في عالم الفن ليس هناك عيب أو عار في تفسير الأعمال الفنية، وفقًا لما يتخيله المُشاهِد، وهذا هو السبب في أن مئات القطع الفنية الأكثر شهرة في العالم لا يزال يُساء فهمها في كثير من الأحيان، بعد مرور مئات السنين على ظهورها، ولعل ذلك بسبب أن بعض تلك القطع الفنية قد تُشتّت الانتباه؛ مما يجعل المُشاهِد العادي لا يستوعب المغزى الحقيقي لها، بل إن هناك قطعة فنية لا مثيل لها قد تبدو رديئة لأولئك الذين لم يكونوا مُلمّين بظروف العصر التاريخي للوحة، وفيما يلي نستعرض بعض تلك الأعمال الفنية:
لوحة (الأرجوحة):
من أعمال الرسام الفرنسي جان هونوريه فراجونار، رُسِمَت عام 1775/1780، وهي من مقتنيات المتحف الوطني للفنون، واشنطن، تصور اللوحة امرأة شابة تتأرجح بلا مبالاة في حديقة رومانسية، وتستمتع بصحبة عشيقها الصغير، بينما يقف زوجها المضطرب في المسافة، غير مُدرِك تمامًا لوجود الرجل الآخر، قد تبدو اللوحة غريبة، ولكن مشاهد المجون والخلاعة والولع بالنساء تُعد تجسيدًا لروح مدرسة الروكوكو في الفن الأوروبي، وبالنسبة للكثير من النقاد، تعتبر لوحة الأرجوحة تجسيدًا لروح النظام الملكي عشية قيام الثورة الفرنسية.
لوحة (إصرار الذاكرة):
إصرار الذاكرة أو ثبات الذاكرة، هي اللوحة الأكثر شهرة لسلفادور دالي، هذه اللوحة يظهر فيها عدد من الساعات التي تشير إلى الوقت، وهي تبدو مرتخية وفي حالة مائعة، وتعرف اللوحة أيضًا باسم لوحة الزمن، اتصال الذاكرة، إلحاح الذاكرة، الساعات اللينة، الساعات المتساقطة، والساعات الذائبة.
وفيها موقف نسبي من الزمن فيما يشبه نظرية ألبرت آينشتاين.
لوحة (شرفة مقهى في الليل):
لوحة للفنان فينسنت فان جوخ، رُسِمَت عام 1888، وهي من مقتنيات متحف كرولر مولر أوترلو هولندا، تصور هذه اللوحة مشهدًا بسيطًا لشارع مقهى حيث يجلس فيه 12 فردًا، وقد يظن البعض أن الصورة عادية، ولكنها في الحقيقة تحمل رؤية دينية؛ حيث إن هناك شخصًا وحيدًا يرتدي الأبيض، وآخر يرتدي الأسود، ويُعتقد أن الأبيض يمثل يسوع والشخصية الغامضة تشير إلى يهوذا.
لوحة (صقور الليل):
هي لوحة بريشة الفنان إدوارد هوبر، الذي رسمها بالألوان الزيتية على قماش سنة 1942، والتي تصور أناسًا في مطعم بوسط المدينة في ساعة متأخرة من الليل، وقد صُنِّفت بأنها أفضل أعمال هوبر المعروفة، وواحدة من أكثر اللوحات تميّزا في الفن المرئي الأمريكي.
بورتريه فان جوخ:
هي لوحة صغيرة تصور رجلاً يعاني من الكآبة، ولسنوات عديدة ساد اعتقاد بأنها صورة ذاتية لفينسنت فان جوخ نفسه، ولكن كانت الصدمة عندما اكتشف مؤرخو الفن في جميع أنحاء العالم بعد 120 سنة، أن اللوحة لم تكن صورة فينسنت، بل كانت صورة لشقيقه ويُدعى ثيو، والذي كانت ملامحه تحمل تشابهًا قويًّا بشكل لافت للنظر بفينسنت.
جديرٌ بالذكر أن هناك العديد من الأعمال الفنية الغامضة، وحتى الخبراء قد عجزوا عن إيجاد التفسير الحقيقي لها، وبعضهم لجأ إلى كتب التاريخ لمعرفة تفاصيل الحقب الزمنية ومعلومات عن الحياة الأسرية والعاطفية للفنان، ليعطوها التفسير المنطقي، ولكن رغم ذلك كانت تلك التفسيرات جميعها ما هي إلا اجتهادات شخصية.