مع عرض الحلقات الأخيرة من مسلسل " فوضى " للكاتبين حسن سامي يوسف و نجيب نصير والمخرج سمير حسين يبدو الجمهور راضياً إلى حد بعيد على سير أحداث المسلسل و طريقة معالجته للقضايا الاجتماعية المتولدة في ظل الأزمة السورية وما شكلته من انعكاس على حياة الناس البسطاء بدءاً من لقمة عيشهم وصولاً إلى تفكيرهم وتغيير طريقة تعاطيهم مع الأمور وتغير نظرتهم للحياة .
يقدم المسلسل نماذج مختلفة في المجتمع تعيش ضمن نطاق فوضى العقل و القلب وحتى فوضى الروح .. يعتمد الكاتبان على بساطة لا تخلو من الألم في طرح قضايا يومية بسيطة بعيداً عن الحرب ذاتها و إنما باقتراب أكبر من انعكاساتها فتبدو العلاقات الاجتماعية غير صحيحة تارة تحكمها الحرب وفوضاها وتارة تعود لحالتها الحقيقة قبل الحرب .. باختصار المسلسل يركز على كل هذه الفوضى بتفاصيل قد تبدو بسيطة ولكنها أصبحت جزءاً من الحياة اليومية للناس ... هي قراءة عامة لحارات ومنازل الناس طريقة تعاطيهم فيما بينهم ومع أنفسهم وحتى مع شكل حياتهم الذي ولدته الحرب .
وعلى صعيد الأداء يبرز النجم السوري فادي صبيح بشخصية " أبو الخيل " التي لاقت قبولاً جماهيرياً كبيراً بالإضافة إلى إشادات النقاد و الفنانين الذين عبروا عن إعجابهم بهذه الشخصية وطريقة الاداء التمكن التي يقدمها صبيح الذي يبرز كواحد من أكثر من النجوم الذين يستحقون أدوار البطولة المطلقة في قادم المواعيد .
يلجأ فادي هنا إلى البساطة في الأداء وتحكم كبير بالوعي الحسي و الادراكي لمفاصل بسيطة ولكنها تصنع الفرق في هذا النمط من الشخصيات فيلجأ إلى التركيز على حركات و مصطلحات شعبية ترسخت لدى متابعي العمل ولعل في مقدمتها كلمة " عمنا " التي أصبحت لازمة يرددها الجمهور وانتشرت بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي لتشكل علاقته مع ديمة قندلفت ثنائياً جديداً بطريقة تقديمهما لدور العاشقين المهزومين والذين شكلت علاقتهما بكل بساطتها وعفويتها طريقاً للفرح بعيداً عن التكلف .
وعلى المقلب الأخر يحضر عبد المنعم عمايري بكل حالته الجدلية في العمل بأداء متزن لكنه لا يحمل المفاجأة المنتظرة منه في هذا النمط الذي يجيد عبد المنعم التحرك في زواياه ومفاصله مثله مثل النجم سلوم حداد الذي بالطبع يجيد اداء شخصيته لكن حاله كحال عبد المنعم لا يبدو مفاجئاً أو غير متوقع .
ولكن على ما يبدو أن العمل فتح الباب لممثلين آخرين بالتألق لعل منهم سوسن ميخائيل و إمارات رزق و الشابة هيا مرعشلي الذين بدوا مقنعين إلى حد كبير جداً بعيداً عن دراما المظاهر و الجمال فعاشوا تفاصيل الوجع و البساطة بحق في حين يبرز الفنان باسل حيدر بشخصية مختلفة لم نعتدها فيبرز قدراته في شخصية " ابو ربيع " هذا الرجل الانتهازي الذي يقدمه باسل بطريقة مختلفة بكل أدواتها و شكلها الخارجي وصولاً إلى تفاصيل بسيطة تغذي النظرة الانتهازية لمثل هذه الشخصيات.
بالمجمل يبدو العمل أقرب إلى الدراما السورية الجميلة .. الدراما التي التصقت بالناس والتصقوا بها فكانت تعبيراً عنهم و عن حياتهم ولربما يشكل بوابة للعودة إلى الدراما السورية ما قبل الحرب والتي كانت منافساً قوياً قبل ان يخبو نجمها بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة .
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي