حوادث صغيرة في الحياة تؤدي أحياناً إلى كوارث لا يمكن لأحد تصور وقوعها، حتى إن مصير أمم كاملة قد يتوقف أحياناً على قرار واحد. والتاريخ زاخر بهذه الأخطاء الكارثية التي أسهمت في تغيير مساره، منها:
معركة كارانسيبيش:
جرت هذه المعركة في مدينة كارانسيبيش في رومانيا، فخلال الحروب العثمانية النمساوية، تقدمت مجموعة من كشافة الجيش النمساوي لاستطلاع موقف الجيش العثماني، وفي طريقهم وجدوا غجراً، يبيعون الخمر، فجلسوا معهم، وشربوا حتى الثمالة، ثم حدثت مشاجر بين الطرفين، وأطلق أحد الجنود طلقة، فصاح المشاة بأنهم يتعرضون إلى هجوم عثماني، وظنَّ المعسكر أن الأتراك بدأوا القتال، ففتحوا نيرانهم، وحدثت فوضى عارمة، حيث أخذ الكل يقتل مَن يجده إلى جواره، ما تسبَّب في هزيمة الجيش النمساوي على يد جنود منه. وقُتِلَ في هذه المعركة أكثر من 10 آلاف جندي بينما فر الباقون، وبعدها بيومين، وصل الجيش العثماني بقيادة السلطان عبد الحميد الأول، والصدر الأعظم خوجة يوسف باشا، ليجدا هذا العدد الكبير من القتلى النمساويين، إضافة إلى أسر 50 ألف جندي نمساوي.
بيع ألاسكا إلى الولايات المتحدة:
باعت روسيا ولاية ألاسكا لأمريكا في 30 مارس 1867 م، مقابل 7.2 مليون دولار. هذا الأمر من الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها روسيا، فبين عامَي 1880 و1890، بدأ تعدين الذهب في ألاسكا، ما وفر لأمريكا مئات الملايين من الدولارات. وتنتج ألاسكا حالياً الذهب أكثر من أي ولاية أمريكية أخرى.
اكتشاف البنسلين:
أحدث ألكسندر فليمنج، عن طريق الصدفة، ثورة في الطب بفضل اكتشافه مادة "بنزيل بنسلين"، المضاد الحيوي الأول في العالم، حيث ترك مختبره لمدة شهر للذهاب في إجازة مع عائلته، وبعد عودته لاحظ أن إحدى العيِّنات، التي يعمل عليها، نما فيها فطر، ما أدى إلى تدمير البكتيريا المحيطة بها، واكتشف في النهاية المادة القادرة على القضاء على البكتيريا، واستُخدمت في علاج جروح جنود الحلفاء، وإنقاذ أرواح لا حصر لها خلال الحرب العالمية الثانية.
الهجوم على بيرل هاربر:
في 7 ديسمبر 1941، هاجمت الإمبراطورية اليابانية الأسطول الأمريكي القابع في قاعدته البحرية في المحيط الهادئ، وقد غيَّر هذا الحدث مجرى التاريخ، حيث أرغم الولايات المتحدة على دخول الحرب العالمية الثانية، ما رجَّح كفة الحلفاء، وكان سبباً مهماً في انتصارهم على الألمان.
غزو روسيا:
شكَّل الغزو الألماني النازي للاتحاد السوفييتي بلا شك نقطة تحول كبيرة في الحرب العالمية الثانية، فبمجرد أن سيطر هتلر على أوروبا، قرَّر غزو الاتحاد السوفييتي، وكان ذلك أكبر خطأ ارتكبه هتلر، فقد كان من الممكن أن يستمر الاتحاد السوفييتي في تزويد ألمانيا بالمواد اللازمة للحرب. وأدى الغزو إلى انضمام السوفييت إلى الحلفاء، والانتصار على جيش هتلر الذي لم يكن مستعداً للقتال في الشتاء الروسي القاسي، وخسارة ألمانيا 750 ألف جندي.
تلك الأخطاء كانت كفيلة بتغيير مسار التاريخ إلى الأبد، وبعضها صب في مصلحة العالم، والآخر تسبَّب في اندلاع حروب كبرى، والقضاء على ملايين البشر.