وعد الله المسلم الذي يتلو القرآن ويختمه بكل حواسه، ومدركاً لمعانيه بعقله، بثواب وأجر عظيم .ويكسب قاريء القرآن في رمضان وغير شهر رمضان بمكانة رفيعة عند الله سبحانه، تزداد بازياد تلاوته له، وفي الحديث الشريف أنّ رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: "يقال لصاحب القرآن: اقرأْ وارقَ ورتِّلْ، كما كنتَ تُرَتِّلُ في دارِ الدنيا، فإِنَّ منزِلَتَكَ عندَ آخِرِ آيةٍ كنتَ تقرؤُها".
وقال المنذري في الترغيب، قال الخطابي: " إنّ قدر درج الجنة على قدر آي القرآن الكريم، فيقال للقاريء يوم القيامة، اقرأ من كتاب الله وارتقي على قدر ما كنت تقرأ من كتاب الله، فيصل القاريء إلى درجته بقدر قراءته للقرآن، فمن قرأ جزءًا من كتاب الله ارتقى في الدرجات على قدر ماقرأه، ويكون منتهى الثواب والأجر لمن بلغ في القراءة منتهاها".
وكان المسلمون منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام يتسابقون في ختم القرآن الكريم طوال حياتهم، ويزيدون في تلاوة القرآن وختمه في شهر رمضان المبارك، فهل كان لختم القرآن جدول محدد في رمضان؟ وهل ختم القرآن فرض واجب أو مستحب فقط؟
الصيام والقرآن مرتبطان معاً
التقى "سيدتي نت" - الدكتور عدنان العساف- باحث إسلامي وأستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية الذي شدد على أهمية تلاوة القرآن الكريم في حياة المسلم المؤمن الصادق الذي يسعى إلى التقرب من الله عبر كتابه الكريم فقال: تلاوة القرآن الكريم وشهر رمضان مرتبطان معاً ،لاينفصل أحدهما عن الآخر، وتلاوة القرآن وفهم تفسيره ومعانيه يكسب المسلم فضل عظيم لا يجب أن يترك أو يهمل، فقال تعالى: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس، وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه".
هذه الآية الكريمة ربطت بين الصيام في شهر رمضان،وبين القرآن الكريم وتلاوته والعناية به.
ومعنى قول الله تعالى "هدى للناس" أي رشاداً للناس إلى سبيل الحق، وقصد المنهج، وقول الله تعالى "وبينات من الهدى" أي ما معناه: البيان الواضح الدال على حدود الله وفرائضه وحلاله وحرامه،وقول الله تعالى "والفرقان" يعني: الفصل بين الحق والباطل.
وقد اختار الله نزول كتابه القرآن الكريم وهو من أعظم معجزاته للبشر في الأرض، في ليلة القدر في شهر رمضان تعظيماً لهذا الشهر الفضيل،وقد ورد أن الله قد أنزل الكتب السماوية السابقة لنزول القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك أيضاً.
النبي والقرآن
نزل وحي القرآن الكريم على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والرسل لأول مرة في ليلة القدر في شهر رمضان المبارك ليكون رسالةً للعالمين يسر الله على البشر بقوانينهالشرعيةحياتهم،وفي معانيها صلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر في تلاوة القرآن وتجويده، وكان يعرض القرآن الكريم على الملّك جبريل مرة واحدة في كل سنة،وكان يدارس جبريل القرآن في رمضان، كما عرض القرآن مرتين في السنة الأخيرة من حياته على جبريل.
وعن عباس رضيّ الله عنه قال "أن الرسول صلى الله عليه وسلم" كان من أجود الناس،وأجود ما يكون في رمضان" ،فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل في رمضان كل ليلة ليتدارس معه القرآن "أجود من الريح المرسلة" أي يكون أكثر عطاءًا وجوداً وتلاوةً للقرآن الكريم في شهر رمضان الفضيل"، ويتدبر ويتعمق معانيه بتأني فكري عميق.
وسار على نهجه الصحابة والمسلمين خلال حياته وبعد رحيله لغاية اليوم، ومازال السواد الأعظم من المسلمين يقتدون به ويحرصون على ختم القرآن الكريم في شهر رمضان الفضيل.
والأهم في تلاوة القرآن وختمه هو فهمه وتدبر معانيه بتروي، وما يصعب فهمه من الآيات القرآنية، تتوفر معانيها في كتب التفسير المعروفة.
ختم القرآن في رمضان ليس واجباً لكنه مستحباً
واتفق كثير من العلماء على أن ختم القرآن ليس واجباً أو فرضاً على المسلم.
وتلاوة القرآن وتدبر معانيه أمر مستحب جداً، ويجب أن يحرص المسلم على الإكثار منه في كافة شهور السنة وليس في شهر رمضان فحسب حيث يزيد ثواب وأجر من يتلو القرآن خلاله.
وتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً عن فضل تلاوة القرآن فقال: "إقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه".
وقال الله تعالى "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ" أي يسرنا تلاوة القرآن ومعناه لمن يريد التذكر والتدبر في معانيه، فهل من متذكر وطالب علم ديني له؟
فالصيام وتلاوة القرآن يشفعان لصاحبهما المسلم يوم القيامة، وأكد هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة".
فيقول الصيام: أي ربي إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: ربي منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان له يوم القيامة.
الفضل الأكبر لتلاوة القرآن وختمه في العشر الأواخر من رمضان
ومن الجدير بالذكر أن طبيعة شهر رمضان الخصبة بإستزادة العطاء والخير وتلاوة القرآن الكريم توفر للمسلم فرصة ذهبية في حفظ القرآن الكريم كله أو بعضه، وختمه ،خاصةً في العشر الأواخر من شهر رمضان حيث يكون الأجر والثواب أكبر وأعظم لما لها من خصوصية إسلامية وروحانية حيث تكون فيها ليلة القدر،ليلة خير من ألف شهر،ليلة نزول القرآن الكريم،حيث ينال العبد المسلم أكبر ثواب لتلاوته القرآن وحفظه وختمه بحب وتدبر لمعانية في آناء الليل وأطراف النهار تقرباً لله وطمعاً برضاه وثوابه.
جدول ختم القرآن في رمضان
أقر بعض العلماء بعدم وجود جدول محدد لختم القرآن الكريم في شهر رمضان الفضيل، لكن من استطاع أن يحفظه ويختمه في شهر رمضان فأن ذلك أفضل وأولى لحصول المسلم على أجر وثواب مضاعفين.
ومن يختم بعضه بتدبر وفهم لمعانيه العظيمة الرشيدة أفضل ممن يختم القرآن كاملاً ثلاث مرات في شهر رمضان دون أن يفقه ويفهم معاني آياته.
ومعروف أن القرآن الكريم مكون من "30" جزءاً،فمن أراد ختمه لمرة واحدة في شهر رمضان بسهولة،عليه أن يقرأ جزءاً في كل يوم،ومن أراد أن يختمه مرتين، عليه أن يقرأ جزئين كل يوم، ومن أراد أن يختمه ثلاث مرات، عليه أن يقرأ ثلاثة أجزاء كل يوم، ويشترط في تلاوة القرآن وحفظه تدبر معانيه وفهمها لا أن يقرأها على عجالة دون فهم وتدبر يمنحه درجة رفيعة في الجنة ورحمةً ودعوة مستجابة إن دعاها بعد ختمته للقرآن الكريم مباشرةً.