يعرف موسم الصيف إقبالاً لافتاً على الحلوى التقليدية، التي بدونها لا يستقيم عرس مغربي، ويعد كعب الغزال أشهر هذه الحلويات على الإطلاق التي يطلبها اليوم حتى الزوار والأجانب، فالفرنسيون يطلقون عليها «قرون الغزال». «سيدتي» زارت أشهر محل للحلوى التقليدية بالمدينة العتيقة بطنجة ونقلت لكم أسرار كعب الغزال الطنجاوي الذي تزيده النقوش جمالاً وبهاءً.
من قلب المدينة العتيقة بحي القصبة بطنجة (شمالي المغرب) تنقل لكم سيدتي تفاصيل حكاية أعرق حلوى مغربية وأشهرها «كعب الغزال»، و هي نجمة كل حلويات أعراس وأفراح المغرب. كانت الأسر المغربية تحرص على تحضيرها داخل المنازل وتتعاون العائلات فيما بينها لإعداد حلويات العرس المغربي، أشهرها كعب الغزال بالإضافة إلى حلوى الملوزة والغريبة.
لمذاق كعب الغزال نكهة خاصة يحددها جودة اللوز وطراوة المواد المستعملة، كماء الزهر والزبدة والقرفة، لا يقام عرس دون كعب الغزال، ولعل التطور الحاصل في المذاقات جعل الكثير من المجتهدين يدخلون نكهات أخرى وطرقاً مختلفة، لكن كعب الغزال الأصلي يبقى هو الرائد. يقول عبد المومن الرواص ابن صاحب أشهر محل حلويات تقليدية في طنجة لـ«سيدتي نت» وهو معلم حلويات أخذ المهنة عن والده المتقاعد: مارس والدي المهنة منذ بداية السبعينات ولم يكن لديه محل خاص، بل جرت العادة قديماً في أعراس طنجة أن يستدعي صاحب العرس «المعلم الحلواني» إلى بيت العائلة مع فريقه الصغير الذي يتكون من أسرة هذا المعلم نفسه، لكون هذه الحرفة أغلب الأحيان، هي متوارثة، وهذه المهمة التي كان يقوم بها «المعلم» أحمد الرواص وإخوانه قبل افتتاحه للمحل، وما زال هذا المحل محتفظاً بأصالته في تحضير هذه الحلويات المغربية.
فعلى الرغم من مرور سنوات طوال، وتغير العصر، لا زالت الحلويات المغربية، والطنجاوية بصفة خاصة، محتفظة بشكلها الأول، وبمذاقها الأصيل، ويؤكد «عبد المومن الرواص» أن أهل المدينة متشبثين جداً بالحلويات التقليدية، على رأسها كعب الغزال بنقوشه، بالإضافة إلى حلويات أخرى مهمة مثل «الملوزة» و«الغريبة» و«المخرقة» لأصالتها وارتباطها بالموروث الثقافي المغربي، وبالرغم من وجود وتوفر عدد من الحلويات الأجنبية، مثل حلويات شرقية كالكنافة التي أصبح المحل أيضاً يحضرها بطلب من عدد من زبائن المحل، وكذا الحلوى التركية «البقلاوة»، هذه الأخيرة التي تداخلت منذ زمن طويل مع الحلوى المغربية خاصة في مدن شمال المغرب.
إقبال من خارج المغرب
ليس أهل المدينة أو البلد فقط، الذين يطلبون الحلويات المغربية التقليدية لأفراحهم ومناسباتهم، كما يقول عبد المومن الرواص، فهناك طلبات أخرى من زوار المدينة من مختلف الدول العربية الأخرى خاصة دول الخليج، الذين يحرصون دائماً على اقتنائها كذكرى زيارة وهدية للأقارب، بفضل تميزها ومذاقها الرفيع.
حضور في كل المناسبات
على مدار السنة. وبعيداً عن موسم الأعراس الذي يكون في فصل الصيف، تحظى الحلويات التقليدية بطلب متزايد في المناسبات الدينية والمناسبات العائلية، باعتبار أن سكان المدينة، لا يتنازلون عنها مع الشاي الأخضر بالنعناع في أمسياتهم، والتي يكون فيها هذا النوع من الحلويات، الاختيار الأول دائماً، على رأسها كعب الغزال، الذي يتفرد الطنجاويون في طريقة تحضيره بحجمه التقليدي الكبير ونقشه بشكل جميل، فقد تجد الأنواع الأخرى منتشرة في مناطق أخرى في المغرب، بيد أن «كعب الغزال» بشكله المنقوش، صنع طنجاوي خاص، وهو السهل الممتنع، فالإمكان توفير مكوناته وتحضيرها، لكن تقطيع العجين وملأه بحشوة اللوز المنسم، يحتاج لدقة وتمرس، وقد فشلت بعض المحلات بالمدينة من تحضير هذه الحلوى بشكل مختلف وبإضافات أخرى، لأن أهل المدينة، لا يتنازلون في أطباقهم بالحفلات والمناسبات، على الشكل التقليدي العريق بنكهة اللوز والقرفة والزهر وبنقوشه الدقيقة.
أصل التسمية
قد يكون أصل سبب تسمية كعب الغزال بهذا المسمى، راجع إلى شكله الذي يشبه شكل قدم الغزال، بحيث أنه يتخذ شكل الهلال، ويرجع تاريخ ظهوره حسب بعض الباحثين إلى القرن الـ18 بمدينة فاس، ويختلف تحضير كعب الغزال في فاس وبعض المدن المغربية الأخرى، عن نظيره في طنجة، بحيث أن أهل هذه الأخيرة، أضافوا عليه آنذاك بصمة خاصة، على شكل نقوش فريدة، بينما في فاس يفضلونه بحشوة مميزة بدون نقوش.