اعتاد محرك البحث العالمي "جوجل"، أن يحتفل بأهم مشاهير الأدب والفن والسينما الذين كان لهم بصمتهم وتأثيرهم كل واحد منهم في مجاله، واعتاد "غوغل" الإحتفال بالمشاهير والنجوم العرب أيضاً في مختلف المجالات التي عملوا وأبدعوا فيها، وآخرهم وعلى الرغم من أن العديدين قد لا يعرفون عنه الكثير، إلا أن محرك البحث العالمي كان قد تذكره واحتفل بتاريخ ميلاده الذي يصادف السابع عشر من شهر حزيران/ يونيو من كل عام، هو الفنان التشكيلي ومصمم الجرافيك والرسام الجزائري محمد ايسياخم "M’hamed Issiakhem"، الذي يتم اليوم الإحتفال بذكرى ميلاده الـ 90.
ولد محمد ايسياخم في الجزائر في السابع عشر من شهر حزيران/ يونيو من العام 1928، في بلدة تدعى "أغريب"، وهي بلدة صغيرة في مدينة القبائل التابعة لولاية "تيزي وزو" والتي تبعد مسافة 105 كيلومتر عن الجزائر العاصمة، وما بين عامي 1947 و 1951 التحق بجمعية الطلاب للفنون الجميلة، في مدرسة الفنون الجميلة في الجزائر العاصمة، وما بين العامي 1953 و 1958 سافر إلى العاصمة الفرنسية باريس والتحق بمدرسة "الأيكولوجيا – للفنون الجميلة Eco-des des Beaux-Arts de Paris"، ليغادرها بعد ذلك في عام 1958 إلى ألمانيا، ثم إلى ألمانيا الشرقية، وظل هناك حتى الاستقلال الجزائري.
عاد الفنان الراحل إلى بلده الجزائر في عام 1962، وعمل رساماً للكاريكاتير في صحيفة "الجمهورية" اليومية، وخلال العام التالي 1963، كان ايسياخم واحدا من الأعضاء المؤسسين للاتحاد الوطني للفنون التشكيلية، حتى صار رئيساً لورشة الرسم في مدرسة الفنون الجميلة في الجزائر العاصمة بالفترة ما بين 1964 – 1966، وعُرف عن ايسياخم أنه كان أحد أهم رواد الحركة التجريدية في العصر الحديث وعلى المستوى العالمي، وليس فقط في الجزائر أو في العالم العربي، وتتلمذ على يديه الكثير من الفنانين الذين بدورهم تركوا بصمتهم وتأثيرهم في الفن الحديث، ومن بينهم الفنانة الفرنسية "كسينيا ميليسيفيتش"، حتى أصبح فيما بعد مديراً لمدرسة للفنون الجميلة في مدينة "وهران".
كان ايسياخم يبدي شغفاً كبيراً في الفنون، وعلى وجه الخصوص الفن التشكيلي، الذي تعمق في دراسته بجميع مجالاته وحقوله، حيث درس في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة في الجزائر، واستمر في حياته عاملاً في الفن، فبالإضافة إلى اللوحات التي أنتجها، عمل في كتابة عدد من المقالات والدراسات في الإختصاص، تعد اليوم مرجعاً لكل من يود الإطلاع أو العمل في هذا المجال.
وابتكر الفنان الجزائري الراحل محمد ايسياخم ما بين العامين 1965 إلى عام 1982، العديد من نماذج الأوراق البنكية والنقدية الجزائرية، فضلاً عن تصميمه وابتكاره العديد من الطوابع الرسمية في الجزائر، وكان خلال العام 1972 قد سافر إلى فيتنام، وحصل في عام 1973 على الميدالية الذهبية في المعرض الدولي في الجزائر العاصمة لعمله مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
بعد ذلك وفي الفترة القائمة بين العامين 1973 – 1978، عاد إلى العمل في مجال الرسم الكاريكاتوري، وفي عام 1977 تسلم إدارة العمل في إنجاز لوحة جدارية ضخمة في مطار الجزائر، وتلقى إسياخيم في عام 1980 أول أول جائزة "أسد روما" الذهبي من الـ"يونسكو" للفنون الأفريقية عن عمله.
توفي الفنان الجزائري العالمي محمد ايسياخم في 1 كانون الأول/ ديسمبر من العام 1985 بعد صراع طويل مع مرض، عن عمر ناهز الـ57 عاماً، تاركاً بعده إرثاً فنياً مهماً، يضاف إلى تاريخ الفن العالمي، ومبتكراً العديد من الأساليب التجريبية الحديثة في مجال الرسم والفن التشكيلي، إلى يومنا الحاضر يتم الإستعانة بها من قبل الفنانين الآخرين، ويعتبر الكثيرون أن محمد ايسياخم هو مؤسس الفن التشكيلي الحديث في الجزائر.