بعد أن عانى طوال حياته منذ الولادة من أعراض صحية خطيرة، ها هو الطفل البريطاني "جي كراوتش" البالغ من العمر 7 أعوام، من مدينة "ليسترشير" في المملكة المتحدة، يصبح أولَ طفل في العالم يخضع لعملية جراحية لزرع 5 أعضاء مختلفة في عملية جراحية واحدة وفي الوقت نفسه، إذ كان "كراوتش" يعاني من حالة مرضية نادرة، جعلت أمعاءه الدقيقة تلتفّ حول بعضها البعض، ما تسبَّب له بعدد من المضاعفات الصحية الخطيرة التي أثرت على عدد من أعضائه الأخرى في جسمه منذ كان في الأسبوع السادس من ولادته.
وبعد نجاح هذه العملية الجراحية الخطيرة، ها هو الطفل البريطاني "كراوتش" يتعافى الآن في بيته برفقة عائلته، بعدما كان قد زرع خلال العملية "كُليتين اثنتين، بنكرياساً، كبداً بالإضافة إلى أمعاء دقيقة"، وذلك أثناء العملية الجراحية التي استمرت لأكثر من 10 ساعات كاملة في مستشفى الأطفال في مدينة "برمنغهام" البريطانية.
وبحسب صحيفة "ذا غارديان The Guardian"، أن الأطباء قرروا أن يجروا هذه العملية الخطيرة والفريدة من نوعها على مستوى العالم، بعد أن أصبح العلاج الذي يوصف لـ"كراوتش"، غير فعال على الإطلاق، وأيضاً بعد أن أصبح له مضاعفات صحية تزيد من آلام وسوء حالة الطفل البريطاني، وتضعف جسده يوماً بعد يوم، فكان قرار الإجراء الطبي الجراحي، هو الحلّ الأفضل لحالته، حتى يتمكن من ممارسة الأمور اليومية، مثل تناول وبلع الطعام، الذي لم يكن قادراً على فعله من قبل العملية.
وصرحت "كيتي فريستون"، والبالغة من العمر 28 عاماً، وهي والدة الطفل البريطاني "كراوتش"، أن جميع العائلة والأقارب والأصدقاء، أصيبوا بالدهشة من التحسن الذي بدت عليه صحة ابنها بعد العملية، وفي غصون فترى قصيرة فقط، احتاجها للتعافي من هذه العملية الجراحية المعقدة، وأضافت فريستون: "ما من كلمات تكفي لأشكر المتبرع بهذه الأعضاء وعائلته، ونحن إذ فرحنا بهذه الفرصة التي حظي ابني "جي" بها، فإننا كذلك نعي تماماً الحزن والأسى الذي كابدته عائلة أخرى لجعل هذا الأمر ممكناً".
كادر طبي كبير لهذه العملية واحدة
أما عن الفريق الطبي الجراحي الذي قاد هذا الإنجاز وأنقذ حياة "كراوتش"، فكان مكون من عدد من أطباء التخدير وأطباء الجراحة، بالإضافة إلى 5 ممرضات و3 أطباء متدربين، كما أنه كان هناك فريق طبي أكبر عدداً شارك بالعناية العامة بالطفل البريطاني ومتابعة حالته الصحية.
وكانت والدة "كراوتش"، قد عبرت عن كبير شكرها وامتنانها لجميع الكوادر الطبية التي شاركت في علاج ابنها، وقالت بأنه شعور رائع للغاية، أن تتمكن من اصطحاب ابنها إلى البيت مرة أخرى وهي تدرك أنه على خير ما يرام، وتابعت "فريستون" قائلة: "هذا يعني أننا وأخيراً بات بإمكاننا العودة إلى روتين حياتنا، وأن "جي" يمكنه الشعور بالراحة في مكانه الخاص به".
ومن الجدير بالذكر، أن الكادر الطبي الذي كان مشرفاً على حالة "جي كراوتش"، كان قد شخّص حالته على أنها "متلازمة أمعاء دقيقة"، عقب اكتشافهم بأن أمعائه الدقيقة ملتفة حول بعضها البعض، الأمر الذي حرم "كراوتش" من تناول الطعام ومن هضمه لمدة طويلة جداً، وحتَّم إطعامه وريدياً، وتناولها الأدوية والعلاجات بشكل دائم للتخفيف من شدة الحالة المرضية لديه، إلا أنه ومع مرور الوقت، بدأت أعضاء داخلية أخرى تتلف في جسده، وتتوقف عن عملها، ما استجوب خضوعه لهذه العملية الجراحية العاجلة والدقيقة.
رابط فيديو للطفل "كراوتش" وهو يأكل بشكل طبيعي لأول مرة: اضغط هنا لمشاهدة فيديو للطفل "كراوتش"
فرحة "جي كراوتش" بعد العملية
بابتسامة تملأ وجهه وقلبه، قال الطفل البريطاني "جي كراوتش" بعد نجاح العملية، أنه يريد أن يشكر أمه أولاً لأنها اعتنت به طوال هذه المدة، بالإضافة إلى جدته وجده اللذين دعماه دائماً وأكدا له أنه سيتحسن، ولم ينسَ "جــي" أيضاً أن يشكر الفريق الطبي الذي أجرى له هذه العملية، ومن جانبه صرح المستشفى الذي أجرى هذه العملية الجراحية الدقيقة، أنه وفي كل عام، تقوم كوادره الطبية بإجراء أكثر من 50 عملية زرع أعضاء، لكنها بمعظمها تكون زرع عضو واحد فقط، بعكس هذه العملية التي تم إجرائها لـ"جـي".
وقال المستشار الجراحي د. خالد شريف، وهو رئيس قسم الجراحة وزرع الأعضاء بالمستشفى: "من النادر حقاً أن تنجح عملية زرع هذا العدد الكبير من الأعضاء مرة واحدة، كما أن هذا يظهر الفرق الذي يحدثه متبرعو الأعضاء في حياة الآخرين، فلولا كرم وإيثار هؤلاء المتبرعين وعائلاتهم وأحبتهم لما كانت هذه العمليات الجراحية التي تنقذ حياة الناس ممكنة". وختم شريف بالقول، "فرحتنا غامرة بالتحسن الذي أبداه جي حتى الآن، ولكن هذا بالطبع سيستلزم مراقبة متيقظة ودعماً على مدار الشهور والأعوام المقبلة".