحصول على الجنسية هناك، دون أن يتم إلى الآن إلقاء القبض عليه.
ووبحسب موقع "سي إن إن تورك"، انتشر مؤخراً تسجيل صوتي تم نسبه إلى محمد آيدن بعد عملية الاحتيال الضخمة التي قام بها، يتحدث فيه عن قصة حياته، وكيف وأين عاش، وفي بداية حديثه في التسجيل المنسوب إليه، قال أنه ولد في مدينة "بورصا" التركية في 31 آيار/ مايو من العام 1991، وتعود أصوله إلى مدينة "غيرسون" شمال البلاد.
ويتابع آيدن خلال التشجيل، أنه كان قد قضى أهم أيام طفولته إلى جانب أعمامه الذين يعملون في الماشية بمدينة "غيرسون"، ودرس الابتدائية والمتوسط في مدينة "بورصة"، وبدأ الدراسة الثانوية في إحدى مدارس الإمام خطيب، ولكن بسبب وضعهم المادي السيئ توقف عن الدراسة وسجل في التعليم المفتوح عن بُعد.
أما في ما يخص الأعمال التي اشتغل فيها، فيقول بأنه ترك تعليمه وعمل نادلاً في مقهى، ثم بعد ذلك عمل في غسل الصحون في أحد المطاعم التي تعلم فيها مهنة الطبخ، ليعود إلى المقهى الذي كان يعمل فيه سابقاً ويشغل منصب "طاهٍ"، كما اعترف بأنه قام بوقت سابق، ببيع نظارات ادعى أنها تمكن الأشخاص من رؤية غيرهم وهم "عراة" بدون ثياب عبر الإنترنت.
أما فيما يخص عملية النصب الضخمة التي قام بها، فيقول "آيدن"، بأنه كان قد أسس "بنك المزرعة" في شهر آب/ أغسطس من العام 2016، برأس مال لم يتجاوز الـ 10 آلاف ليرة تركية، وخلال أقل من شهرين فقط، تمكن من جمع أموال المستثمرين وشراء قرابة 100 مزرعة في "كاراكابي بورصة"، وقال بأنه انتقل إلى مدينة إسطنبول، بعد هجوم عصابة "مافيا" على مكتبه وطلبها منه أموالاً وابتزازه، مما جعله يغادر مدينة "بورصة" بحراسة مشددة ليس خوفاً على نفسه بل خوفاً على أموال الناس وحقوقهم حسب قوله في التسجيل الصوتي.
ولا يزال "آيدن" مستمراً في محاولاته الغريبة بإقناع الناس أنه ليس محتالاً، حيث يقول بأن هجرته إلى الأراغويه، كانت هرباً من الخداع والفساد المالي الكبير والاحتيال الذي تعرضه له هو نفسه من قبل شركائه، وبأنه غادر تركيا إلى هناك حتى يتمكن من استعادة حقوق الناس، وسيظل هناك حتى يتمكن من تحقيق ذلك.
وعلى إثر تلقي الأجهزة الأمنية التركية العديد من البلاغات ضد "آيدن"، استطاعت إلقاء القبض على العديد من الموظفين الذين كانوا يعملون في "بنك المزرعة"، لكن الشرطة وجدت المكاتب والمقرات مغلقة وفارغة، أما زوجته الصغيرة ذات الـ20 عاماً، فقامت بتسليم نفسها إلى الشرطة طواعية.
وفي تصريح لوزير العدل التركي عبد الحميد غول، أكد من خلاله بأن الحكومة التركية ستقدم طلباً إلى حكومة الأراغوايه لتسليم المحتال "محمد آيدن" إلى سلطات بلاده، حتى يعيد الأموال التي سرقها، واحتال على الناس بها، ويلقى عقابه المستحق على يد القضاء العادل.
التسجيل الصوتي المنسوب لمحمد آيدن:
تركي يحتال على الآلاف ويسرق 126 مليون دولار
- أخبار
- سيدتي - محمد المعايطة
- 20 مارس 2018