جميعنا يبحث عن الاهتمام بأشكال مختلفة، ونبحث عنه مع أشخاص مختلفين، ولكل شخص طريقة يُعبّر بها عن الاهتمام بمن حوله، وكل شخص وفقًا لمكانته لدينا، لا يستطيع أحد أن يعوضنا اهتمامه؛ فاهتمام الأهل مختلف عن اهتمام الأصدقاء، وبالتالي يكون مختلفًا عن اهتمام الزوج أو الحبيب، ولا يمكن لشخص أن يُعوِّض غياب اهتمام الطرف الآخر، وهنا نتساءل: هل يمكن عند غياب الاهتمام، أن نُطالب به؟
هذا السؤال الذي ألقاه «سيدتي نت» على الأخصائي النفسي منتصر نوح؛ ليتحدث حول الموضوع
يثير الغضب
من وجهة نظر منتصر نوح؛ فإن الاهتمام تحت الطلب يثير الغضب؛ فعندما نعتاد اهتمام شخص ما، ومن ثَمّ نفقد هذا الاهتمام ونحاول أن نطلبه، يثير ذلك غضب الشخص ذاته؛ لأنه يشعر حينها أن الاهتمام أصبح واجبًا مفروضًا عليه، وأنه صار مُلزَمًا به، وتأتي دائمًا النتيجة عكسية؛ فنلاحظ تجاهل الشخص بشكل أكبر؛ بل في بعض الأحيان إذا جاء الاهتمام تحت الطلب وقام الشخص ذاته بالاهتمام؛ فالطرف الآخر لا يشعر عندها بالاهتمام؛ لأنه يراه غير حقيقي وغير نابع من إرادة الشخص المهتم؛ بل فعله تحت الطلب، وبالتالي لا يكون له طعم.
تمثيل الاهتمام
لذلك فمن الطبيعي أن الشخص الذي يُطلَب منه الاهتمام يغضب؛ لأنه يشعر أن الأمر بعد أن كان اهتمامًا تلقائيًّا تغمره المشاعر ورغبة المهتم الحقيقية بالطرف الآخر، صار يراه التزامًا، وواجبًا عليه أن يفعله، كما أنه يشعر أن ما يفعله أمر تمثيلي لإرضاء الطرف الآخر فقط، وأنه غير نابع من مشاعره، بالتالي صار يمثل ضغطًا عليه بشكل أو بآخر؛ مما يثير لديه الغضب والانزعاج، ويفعل هذا على غير رغبته حتى يُصرّح بهذا الانزعاج بعد فترة.
لذا عندما يطلب الشخص اهتمامًا من شخص آخر، عليه أن يعلم أن النتيجة ستكون عكسية وغير مُرضِيَة؛ لأنه سيشعر أنها غير نابعة من الطرف الآخر، أو أنه غير راضٍ عنها، كما أنه لن يشعر بقيمتها وأهميتها؛ لأنها تحت الطلب، وقد يشعر بأنها نوع من الشفقة أو الهبة من الشخص الذي أمامه؛ فلن يرضيه هذا الوضع، وسيجلب النزاع من جديد، وسوف يثير عدم رضا هذا الشخص غضبَ الآخر الذي يهتم به.
دائرة وتدور
ويضيف الأخصائي منتصر نوح: الاهتمام تحت الطلب يثير الغضب أيضًا؛ لأنه مُهلِك أن تفعل شيئًا لا تشعر به، لمجرد الاهتمام بطرف آخر، وأنت قد تكون مضغوطًا نفسيًّا، أو لديك ظروف ما، والشخص الذي أمامك لا يبالي سوى بأنه فقط يريد مزيدًا من الاهتمام، بغض النظر عن الحالة المزاجية أو الأوضاع التي تعيشها الآن.
ويستطرد: الاهتمام بالتأكيد يختلف ولا يدوم بالقدر نفسه والطريقة نفسها، وأمر طبيعي أن يتغيّر مع تغيُّر الأيام؛ حيث يزداد أو يقل، ثم يزداد ثانية، وهكذا.. فهي دائرة وتدور، والعلاقات الإنسانية لا تسير على وتيرة ثابتة، ولكن هناك أشخاصًا لا يستطيعون تقبُّل هذا التغيّر، ومن ثم يكونون مصدر إزعاج لغيرهم، وهو أمر يغضبهم، وقد يتسبب في فقدانهم لهؤلاء الأشخاص مهما كانوا رائعين أو مُقرّبين.