إذا كانت الضرورة هي أمَّ كل الاختراعات، فربما يكون مفهوم الإزعاج مثل "ابن عمه الثاني"؛ لأن هناك مجموعة من الاختراعات ووسائل الإعلام موجودة اليوم بشكل شبه خالص لتقوم بإزعاج الناس، بل إن هناك بعض الابتكارات والأشياء التي تعمَّدَ من أنتجها أن يُزعج الآخرين، فهي لا قيمة لها ولا فائدة منها، وهنا نرصد بعضًا منها:
رقائق البطاطس لإزعاج أحد الزبائن:
تقول القصة إن رقائق البطاطا قد اخترعها رئيس الطهاة في نيويورك، ويُدعى جورج كروم، وذلك في الخمسينيات من القرن التاسع عشر، بعد أن دخل في جدال حاد مع عميل، حيث اشتكى العميل مرارًا وتكرارًا من قطع البطاطس المقلية؛ لأنه حجمها كبير، كما أنها غير مُملحة بطريقة كافية، وهنا عمد الطاهي إلى تقطيعها إلى قطع رقيقة للغاية ومن ثَمَّ غمرها بالملح وقدَّمها للزبون كنوع من التحدي، ولكي يزعجه، ولكن ما حدث أنها نالت إعجاب الجميع.
مثلث هيس:
كان هناك شخص يُدعى ديفيد هيس، قامت مدينة نيويورك بهدم فندقه، بالإضافة إلى مجموعة من المباني الأخرى في قرية ويست فيلادج في نيويورك، وفي نهاية المطاف اتضح أن قطعة صغيرة من الأرض تعود ملكيتها إلى هيس تمَّ تجاهلُها، وعندما أراد هيس العودة إلى المدينة رفض بيع هذه القطعة كنوع من التنكيل بكل من شارك في تدمير فندقه المحبوب، وقاوم كل محاولة للسيطرة عليها عن طريق المحاكم، ومن ثَمَّ قام بوضع لافتة كتب عليها: "ملكية هيس العقارية التي لم يتم تخصيصها للأغراض العامة".
أغنية تجعلك غاضبًا ومنزعجًا:
ربما تكون "الأغنية غير المرغوب فيها" واحدة من أكثر القطع الموسيقية شُهرةً على الإطلاق، وقد يكون الأمر غريبًا، ولكن نلاحظ رواجًا كبيرًا للأغاني المزعجة الصاخبة التي ليس هناك هدف من مفرداتها سوى أنها كلمات تُثير الاشمئزاز والانزعاج، ورغم ذلك نجد لها قاعدة جماهيرية كبيرة.
لامبورغيني:
قام قطب الصناعة فيروتشيو لامبورجيني في عام 1963، بتأسيس الشركة بعد أن فشل في إقناع شركة فيراري بتصميم مُحرّك بنسب وتصاميم معينة، وهو الأمر الذي جعل فيراري تسخر منه، ومن هنا قام بإنشاء شركته الخاصة فقط لكي يُزعج فيراري، ويثبت أنه على صواب، واليوم أصبحت لامبورجيني أحد أكبر شركات السيارات في العالم.
حق المرأة في التصويت (في نيوزيلندا):
قبل أن تكتسب النساء القدرة على التصويت في جميع أنحاء نيوزيلندا، كان أحد أبرز معارضي مشروع القانون، رئيس وزراء يُدعى ريتشارد سيدون، ولكن في عام 1893 جرى تصويت من قِبل مجلس الشيوخ وكان النصر حليفه بفارق صوت، إلا أنه قام بتقليد صوت سيدة كنوع من السخرية، الأمر الذي أغضب اثنين من النوّاب واستنكرا الأمر، وعلى ذلك قاما بالموافقة على المشروع تنكيلاً به، وهكذا كانت نيوزيلندا واحدة من أوائل الدول التي تمنح المرأة حقَّ التصويت.
من هنا نرى أن الإزعاج أيضًا كان له دور بالغ في العديد من القرارات السياسية والابتكارات بشكل عام، بل وإنشاء الشركات العالمية، لذلك احذر من إزعاج الآخرين؛ فقد يكون ذلك دافعًا لهم للتفوق عليك.