أوصانا ديننا الحنيف أن نختار عمل الخير والإيثار دائمًا مع الغير، كذلك حثّنا على أن نحب لغيرنا ما نحب لأنفسنا، ولكن الكثير منّا تواجهه عواقب وخيمة أحيانًا لعمل الخير، فيُقَابَلُ وفاؤه بالخيانة ونكران الجميل، وأحيانًا بالإيذاء في العمل أو محيط الأسرة والأصدقاء، بسبب حُسن النية الزائدة، ولا يعرف كيفية التصرف السليم في مثل هذه المواقف، نستعين في هذا التقرير بالأخصائية السلوكية إيمان كامل؛ لمواجهة هذه المشكلة، حيث تقول: "حُسن النية صفة حميدة من الجميل أن نتحلى بها في تعاملاتنا مع الآخرين، ولكن عليكِ –عزيزتي- أن تكوني على علم ببعض الخصائص حتى تتّقي شرَّ من تُحْسنين إليه .. وتلك الخصائص هي:
الانتقائية
في البداية يجب أن تعرفي أن الانتقاء في حياتنا وسيلة دفاعية ضد العديد من المشكلات، وفي صدد موضوعنا هذا، يكون الانتقاء في اختيار من نتعامل معهم، والانتقاء أهم خطوة في سبيل حماية أنفسنا من أذى الآخرين، فإذا ما احْتَطْنَا من البداية لمَنْ ندخلهم حياتنا، ونجعلهم من المقربين، لَتَجَنَّبْنَا بشكل كبير أيَّ خيانة أو غدر منهم، ولاسْتَطَعْنَا أن نتعامل بصفاء نيّة كبير؛ لأننا نعلم من نتعامل معهم بشكل جيد، ونعرف معدنهم وأخلاقهم، فيكون جزاء الإحسان هو الإحسان، كما هو مُتعارف عليه في مجتمعاتنا العربية، أما في تعاملكِ مع الأغراب، فاجعلي لكل شيء حدودًا، فلا تُطلعي من لا تربطك بهم علاقة وطيدة على أسرار أو معلومات مهمة عن عملك أو أسرتك، وقِفِي بجانب الجميع، ولكن بما لا يضعك في خطر أو يجعلك محل إيذاء من الآخرين.
الاعتدال والتوزان
كثيرٌ منا يرى أن عمل الخير وحسن النيّة قد يكون في الكلام بأريحية أو إفشاء أسرار تخصُّ العمل مثلاً، أو المحاباة لزميل مُعين، أو قريب نتوسم فيه الطيبة والنقاء، ولكن هذا خطأ فادح، بالذات في علاقات الزمالة في العمل، والعلاقات الاجتماعية المُتشابكة؛ حيث يجب أن نعرف الحدود، وكونك إنسانًا صافيَ النيّة أو خيِّرًا، لا يتعارض مع أن تحب نفسك أيضًا، ولا تُلحق بها الضرر، أو تُلحقه بغيرك في محاولتك للوقوف مع إنسانٍ ما، ولا تضع نفسك محل شُبهة أو عدم ثقة، وتبرر لنفسك أنك كنت ترغب في مساعدة زميل أو صديق، لذا علينا أن نوازن بين حب الغير وحدود الصحيح والواجب.
لا للندم
أصبح من الطبيعي أو المعتاد الآن أن نُصاب بخيبة أمل عندما نواجه الشر ممن أحسنّا إليهم، مهما احتطنا في بعض المواقف، ويكون من أكبر الأخطاء التي نرتكبها في حق أنفسنا أن نفقد الثقة في أنفسنا أو في جميع الناس، وبالتالي نتوقف عن مساعدة الغير، أو الإحسان للجميع، بل على العكس؛ لنَحْتَسِبْ ما فعلناه من خير عند الله ونكمل طريقنا في حب الخير للغير، ولكن علينا أن نحيط هذا الإحساس بالحرص، والتعلم من الأخطاء، وبالتأكيد ما قدمناه من إحسانٍ مردودٌ لنا في يوم من الأيام؛ فالخير دائرة تعود لنا دائمًا، والشر أو الحقد لا يجلب لصاحبه إلا المزيد من الشرور، وعلينا اختيار جانب الخير دائمًا، وأن نعمل دائمًا وأبدًا بمقولة "افْعَل الخيرَ وأَلْقِهِ في البحر"، ولكن في البداية "اعْقِلْهَا وتَوَكَّلْ".