من أهم الفوارق التي توسع الهوّة بيننا -نحن البالغين الكبار- وبين الأطفال أننا فقدنا دهشتنا للكثير من الأشياء، بعكسهم تماماً؛ لذلك يعتبر الكثير من المفكرين أن الأطفال هم أعظم الفلاسفة، وأن الفلاسفة هم بالغون حافظوا على دهشة الطفولة، ومنهم ما ذكره الكاتب النرويجي «غوستيان غاردر» صاحب رواية «عالم صوفي» الشهيرة، التي تعتبر من أهم المداخل الأساسية إلى علم الفلسفة؛ ولذلك نجد الأطفال دائماً ما ينظرون إلى الأشياء بشكل مختلف تماماً عنا نحن الكبار، وغالباً ما تكون وجهة نظرهم لها غريبة ومدهشة ومميزة وفريدة أيضاً.
إلى جانب هذه الدهشة الطفولية المهمة، هناك بعض الأطفال الذين تمكنوا من التعايش بذكاء شديد معها، وقاموا بإنجاز أمور لا تخطر على البال، ولم نستطع نحن الكبار أن نقوم بها، ولا بدّ أن الطفل الأمريكي ذا الأصول اللاتينية «سيرو أورتيز»، البالغ من العمر 11 عاماً فقط، واحد من هؤلاء العباقرة الصغار، الذين تمكنوا من توظيف خيالهم الواسع ودهشتهم الكبيرة؛ حيث قام أورتيز بافتتاح مشروعه الصغير الخاص، على الرغم من أنه مشروع «غريب» إلى حد ما، إلا أنه ناجح للغاية حتى هذه اللحظة.
سيرو أورتيز، أراد أن يؤمن مصروفه اليومي، وأن يساعد عائلته في الأمور المالية، فقام بافتتاح مشروع لا يخطر على البال، حيث افتتح «كشكاً» صغيراً في شوارع ومحطات «مترو الأنفاق» في مدينة نيويورك الأمريكية، ويعمل من خلاله على إعطاء «استشارات عاطفية» للكبار البالغين! أجل، عزيزي القارئ، كما سمعت «استشارات عاطفية»، حيث يرى زبائنه أنه يساعدهم كثيراً في حياتهم العاطفية مع زوجاتهم أو حبيباتهم.
يجلس سيرو أورتيز يومياً في هذا الكشك الصغير بعد الانتهاء من واجباته المدرسية، وهذا الكشك عبارة عن كرسي يجلس عليه، وطاولة صغيرة، وكرسي آخر للزبائن، ويبدأ باستقبال الطالبين لاستشاراته العاطفية المجدية، حيث يقوم أورتيز بإعطاء «خبراته» لهؤلاء الزبائن، مقابل «2 دولار أمريكي» لكل استشارة، وحتى يتمكن من تنظيم عمل مشروعه الصغير، فهو يحدد وقتاً معيناً لكل زبون لا يتجاوز الـ5 دقائق فقط، يقوم الزبون خلالها بالحديث عن مشكلته، ويعطيه أورتيز الاستشارة المناسبة.
وانتشر العديد من الصور للطفل العبقري «سيرو أورتيز» بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث أشاد الكثيرون بما يفعله هذا الطفل الأمريكي ذو الأصول اللاتينية، مشيرين إلى أنه مشروع ذكي جداً فكر فيه أورتيز، وهو يستقبل في كل يوم من 20 إلى 40 زبوناً في كشكه الصغير، ويرى الكثيرون أنه يعمل على فكرة مبدعة جداً، سوف تساعده على تطوير نفسه من الصغر، وبناء شخصية واثقة تعرف ما الذي تريده بالمستقبل.