توافد شباب غفير إناثاً وذكوراً من مختلف أرجاء المغرب إلى قاعة باحنيني التابعة لوزارة الثقافة المغربية بالرباط؛ ليحضروا التظاهرة الفنية «مانغا أفترنون» في تظاهرة فنية لمعانقة حلم بعيد في كوريا واليابان. «سيدتي نت» كانت مع الشباب، وحاولت فهم ما يحصل في هذا التحقيق.
تقول شيماء شاكر من لجنة التنظيم، طالبة في المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، في هذا الصدد:
قد أعد من أكبر «الفانز» للثقافة اليابانية، مارست رياضة التايكواندو لسنين ومنذ سنوات، أحب تقاليدهم، وأزياءهم، خاصة شعب اليابان؛ إذ أجده شعباً محترماً مهذباً ومنضبطاً، أدرس الآن اللغة الصينية؛ لأني بذلك سأستطيع التحدث بالكورية أو اليابانية بسهولة، ذهبت لأميركا، لكنني عدت؛ لأنني أود أن أكمل دراستي في اليابان.
فيما تنوه شقيقتها الكبرى سارة شاكر، خريجة المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، أن هذه التظاهرات تسنح الفرصة لكل المعجبين بهذه الثقافة، للتلاقي وعقد صداقات عبر كل أرجاء المغرب، خاصة أنه تجمعهم كثير من الاهتمامات سواء بالموسيقى أو الرسوم. وفي يوليو الماضي كان في ضيافتهم الياباني مغني الروك المشهور «ميافي».
حوار الحضارات والأجيال
لا يشكل العمر مسافة بين الأجيال وإن اختلفت آراءهم وأذواقهم، كالجدة مجيدة بلغازي التي رافقت حفيدتيها التوأمين اللتين تبلغان 14 ربيعاً حيث تقول: "أسايرهما في ما يحبان، فلا يمكن أن نمارس القطيعة مع عصرهم وجيلهم أو نلفظه. لكل جيل اهتماماته وأفكاره وموسيقاه إلى غيره من التفاصيل، التي قد لا نتقاسمها معهم، لكن نحترمها."
حفيدتها ياسمين التي أخذت هذا الوله من شقيقتها التوأم توضح قائلة: "التقطت عدوى حب المانغا والثقافة الأسيوية من أختي ليلى. عندما كنت أشاهد معها المسلسلات الأسيوية ورسوم المانغا إلى أن ابتليت بها."
وتربط مريم الزمراني 17 سنة، تدرس في الصف السادس الثانوي شعبة علوم، صداقات مع أسيويين على الفيس بوك يتواصلون باللغة الإنجليزية، تقول:"هم لا يعرفون أي شيء عن ثقافتنا، فيما نحن نعرف بعض الجوانب من خلال مجهودات بحثنا الخاصة ورسوماتهم، والكتب التي تسبق الأقراص المدمجة للمسلسلات، لكن لا يبخلون علينا بالمعلومات حول بلدانهم، والأماكن التي يمكن أن نزورها في حالة ما سافرنا إلى هناك."
تمرير القيم
لا يخفي أمين العلمي، الطالب في الجامعة السنة الثالثة فيزياء، حبه لهذه الشعوب، للشبه القائم بين ملامحه التي تقترب كثيراً من شكلهم كما يقول؛ فهم يمتلكون قيماً، ويمررونها من خلال فنونهم، ليس فقط عبر المونغا بل من خلال مسلسلاتهم، ورسوماتهم وموسيقاهم أيضاً.
ولا يتوقف أيمن عرباوي عند حدود ألعاب الفيديو التي يعد من شطارها، بل أيضاً مطلع على التاريخ السياسي للمنطقة، يقول: "أنا ساموراي، وأمارس رياضة أيكيدو، وأبي أيضاً يمارس الرياضة نفسها، ورسام المانغا. رسمت أربعة مسلسلات، لكن كلب الجيران التهم منها واحدة، لكن لا يهم. أدرس في المدرسة الإسبانية، لكن اللغة اليابانية أتعلمها من رسوم المانغا."
شبكة تجمع كل المحبين
يقول أمين النجاري، منظم الحفل، وصاحب فكرة تجميع كل عشاق العالم الأسيوي: "انتهيت من دراستي 2002 عام، وأشتغل الآن في شركة للتواصل، عشت في فرنسا خمس سنوات، كنت مولعاً بالعالم الياباني، خاصة الألعاب الإلكترونية والرسوم المتحركة المانغا، عندما عدت إلى المغرب، أنشأت الجمعية المغربية للمانغا بعد الظهر في 24 يناير 2010، وبدأنا نشتغل بالتروي، بدأنا صغاراً، لكن الآن بدأت الدائرة تتسع سنة بعد سنة، نقوم بدورات لتظاهرتنا في مدينة الدار البيضاء، فيما هذه السنة نظمناها في الرباط للمرة الأولى، نعتمد على إمكاناتنا الذاتية لا غير. لنا صفحة على الفيس بوك وصلت إلى 18 ألفاً من الفانز.
البحث عن انتماءات جديدة
يقول السوسيولوجي المغربي عبدالرحيم العطري: بدأت أوروبا الضفة الأخرى تتصدع قبالة الأزمة الاقتصادية، واتساع استعمال التكنولوجيات الحديثة التي جعلت كثيراً من الشباب يعي أن الفروق تكاد لا تبين بين الهنا والهناك، أمام تحطم النموذج الأوروبي، بات بعض من الشباب يبحث عن نماذج أخرى في عوالم بعيدة، تقدم عرضاً أفضل، والانتصار لما يجود به الشرق البعيد من قيم إنسانية يؤثر من حيث التنافسية، خصوصاً في ظل تحولات قيمية تعرف نوعاً من الإقحال الإنساني.