بأجسادهم العارية، وأكفهم التي لا تحمل سوى حجر أو «مقلاع» يدوي الصنع، تمكن الفلسطينيون من الصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم، منذ بداياته الأولى، وذلك لأن فلسطين وأرضها كانت قد تعدت عندهم مجرد المكان الجغرافي الذي يعيشون فيه، لتصبح حالة وطنية ورمزاً يعيش في قلوبهم مهما تهجروا ونزحوا ولجأوا، فهذه فلسطين... بيتهم وأمهم وقلبهم الكبير.
وفي 30 من شهر آذار/ مارس من كل عام، يحتفل الفسطينيون بـ«يوم الأرض الفلسطيني»، وهو مناسبة مختلفة تماماً عن «يوم الأرض العالمي» المعروف في باقي دول العالم، والذي يوافق الـ22 من شهر نيسان/ أبريل من كل عام، فهذه مناسبة خاصة بالشعب الفلسطيني وحده، ويعود تاريخها إلى الشهر نفسه من العام 1976، حين قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية، بمصادرة آلاف من الأراضي التي يملكها الفلسطينيون، بالإضافة إلى أراضٍ أخرى مشاع لا يوجد لها مُلاك محددون، إلأ أنها تظل أراضيَ فلسطينية رغم ذلك، في نطاق حدود المناطق ذات الأغلبيّة السكانيّة الفلسطينيّة.
وعقب هذه الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على تلك الأراضي، بدأ الشعب الفلسطيني إضراباً عاماً كبيراً، ومسيرات حاشدة غاضبة، امتدت من مناطق مدينة الجليل وصولاً إلى النقب، واندلعت خلال هذه المسيرات العديد من المواجهات الشرسة والدموية بين المتظاهرين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، والتي أسفرت عن ارتقاء ستة شهداء فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات من المتظاهرين على يد قوات الاحتلال.
وإلى يومنا هذا، لا يعتبر «يوم الأرض الفلسطيني» في أذهان جميع الفلسطينيين يوماً عادياً، أو ذكرى لحدث ما قد يمر مرور الكرام، بل هو جزء من تكوين الهوية النضالية الفلسطينية، وحدثٌ محوريٌّ للغاية، في عمر وتاريخ الصراع على الأرض، بين أصحابها الحقيقيين، وبين من يحاول سرقتها منهم بالقوة والسلاح والمكيدة، وذلك كون هذه المظاهرات والمسيرات التي اندلعت في يوم الـ30 من آذار/ مارس 1976، تعتبر المرة الأولى التي يُنظم فيها العرب في فلسطين منذ أحداث «النكبة» في العام 1948 احتجاجات واسعة رداً على السياسات الإسرائيلية بصفة جماعية وطنية فلسطينية.
الاحتفال بالمناسبة
وتختلف احتفالات الفلسطينيين بذكرى «يوم الأرض الفلسطيني»، حيث إن جميع المدن الفلسطينية تحتفل بشتى السبل والأشكال بهذه المناسبة، فمن تنظيم حفلات موسيقية وطنية، أو مهرجانات خطابية ترسخ أهمية هذا اليوم، إلى الفعاليات العديدة، والتي منها، ما قام به عدد من سكان مناطق الجنوب، قطاع غزة، المحاصر خلال الأيام القليلة الماضية، الذين زرعوا عشرات بل مئات شتلات أشجار الزيتون، على مقربة شديدة من الحدود التي تسيطر عليها دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وكان قد شارك في عمليات الزراعة هذه العشرات من الفلسطينيين من مختلف طوائف الشعب وتوجهاته الفكرية والحزبية، بالإضافة إلى الرجال والأطفال والنساء، كما ساهم في عمليات الزراعة أيضاً عدد من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين جاءوا يتحدون الإعاقة الجسدية في قطاع غزة؛ للاحتفال بهذه الذكرى وإحيائها.
وكتب الشعراء والأدباء الفلسطينيون الكثير من الأعمال الشعرية والأدبية عن يوم الأرض الفلسطيني، ومنها ما كان قد قاله الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في هذه الذكرى:
«أيّها الذاهبون إلى جبل النار
مرّوا على جسدي
أيّها الذاهبون إلى صخرة القدس
مرّوا على جسدي
أيّها العابرون على جسدي
لن تمرّوا
أنا الأرض في جسد
لن تمرّوا
أنا الأرض في صحوها
لن تمرّوا
أنا الأرض.. يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها
لن تمرّوا.. ».
الفلسطينيون في كل العالم يحتفلون بـ«يوم الأرض»
- أخبار
- سيدتي - محمد المعايطة
- 29 مارس 2018