هي فنانة مميزة لا يمكن إنكار بصمتها في كل الأعمال الفنية التي شاركت فيها، فرغم تشابه الأدوار التي جسدتها ميسرة على مدار مشوارها الفني، كانت قادرة على صنع اختلاف في ملامح الشخصيات التي تقدمها سواء في السينما أو التلفزيون.. التقينا الفنانة المصرية ميسرة التي كشفت لنا عن العديد من أسرارها الفنية والشخصية والشهرة وعمليات التجميل التي أجرتها مؤخراً..
البعض يتهمك بتكرار أدوارك في معظم الأعمال الفنية التي تشاركين في بطولتها، فما ردك؟
الحقيقة، هذه ليست مشكلتي بل أزمة صنّاع السينما. فأنا لا أختار أدواري بل أختار من بين المعروض عليّ. وكل الأدوار التي تُعرض عليّ إما لفتاة ليل أو راقصة في ملهى ليلي. أحاول قدر الإمكان أن أجدد في طريقة تقديمي لهذه الأدوار. وأعتقد أنني نجحت في هذا إلى حد كبير بشهادة النقاد والجمهور. وكان من الممكن أن ألجأ إلى الطريقة التقليدية في تقديم كل الأدوار لكنني أعشق هذه المهنة ولا أحب أن أتعامل معها بمنطق «السبوبة». لذا، أحرص دائماً على تقديم الجديد في كل دور أؤديه.
من وجهة نظرك، لماذا يحصرك المخرجون بأدوار محددة؟
ربما لأن أول دور قدمته في حياتي كان من هذه النوعية وهو الدور الذي اختارتني له المخرجة ساندرا نشأت في فيلم «حرامية في كي جي تو» مع الفنان كريم عبد العزيز. ما زلت أذكر الدور جيداً. كان لفتاة لعوب اسمها سامية. ومن يومها، بدأت أتلقى نفس الأدوار. لكنني أحرص على انتقاء المختلف من بينها. فالفتاة اللعوب سامية تختلف كثيراً عن فتاة الليل في فيلم «عمارة يعقوبيان» على سبيل المثال. فهي فتاة رغم انحرافها لديها مبادىء سياسية لا تحيد عنها.
هل رفضت أدواراً لتشابهها مع أخرى قدمتها من قبل؟
بالتأكيد. بالمناسبة، الأدوار التي رفضتها أكثر من تلك التي وافقت عليها لأني أسعى دائماً إلى الاختلاف وليس إلى شهرة أو نجومية أو أموال.
إلام تسعين من وراء دخولك المجال الفني؟
لديّ يقين بأن الفن هو أقصر طريق للتأثير في عقول الناس. لذا، فكرت في دخول هذا المجال لتحقيق هدف نبيل ورسالة سامية لطالما حلمت بها. فأنا أسعى إلى إحداث تغيير في المجتمع من خلال هذه القوة الناعمة.
كيف جاءتك هذه الرؤية الفلسفية. فالكثيرون يطمحون إلى الشهرة والنجومية؟
أنا أكره الشهرة لأنها تحد من حريتنا وتضع على كاهلنا مسؤولية كبيرة علينا تحملها. وهو ما أحاول أن أفعله دوماً، أما تلك الرؤية فقد وصلت إليها بعد قراءات كثيرة ومشاهدات وسفر إلى بلدان مختلفة تعرفت على ثقافاتها وعاداتها وفنونها أيضاً.
تحدثت عن كرهك للشهرة فما الذي خسرته بسببها؟
أنا شخصياً لم أخسر الكثير لأنني لم أسمح لها بأن تحد من حريتي. نحن لسنا أهمّ من نجوم هوليوود. فهم يتعاملون بحرية شديدة ولا يضعون لنجوميتهم حساباً. هكذا أتعامل أنا أيضاً. فلا أضع قناعاً في علاقتي مع المعجبين وآخر في حياتي الخاصة. ميسرة هي ميسرة في كل وقت وهو ما تعلمته من سفرياتي المتكررة.
أهلي رفضوا دخولي مجال التمثيل
ما أسباب سفرك الدائم وكيف استفدت من حالة التجوال التي عشتها في إحدى مراحل حياتك؟
لقد ولدت في لبنان لأم لبنانية وأب مصري يعمل أستاذاً في الجامعة وانتقلنا إلى السعودية. ثم عدنا إلى مصر والتحقت بكلية الفنون التطبيقية قسم الديكور. وعندما رفض أهلي دخولي مجال التمثيل، اضُطررت للسفر إلى لندن لاستكمال دراستي هناك وعشت لمدة 7 سنوات، عدت بعدها إلى مصر مرة أخرى.
وما أسباب رفض أهلك دخولك مجال الفن؟
أمي هي التي رفضت بسبب خوفها الشديد عليّ من الوسط الفني لما تنشره الصحافة عما يدور في كواليس الوسط الفني. فقد أخذت والدتي انطباعاً سيئاً عن الممثلين ورفضت دخولي الوسط الفني، رغم أنني تلقيت العديد من العروض السينمائية فور تخرجي. وبعد رفضها، اضطررت أن أسافر إلى العاصمة الإنجليزية لندن. وحاولت كسب أموال تساعدني على المعيشة بشكل جيد بدلاً من طلب المصروف من أهلي في هذه السن، كذلك عملت مطربة وشاركت في العديد من الحفلات الغنائية التي يحييها نجوم عرب منهم صباح وعبد الله الرويشد. فقد شاركت بالغناء في حفلاتهم حتى قابلني الإعلامي الشهير وجدي الحكيم ونصحني بالعودة إلى مصر لو كنت أرغب في تحقيق حلمي القديم. وبالفعل، عدت إلى بلدي وبدأت مشواري الفني.
ما الذي تغير في تفكير والدتك هذه المرة ولماذا وافقت على دخولك مجال التمثيل بعد ذلك؟
رحلتي إلى لندن غيّرت الكثير في تفكيرها، فقد اكتشفت أنني قادرة على تحمل المسؤولية في هذا البلد رغم وجود كثيرين من أقاربها حولي. لكن، في النهاية، أنا في بلد غريب عني. ومع ذلك، تمكّنت من كسب عيشي والاعتماد على نفسي مما زاد من ثقتها في قدرتي على تحمل المصاعب فوافقت على عودتي ودخولي مجال التمثيل.
بعد عملك في التمثيل، هل كان لها اعتراض على نوعية الأدوار التي تقدمينها؟
بالعكس، كان اعتراضها الوحيد نابعاً من خوفها الشديد عليّ، ولكن بعد عملي في السينما أعجبتها الأدوار التي أقدمها، ونصحتني بعدم تكرار البعض منها. وكنت أتحدث معها عن كوني لست مسؤولة عن ذلك.
حورية فرغلي مظلومة
وهل وجدت صعوبات في الوسط الفني بالفعل كما تخيلت والدتك؟
بعد عودتي من لندن، اصطدمت بالمجتمع المصري وليس بالوسط الفني وحده، فقد عشت سبع سنوات في مجتمع مختلف إلى جانب تربيتي التي كانت تفرض عليّ التعامل بمنطق معين والتزام بالكلمة حتى لو بدون تعاقد مكتوب. فوالدي ـ رحمه الله ـ كان يقول إن «الكلمة عقد». وللأسف، اصطدمت بمعايير وأخلاقيات مختلفة تماماً وخسرت الكثير من الأموال في أول تجربة إنتاج كاسيت لي فور وصولي مصر وأصابني الإحباط الشديد في بداياتي الفنية سواء كمطربة أو كممثلة.
هل فكرت في الاعتزال في ذلك الوقت؟
فكرت في الهجرة وترك البلد تماماً وعدم العودة مجدداً بسبب كثرة الضغوط عليّ في ذلك الوقت، ولكن لم أتمكن من المضيّ بقراري لأن والدي أُصيب بأزمة مرضية. فكنت إلى جواره حتى وفاته ثم مرضت والدتي فبقيت إلى جوارها حتى توفاها الله. بعدها، كانت سنوات طويلة قد مرت على وجودي في مصر بعد عودتي من الخارج واعتدت الحياة في المجتمع المصري.
ما قصتك مع عمليات التجميل الفاشلة؟
لقد مررت بعمليتين لا واحدة. الأولى عندما قررت أن أقوم بحقن الدهون بعدما فقدت الكثير من وزني. وفكرت في حقن خدودي. وبالفعل، أجريت العملية لدى طبيب مشهور ولكنني أُصبت بتلوث في الخد الأيسر بعد إجراء العملية نتيجة إصابتي بميكروب داخل غرفة العمليات، مما أثر في شكلي ونفسيتي وصحتي أيضاً وبدأت رحلة العلاج من الميكروب الذي أصابني.
ماذا عن العملية الأخرى؟
المرة الثانية هي عندما فكرت في إجراء عملية لتجميل الأنف، ونجحت العملية لكن الطبيب اختار لي أنفاً معقوفاً يشبه الرومانيين مما تسبب لي في أذى نفسي. فقد كنت أريد أن يبدو أنفي طبيعياً. اضُطررت لإجراء عملية أخرى لإصلاح ما أفسده الطبيب، فأصبت بكسر في عظمة الأنف وتهتك في الغضاريف. وظللت أعمل في عدد كبير من الأفلام بهدف جمع مصاريف العلاج في الخارج. وبالفعل سافرت إلى باريس لإصلاح العملية الثانية.
مشكلتك تشبه تفاصيل أزمة الفنانة حورية فرغلي لكنها لم تجد حلاً طبياً حتى الآن.
حورية تواجه جهلاً مجتمعياً لدى البعض الذين يتهمونها بإجراء كل هذه العمليات من باب الترفيه والتجميل. إنني أتعاطف معها، فهي تعاني من نفس الأزمة التي مررت بها. حورية تعرضت للظلم.
فالهجوم الشديد عليها غير مبرر من وجهة نظري. تعاونّا في مسلسل «سيدنا السيد» ولمست كم هي إنسانة خلوقة وصادقة.
توقفت عن التفكير في الزواج
ماذا عن حياتك العاطفية؟ ألم يحن أوان الارتباط بعد؟
أنا على مشارف الأربعينيات من العمر وفرصتي في العثور على شريك حياتي والإنجاب منه قلّت كثيراً، لذلك توقفت عن التفكير في الزواج منذ عدة سنوات، بالإضافة إلى أن المرأة عندما تصل إلى هذه المرحلة العمرية يزداد اعتمادها على نفسها بشكل كبير مما يصعب عليها فكرة التخلي عن شخصيتها المستقلة من أجل رجل. لذا، أنا أنصح بنات شقيقتي بالزواج المبكر.
ولماذا لم تفكري في الزواج في سن مبكرة؟
بعد عودتي من لندن وانتهاء دراستي، قابلت عدة نماذج من الرجال المصابين بالشيزوفرانيا يقولون ما لا يفعلون. لديهم أفكار مختلفة تماماً عن تلك التي يتحدثون عنها. ومن جانبي، لن أرضى بالزواج من رجل لمجرد أن يكون «ضل حيطة». فقد تربيت في ظل رجل مثقف وواع ولديه صفات الرجولة الحقيقية وهو والدي رحمه الله، لذا لن أقبل بأقل من ذلك.
ولكن قطار الزواج لم يفتك بعد فلمَ تتحدثين عن قلة فرصك في الزواج وأنت لم تنهي الأربعين من العمر؟
لأن القطار الذي أبحث عنه فاتني ولن أرضى باللحاق بأي قطار لمجرد الزواج، كما أن انخفاض فرصي في الإنجاب يضعف حماسي للزواج، فماذا سأستفيده منه.. سوى التنازل عن جزء كبير من حريتي؟
هل فكرت في تبني طفل؟
فكرت في هذا الأمر لكن انشغالي الدائم بتصوير أعمالي الفنية منعني من ذلك. لذا أعدت التفكير مجدداً في إمكانية كفالة طفل يتيم في مكانه على أن أعتني به ولكن دون أن ينتقل للحياة معي خوفاً من أن أظلمه بسبب عدم تنظيم مواعيد عملي. .