قصة جديدة من قصص الجفاء الأسري المدمر يخبرنا بها المستشار الاجتماعي والأسري عبد الرحمن القراش نقلاً على لسان صاحبتها التي روتها قائلة: "كنت أحلم كأي فتاة بذلك الفارس الذي يأخذني على جواده الأبيض فيحقق أحلامي، وأشعر معه بالرومانسية التي كنت أشاهدها في المسلسلات أو أقرأها في الكتب.
وفعلاً لم تطل تلك الأحلام حتى بدأ الخطّاب يتوافدون إلى بيت والدي بعد إنهائي المرحلة الثانوية، ولكن في كل مرة كنت أرفض بحجة طول وعرض وجاه ومال حتى قدّر الله لي أن أقبل بزوجي هذا مع إني في قرارة نفسي لم أقبله مباشرة، ولكن من كثرة إلحاح أهلي وافقت لكونني رفضت من قبل الكثير من المتقدمين، وكانت الميزة الوحيدة فيه التي جعلتني أقبل به أنّ أمه لا يوجد لديها بنات وإنما ثلاثة أبناء زوجي وشقيقين واحد أكبر منه، والآخر أصغر. فقلت ربما سأكون مدللة عندها لأنّ زوجي أول المتزوجين من إخوته. وبعد إتمام الخطوبة وحفلة الملكة تم تحديد الزواج بعد 4 أشهر فبدأت في الاستعداد لأهم حدث في حياتي، فلم أترك سوقًا أو مجلة أو موقعًا للموضة إلا واشتريت منه، كما سألت كل قريباتي وصديقاتي عن فنون كسب الزوج، وكل ذلك لكي لا أقع في أخطاء غيري من بنات جيلي.
ومع مرور الأيام كنت أنتظر اتصالاً منه يشعرني بشوقه أو محبته ولكن للأسف لم أكن أسمع صوته إلا كل شهر مرة واحدة يكلمني فيها، ثم يقول لي بالحرف الواحد: (أعطني أمك – أعطني أباك) لأتحدث معهما، فاسمع ضحكاتهما معه ومدحهما له ولكنه معي (كأنه صخرة). ابتلعت تلك المواقف وقلت ربما يستحي مني وأحسنت الظن فيه".
جفاء من الليلة الأولى
عندما جاءت الليلة الموعودة ودمعت عيون أحبتي لفراقي داعين لي بالسعادة لم يعلموا أنهم كانوا يقبرونني مع زوجي، فبعد أيام من الدخلة كنت أشعر بأنه يتأفف يريد أن يخرج لوحده مع أصدقائه، فأخبرته لو رغب بالخروج فليخرج وليتركني، وكأنّ تلك الكلمات إذن مني بأن يهملني للأبد، بعد سفرنا عدنا وسكنا في شقة ببيت عائلته وأصبح يخرج لأوقات طويلة يتركني فيها بين أربعة جدران، فمللت من كل شيء حيث كان يمر شهر وشهران ولا أراه بحجة أنه يعود تعبانًا حيث يخرج للسهر من بعد 10 مساء ليعود عند الفجر فيغير ملابسه للعمل، وأحيانًا كان يأخذها معه ليغير من استراحة أصدقائه. حاولت جاهدة أن أتكلم معه، ولكن من دون جدوى فكان يقول لي دومًا: إذا احتجتِ لشيء فاتصلي بأمي ترسل أخي يجلبه لكِ، فتجادلت معه كثيراً بأنه هو زوجي وليس أخاه ولكن لم أستفد شيئًا".
لا مجيب..
بعد فترة تعبت نفسيًّا فاتصلت بأهلي لأخبرهم ولكن للأسف كان ردهم سلبيًّا بأن أتحمل فبكيت لليالٍ طويلة، ولكنني تمالكت نفسي وتشجعت وأصبحت اتصل بأم زوجي أسرد لها قائمة من الطلبات وكانت تحضرها في البداية مع شقيق زوجي الذي يكبرني بسنتين، ثم ما لبثت حتى أصبحت تتهرب من الرد على اتصالاتي، وإن ردت تتأخر في تلبيتها، وأحيانًا ترسلها مع شقيق زوجي بمفرده والذي اتضح لي بأنه الوحيد في بيت أهله الحنون، فحتى أم زوجي لم تعد تهتم لوجودي ولا زوجي الذي لم يعد يسأل عني.
البداية التائهة
في إحدى المرات التي جلب لي فيها الأغراض ترك لي رسالة يوجد بها رقم جواله مكتوب فيها أرسلي لي رسالة بطلباتكِ، ومع الوقت أصبحت أرسله له بالطلبات عبر الجوال، وأصبح هناك نوع من الاستلطاف فكان يرسل لي نكتًا أو صورًا فأرد عليه حتى تطور الوضع، وكنت أفتقد تصبيحه عليّ وسؤاله عني، وكنت أنتظر كثيرًا ردوده، بل كنت أبكي إذا سمعت بأنه سافر لأنه لن يلبي طلباتي أحد في ذلك البيت المليء بالأشباح، فكلما اقترب مني أكثر كرهت زوجي أكثر حتى تصارحنا بالحب وأصبحنا نعيش على الجوال ليالٍ طويلة، ومكالمات مديدة وأشواقنا وآهاتنا تتسابق.
النهاية المدمرة
استمر الحال على هذا المنوال حتى أعلن لي عن رغبته في لقائي فترددت في البداية ولكنني آمنت بأنه حب حياتي الذي تمنيت فوافقت، وأصبحت لقاءاتنا تتكرر، وأصبحت القمصان والفساتين التي ابتعتها ليراها زوجي ويتمتع بها يراها أخوه بدلاً منه. شعرت معه بالسعادة إلا أنّ عذاب الضمير لا يغادرني لما اقترفت من ذنب في حق نفسي بسبب زوج جاف سلبي وأهل أكثر سلبية لم يشعروا بي.
إهمال أنوثة الزوجة نذير شؤم!!
يعلق المستشار القراش على القصة قائلاً: "لا شك أنها أخطأت ولكن لم يكن خطاؤها من صنع يدها، وإنما دفعها لذلك سلبية زوجها فمهما كان تبقى أنثى وتحتاج لمشاعر، ولكن في لحظة ضعف وقعت فريسة لشقيق زوجها الذي لم يكن إلا ذئبًا لم يراعي حرمة بيت أخيه، ومهما قلنا إنّ خطأها جسيم وعظيم، ولكن خطأ إهمال زوجها أعظم وأكبر، فما قامت به نتيجة طبيعية لعدم مراعاته لشعورها، فللنساء قيم مختلفة، فهنّ يقدرن الحب والتواصل والجمال والعلاقات فيشعرن بالإشباع العاطفي عند مشاركتهنّ والتواصل معهنّ، وتتفاوت درجة هذه القيمة من امرأة إلى أخرى ولكنهنّ يشتركن في المحصّلة الأخيرة وهي الحاجة العاطفية والرومانسية، وإهمال ذلك إنذار شؤم يدمر كيان الأسرة".
ويضيف: "لذلك نستطيع أن نبين الآثار السلبية التي تقع على المرأة والأسرة نتيجة إهمال الزوج، ومنها:
1. فقدان الزوجة وأفراد الأسرة لمعنى الأمان الذي ينشدونه في حياتهم فيعيشون معه مضطربين.
2. تتعرض الزوجة للوسواس والظنون السيئة.
3. اختلاف الهرمونات واضطراب الدورة ما ينعكس على نفسيتها وشكلها.
4. تصبح الزوجة أو الفتاة صيدًا سهلاً لمن يعرف ظروفها.
5. يفتقد المنزل لهيبته لعدم تواجد الأب مع أسرته ومتابعته المستمرة لجميع الأمور، وهذا يساعد على انحراف بعض أفراد الأسرة.
6. الاحتياج العاطفي إذا فقدته المرأة لا تستطيع العيش وتكون عرضة للأمراض النفسية.
7. ازدياد حالات الطلاق.
8. ازدياد الرغبة في الانتقام حتى ولو كانت تعلم المرأة أنه خطأ.