تحول طبيب الأطفال المهدي الشافعي بمستشفى مدينة تزنيت جنوبي المغرب، إلى حديث الساعة، بعد أن شغلت قضيته مواقع التواصل الاجتماعي، على إثر قراره التنحي عن مزاولة مهنته بسبب تعرضه لما وصفه بـ (المضايقات) من طرف مدير المستشفى، الذي خلق له متاعب كثيرة، أدت به إلى المثول أمام لجان التفتيش والتقصي، وإحالته إلى المجلس التأديبي والمثول أمام القضاء، بعد الدعوى التي رفعها ضده مدير المستشفى يتهمه فيها بالشتم والقذف، وكان الطبيبب قد شغل الرأي العام المغربي في الفترة الأخيرة، بعد سلسلة من الفيديوهات التي تحدث فيها عن مظاهر الفساد التي يعيشها بالمستشفى الذي يعمل به.
وبعد مجموعة من المضايقات والعراقيل، لم يجد الشافعي بدًا، وبعد أن ضاقت به السبل من حوله، سوى الإعلان عن استقالته..
1200 جراحة
كانت المفاجأة، أن عبّر سكان (تزنيت) وبتلقائية عن مساندتهم للطبيب، وقيامهم بحملة تضامنية مع من لقبوه بـ (طبيب الفقراء)؛ معلنين عن احتجاجهم الكبير للحيف والظلم الذي طاله، في وقت كان حريًا بالجهات الوصية على قطاع الصحة، من وجهة نظرهم، تكريمه لنزاهته ومواظبته؛ بدلاً من إهانته لأنه اختار النزاهة والاستقامة بدل الابتزاز والرشوة، منذ التحاقه عام 2017 للعمل بهذا المستشفى.
مما أكسبه حب أهالي هذه البلدة "التي تشهد له بتضحيته بإجراء أكثر من 1200 عملية جراحية ناجحة مجانًا خلال عام واحد"، وهو ما أثار سخط جهة معينة، وصفها طبيب الفقراء بـ "لوبيات الفساد"، وأعلنها بصوت مدوٍ في إحدى جلسات محاكمته وهو يؤكد بأن تهمته الوحيدة هي كونه اختار النزاهة والمواظبة والتضحية وعلاج (أولاد الفقراء والضعفاء) مجانًا.. فكان إعلانه عن الاستقالة الفتيل الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث انهالت التعليقات المؤيدة للطبيب، وضجت الشبكة العنكبوتية بتدوينات مناصرة لمواقفه التي أعلن عنها صراحة منذ شهر يونيو من العام الماضي، حين كشف في تدوينة بها، تأثره للحالات الصحية للناس في هذه المدينة، والتي يعاينها يوميًا؛ ملمحا إلى المضايقات التي يتعرض لها؛ للحيلولة دون القيام بواجبه والدفع به إلى فقدان الأمل في مهنته كطبيب.
عزاء الدكتور المهدي الشافعي الوحيد، كان في التفاف نخبة من بعض زملائه من حوله، وفي تضامن الناس عبر وقفات أمام المستشفى مؤيدةً موقفه الذي شغل مواقع التواصل الاجتماعي ومايزال، واختطف الأضواء من المشاهير والفنانين المغاربة؛ حيث تحولت قضيته إلى حدث مهم، ومادة إعلامية دسمة بالنسبة للمواقع الإلكترونية، التي خصصت متابعات للحملات التضامنية المطالبة بإنصافه؛ فبعد الوقفات المساندة له، أطلق مناصروه الحملة الشهيرة (أنا الدكتور المهدي الشافعي)، الذي بات اليوم يحمل وباستحقاق لقب "طبيب الفقراء"، الذي أعلن وفي لحظة مؤثرة ومرتعشة، أنه ضاقت به الدنيا وأنه اختار الاستقالة.. حيث ظهر المهدي وهو يتأهب لركوب سيارته في شريط فيديو متفاعلاً مع مناصريه ممن كانوا ينتظرون خروجه من المستشفى.. وهم يتوسلون إليه للعدول عن الاستقالة.. فكان المهدي واضحًا في مخاطبته لهؤلاء المغلوبين من الضعفاء، بأنه لم يعد قادرًا على مواجهة (لوبي الفساد) المحيط به، وأنه وجد نفسه مستسلمًا واختار الاستقالة بدلاً من أن يجد نفسه قابعًا في السجن، بعدما اختار خدمة بلده وعلاج مرضى الفقراء من أطفال هذا البلد، الذين لا تسمح لهم إمكانياتهم المالية دخول المصحات.
رفض الاستقالة
كانت المفاجأة أن تم رفض "استقالة" طبيب الفقراء من طرف الجهة الوصية على قطاع الصحة.. لكن حكم القاضي بتغريمه 30 ألف درهم لصالح مدير مستشفى.
لكن آمال طبيب الفقراء لم تخب من جديد؛ فبمجرد الإعلان عن الحكم، حج مناصروه من كل مكان إلى مدينة تزنيت؛ معبرين له عن تضامنهم، واستعدادهم للتكفل بأداء مبلغ 30 ألف درهم، وهو قيمة مبلغ غرامة الحكم الصادر ضده، هذا الموقف قابله طبيب الفقراء برسالة موجهة للنشطاء الفايسبوكيين نقلتها وسائل التواصل الاجتماعي.
فهل انتهت فصول حكاية طبيب الفقراء الذي أثار بتدويناته ومواقفه جدلاً كبيرًا في المغرب لفترة زمنية غير قصيرة، أصبح خلالها نجمًا اختطف فيها الأضواء؟ أم أن حكايته ستشهد تطورات أخرى!
ويبقى أن طبيب الفقراء سجل اسمه كطبيب وكإنسان استطاع بنبل رسالته، أن يحشد الناس من حوله من أهالي بلدة (تزنيت) الصغيرة جنوب المغرب، ومؤازرته في محنته والالتفاف حوله لأنه كسب المحبة والتقدير لتفانيه في عمله وخدمة الناس.
حكاية طبيب مغربي ساند الفقراء وأدانته المحكمة!
- أخبار
- سيدتي - محمد بلال
- 11 أغسطس 2018