في الماضي كان المجتمعان العربي والأوروبي على حد سواء يبجلان كبار السن، ويقدمان لهم كل ما يحتاجون إليه، ونادرًا ما يوصل الغضب البعض لأسباب تافهة إلى إبراح امرأة عجوز بالضرب واللكم والركل من دون رحمة أو خجل في مكان عام أو خاص.
لكنّ –يا للأسف!- هناك كثيرين من البشر بذريعة الوقوع تحت تأثير الخمر أو الغضب يبيحون لأنفسهم الاعتداء على امرأة متقدمة بالسن، وقد تعرضت السيدة دوروثي ماتيوس «60 عامًا» إلى الاعتداء عليها بالضرب؛ لأن ابنتها أخرجت صينية ساندويتشات معها للمنزل.
وبدأت الجدة المعتدى عليها دوروثي ماتيوس «60 عامًا» بالإدلاء بشهادتها أمام القاضي وهيئة المحلفين فقالت: سمعت امرأة عجوز وجدة لثلاثة أطفال تدعى السيدة دوروثي ماتيوس صوت جسدها يتمزق ويتشقق عندما انهال الزوجان «ماريا 32 عامًا» وغريغ تول «33 عامًا» عليها بالضرب المبرح والركلات القاسية بعد أن سحباها قسرًا من سيارة تاكسي إلى رصيف الشارع أمام ابنتها وأحفادها الثلاث الذين سبقوها إلى ركوب التاكسي، وتيقنت الجدة أنها ستموت حتمًا لا محالة في مكانها. هذا ما شهدت به الضحية العجوز السيدة دوروثي ماثيوس البالغة من العمر «60 عامًا» للقاضي في المحكمة، وأضافت قائلة بشهادتها: لم أشعر إلا وجسدي ينكمش على بعضه تحت وطأة ضربهما الوحشي لي، وضم جسدي على بعضه وأصبح بشكل الساندويتش الذي حدث كل شيء بسببه! ولولا دفاع ابنتي عني لكنت ميتة الآن.
وقال القاضي إن ماريا وغريغ سيسجنان لمدة ثلاث سنوات، ويُحرمان من أطفالهما الستة جراء وحشيتهما البالغة تجاه امرأة ضعيفة ومسنة؛ حيث كشف تقرير الطب الشرعي في المستشفى الذي أدخلت فيه للعلاج، وأقامت فيه أسبوعين كاملين، أنها مصابة بكسور متفرقة في الحوض والرقبة والبطن؛ ما اضطر الضحية السيدة دوروثي ماتيوس إلى أخذ إجازة لمدة ثلاثة أشهر من عملها لعدم قدرتها الصحية على العمل كما يجب.
وأن السبب الحقيقي لضرب الزوجين ماريا وغريغ لها هو أخذ ابنتها صينية ساندويتشات معها للخارج بحفل خطوبة حضرها الزوجان أيضًا، فغضبا لهذا التصرف، وجمح بهما غضبهما تحت تأثير الكحول الذي تناولاه بكثرة في الحفل، فتعاملا بوحشية زائدة مع العجوز غير محترمين سنها المتقدم.
وقد انتقد القاضي خلال جلسة محاكمتهما تصرفهما الوحشي تجاه العجوز لمجرد أن ابنتها أخذت معها صينية طعام لها ولأبنائها الثلاث، ووصف هذا السلوك بأنه غير مبرر ولا مقبول إنسانيًّا.
والجدة حضرت المحاكمة، وهي تعبة ومتألمة ومكسورة الجسد لا تقوى على السير بشكل طبيعي كما كانت في السابق؛ جراء إصابتها بكسور داخلية وخارجية.
طمأن القاضي الزوجين المحبوسين بأن المحكمة عينت لهما عمة وجدة الأطفال لرعاية أبنائهما الخمس خلال قضائهما فترة عقوبتهما المشددة.
وعندما أنكر الزوجان ضربهما للجدة العجوز، أظهرت كاميرات هواتف نقالة والمكان أن غريغ ركلها في بطنها وأنحاء أخرى بوحشية وعنف كبيرين، وكانت زوجته ماريا أكثر وحشية منه في ضربها للجدة العجوز؛ لأنها كانت تحت تأثير الخمر الذي أفقدها رشدها وضميرها كإنسانة وكامرأة، ولم تسيطر على غضبها فأدى بها إلى ارتكاب جنحة ضرب امرأة مسنة لسبب تافه، وكانت هي أول من ضربت الجدة ولكمتها نحو عشر مرات، ثم لحقها زوجها؛ ليشاركها في ضرب العجوز التي كادت تموت بين أيديهما.
وكان الزوج غريغ قد أُدين سابقًا بحادثة ممارسته العنف تجاه شخص آخر.
كما شهدت ابنتها وأبناؤها الثلاث ضد الزوجين؛ لأنهم شاهدوا كل شيء صدر من الزوجين ضد جدتهم.
وعكرت حادثة الضرب البشعة صفو حفل الخطوبة والمدعوين، وانتقد كثيرون من شهود الحادثة الزوجين لتصرفهما بهذه الوحشية؛ من أجل ساندويتشات طعام أخذتها العائلة معها؛ لتأكلها في المنزل بدلاً من أن يأكلوه في الحفل الذي قدم فيه الطعام مجانًا للمدعوين، وفعلت ابنة دوروثي هذا الأمر ببراءة حين وجدت أن هناك طعامًا كثيرًا زائدًا في البوفيه بعد تناول الجميع طعامهم، فخرجت به ثم فوجئت بماريا تطاردهم إلى التاكسي، وتشتمهم وتقول لهم إنه ممنوع إخراج الطعام من الحفل.
وكانت صاحبة الحفل التي أقامت حفل خطوبتها هي زميلة السيدة دوروثي ماتيوس بالعمل، وقد استاءت من تصرف الزوجين العنيف كثيرًا.
ووقعت هذه الحادثة في 18 من فبراير من عام 2017 الماضي، وأنجبت المتهمة ماريا تول طفلها السادس في فترة انتظارها محاكمتها، ويبلغ عمر طفلها السادس الآن ثلاثة أشهر وثلاثة أسابيع فقط.
هيئة المحلفين والقاضي حكموا بالإجماع على الزوجين بثلاث سنوات سجن.
وأدانت هيئة المحلفين والقاضي أديل ويليامز في محكمة ميدستون كراون في بلدية كنت بمدينة ميدستون في جنوب شرق إنكلترا - الجمعة 29 من يونيو/حزيران الماضي، الزوجين ماريا وغريغ وأصدروا عليهما حكمًا بالسجن ثلاث سنوات كاملة لكل واحد منهما، ووصف القاضي ويليامز بأنه قرار نهائي وحتمي رغم أنهما والدان لستة أطفال بحاجة إليهما، وممكن للطفل الرضيع البقاء مع والدته بقسم الأمومة والطفل التابع لسجنها الذي ستمضي فترة حكمها فيه.
وسبب هذا الحكم المشدد أن الزوجين بَدَوَا بطبعهما أنهما عصبيان وسريعَا الغضب لدرجة مطاردتهما الجدة من صالة الحفل إلى سيارة التاكسي، وسحبهما إياها منه بالقوة، وتوجيه ماريا العديد من الشتائم غير اللائقة بحق الجدة ثم ضربها بوحشية لا مبرر لها غير مراعية تقدمها في السن، وبدلاً من إيقاف الزوج لزوجته ماريا، قام بمشاركتها جنحة الضرب دون أن يراعي هو الآخر وجود أحفاد الجدة معها، وأطفاله، ومن بينهم ثلاثة دون سن المدرسة الذين شاهدوهما يضربان العجوز بوحشية لا نظير لها مسببين لها كسورًا وجروحًا متفرقة في جميع أنحاء جسدها، ومسببين الرعب للأطفال في مكان عام.
وبعد الحادثة العنيفة التي تعرضت لها ليلاً اعترفت الجدة دوروثي ماتيوس للقاضي ويليامز بأنها كانت تشعر دائمًا بأنها شابة مليئة بالحيوية والثقة من داخلها رغم أنها في الستين من عمرها؛ لكن ضرب الزوجين ماريا وغريغ لها بوحشية دون أن تستطيع مقاومتهما في مكان عام ظنته آمنًا أشعرها لأول مرة في حياتها بأنها عجوز ضعيفة وخائفة من الموت، وصارت اليوم مجرد عجوز قلقة خائفة على مستقبلها، وخائفة من الخروج من منزلها خشية أن تتعرض لحادثة عنف مماثلة، وأنها غاضبة جدًّا من ماريا وغريغ؛ لأنهما مارسا عنفهما عليها أمام الأطفال الأبرياء، وأصاباهم بالرعب لدرجة لا توصف، وستبقى هذه الحادثة المؤلمة المرعبة محفورة في ذاكرتهم للأبد.