غريبة هي بعض طبائع النساء.. فالبعض منهنّ يعشقن التباهي ثم يتحولن إلى حاسدات أو محسودات، فتحتقن الصدور وتسوء الأمور حتى تصل حد الشجار.. وهلّم جرى.. فالواحدة منهنّ تشتكي من تغير معاملة زوجها وتغير تصرفاته، أو تأخرها في الزواج، أو ظهور بقع زرقاء على جسدها لا علاج لها، وقد تكون هي أحد أسباب ما تعانيه لأنها قد تبالغ في امتداح زوجها، أو تبالغ في زينتها، أو ترقص في كل زواج من أجل المباهاة ولتقهر فلانة، أو تمتدح ابنتها رغم علمها بأنّ فلانة "عينها قد تفلق الحجر" _كما يُقال_ لكنها مع ذلك تريد أن تكون حديث مجالس النساء بأناقتها وجمالها... لذلك لا عجب أنّ حصة سقط شعرها، وسوسن احترق وجهها، وعبير القمر صارت عانسًا، وهدى تطلقت، وابنتها هنادي انصرعت.. ومن أجل هذه الأمور تحدث المشاجرات والصراعات النسائية في أقوى وأبشع صورها..
استطلعنا بعض الآراء السريعة حول الحسد وتبعاته، فأقرّ نواف المبارك قائلاً: "الحسد من القريب مؤلم ومن البعيد متوقع.. لذا الحذر الحذر من الجبهة الداخلية ومن الجبهة الخارجية..!!"
وتقول نورة الحربي: "العين حق؛ لذلك عندما أقول لأحد عندما يرى نعم الله علي: اذكر الله، فيقول: أنا لا أصيب أحدًا بالعين. وهو رأس من رؤوس العين. لذلك الصحابة (رضي الله عنهم) قالوا: إذا رأينا شيئًا وأعجبنا به ولم نذكر الله أصبناه بالعين. الإنسان له مجاور الشيطان إذا لم نحصن أنفسنا. حتى إذا نظرنا في المرآة وأعجبنا بشخصنا ولم نذكر الله حسدنا أنفسنا".
أما همسة فتقول: "عن نفسي لا أؤمن بالحسد والإفراط الزائد منه، وكلام الناس: تحصني، لا تلبسي شيئًا ملفتًا، لا تظهري خير زوجكِ.. أنا أفعل كل شيء وأكتفي بدعاء الصباح: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم".
الكتمان والتقوى
حول حل قضية الحسد يقول المستشار الأسري عبد الرحمن القراش: "تقول العرب: لا يخلو قلب من الحسد، فالكريم يخفيه واللئيم يظهره. لذا أوصي النساء بالكتمان قدر المستطاع والتحصين الدائم، والرضا بالمقسوم، والحرص على الصلاة والذكر. وأما الحاسدون فأقول لهم: اتقوا الله أتحسدون الخلق على رزق الله لهم فلا تكونوا في زمرة الشيطان الذي أخرجه حسده من الجنة، وجعله الله مسخًا قبيحًا مطرودًا من رحمة الله".
الحسد مولد الشجار
أما حل ما يدور من شجار نسائي دائم بسبب الحقد والحسد سواء كانت المبتدئة هي الحاسدة أم المحسودة ترى الأخصائية الاجتماعية بمستشفى قوى الأمن نجوى فرج أنّ هذا النوع من الشجار النسائي الذي قد يتسم بالحدة والجنون، ويصل لحد التطاول باليد بعد التطاول باللسان. وهو بلاشك لا يكون إلا في العلاقات الاجتماعية القريبة والمتداخلة، وكذلك في الأوساط التي تفتقر للتعليم العالي الذي يجعل الإنسان أكثر تفتحًا ورقيًّا في تصرفاته وتحكمًا في مشاعره، وتضيف الفرج:" إنّ أغلب هذه المواقف عندما تحدث مع النساء فإنّ السبب الأول يكون دافع الغيرة والحقد على زوجها من أخرى، أو مشاجرة مع قريبة لزوجها أو حتى ضرتها. ويكون الحقد والحسد بسبب الفروق الاقتصادية والمادية الذي يجعل النفسية مشحونة ضد الطرف الآخر.
يأتي في المرتبة الثانية مشاجرات الصديقات التي كثيراً ما يكون سببها الحقد والحسد على علاقاتهنّ الاجتماعية المميزة ومستوياتهنّ المادية والتعليمية". وتنوه فرج إلى الدور السلبي الذي يقوم به الإعلام في تصوير مثل هذه المشاجرات بين النساء وكأنها شيء طبيعي ومقبول بل يتم عرضها في قوالب كوميدية، وهذا أمر بالغ الخطورة؛ لأنّ الترويج للحسد في شكل هزلي كوميدي يقلل من جديته".