بعد أن أعلنت الحكومة الإيطالية أن حصيلة حادث انهيار جسر موراندي الإيطالي في مدينة جنوى السياحية الشهيرة المأساوي، الذي حصل يوم الثلاثاء 14 أغسطس – آب الجاري إثر عاصفة دمرته، قد وصل إلى 38 قتيلاً وقتيلة، من بينهم أطفال، و15 جريحًا وجريحة بحالة حرجة ومتوسطة، جراء اكتشاف ضحايا جدد لانهيار جسر موراندي، الذي وصفه وزير النقل الإيطالي دانيلو تونينللي، بالفادح والمأساوي لعدد قتلاه المرتفع، القابل للزيادة جراء عمليات إنقاذ وانتشال الجرحى والموتى، الجارية على قدم وساق.
وأظهرت التغطيات التليفزيونية المباشرة صورًا لجسر "موراندي"، الذي انهار جزء كبير منه عند ظهر يوم أمس الثلاثاء، وسقوط حطامه فوق سكة الحديد؛ مما أوقف السير، وعلقت سيارات خاصة وشاحنات والسائقون بين الأنقاض، وعمليات انتشالهم جارية طوال ساعات الليل والنهار.
عائلات ضحايا انهيار الجسر، تتهم الحكومة بالإهمال
وأثارت الحادثة المأساوية استياء وغضب عائلات الضحايا؛ فاتهموا الحكومة الإيطالية والشركة المسئولة عن إدارة الجسور والطرق السريعة العامة في إيطاليا بالإهمال؛ لأن الجسر المنهار متهالك أصلاً، وكان بحاجة لصيانة سريعة وشاملة، والصور السابقة التي أخذت له قبل أسابيع من حادثة انهياره، تظهره بشكل متداعٍ، والكابلات والأسلاك معلقة من كافة جوانبه، وظهرت تساؤلات إعلامية حول ما إذا كانت للمافيا الإيطالية صلة بسقوطه وانهياره، من جراء مشاركتها في بنائه منذ 50 عامًا؛ حيث كان من المعروف آنذاك أن شركات بناء كثيرة مرتبطة بأعمال مشتركة مع المافيا، وقد تسللت هذه الشركات للعمل والبناء في أهم المشاريع العقارية في إيطاليا، واتهمت بعض هذه الشركات ببيعها صبات خرسانية غير مطابقة للمواصفات، وغير كافية للمقادير المطلوبة الآمنة خرسانيًا. وقد بني الجسر واكتمل تمامًا في عام 1967.
مدراء تنفيذيون في شركة إدارة الطرق السريعة والجسور، يتحملون مسؤولية انهياره، رغم تقاضيهم رواتب سنوية تقدر بـ 100 ألف جنيه إسترليني.
وكان رئيس الوزراء الإيطالي، لويجي دي مايو نفسه، أحد الغاضبين؛ فحمل مسئولية انهيار الجسر على شركة بينيتون المالكة لشركة أتلانتيا القابضة، وشركة أوتوستريدبير إيطاليا المسئولة عن إدارة نصف الطرق والجسور في إيطاليا.
واتهموا أحد مدراء الشركة التنفيذيين بالمسئولية الكبرى، وهو رجل يظهر كأحد نجوم كرة القدم، يرتدي قبعة طوال الوقت، ويهوى السيارات السريعة، وقضاء إجازاته في الشواطئ الاستوائية.
كما لام الجميع مدير عمليات الصيانة، باولو بيرتي "47 عامًا" من ميلانو، وهو أحد المدراء التنفيذيين عن الطرق والجسور التي تمر بين جبال طبيعية خلابة في إيطاليا، كما تم إلقاء اللوم على مدراء تنفيذيين آخرين، من بينهم: ستيفانو ماريجلياني المدير المسئول عن طرق جنوى، وجان كارلو جوينزي، والأخير هو المدير المسئول عن تأمين ميزانية صيانة جسر "موراندي" المنهار في جنوى، والذي يتقاضى راتبًا سنويًا ضخمًا جدًا مقابل عمله.
وتساءل كثير من الناس: ما هو دور وعمل هؤلاء المدراء التنفيذيين الذين يتقاضى كل واحد منهم راتبًا سنويًا باهظًا قدره مئة ألف جنيه إسترليني؟
الخبراء يبرئون العاصفة من تهمة انهيار جسر جنوى الإيطالي
ووفقًا لوكالات الأنباء الإيطالية وصحيفة "الديلي ميل" البريطانية؛ فإن خبراء كبارًا في الهندسة والخرسانة، أصدروا تقريرًا يبرئون فيه العاصفة من تهمة انهيار جسر "موراندي"،
وأنه ثابت من الفحص المعملي، أنه قد انهار بسبب وجود عيب إنشائي خطير في بنيته الخرسانية، وتهالكه وتفتت أساسه، واهتراء وصدأ هيكله المعدني بمرور الزمن، ولم يتنبه المهندسون المسئولون عن صيانته وسلامته من الأمر.
فالجسور عمومًا تحتاج لتفتيش هندسي وبحثي دائم، وصيانة دورية منتظمة لا مجال فيها للإهمال أو بمنع ميزانية الصيانة عنها؛ لعلاقتها الوثيقة بسلامة أرواح العابرين فوقه بمركباتهم.
لهذا لم يتحمل الضغط الكبير عليه ساعات الذروة ظهرًا خلال مرور مئات من السيارات والشاحنات؛ فانهار فورًا غرب المنطقة الصناعية الواقعة أسفل الجسر مباشرةً.
1000 عامل إنقاذ يجرون عمليات انتشال الجثث والجرحى من بين الأنقاض، وقال رئيس الحماية المدنية، أنجيلو بوريللي: لقد خصصنا ألف عامل إنقاذ للبحث عن مفقودين وجرحى بين أنقاض الحادث منذ يوم الثلاثاء، والعمل جار على قدم وساق طوال الليل والنهار.
وأحد القتلى الذين انتشلوا من بين الأنقاض، طبيب التخدير ألبرتو فاتفاني "37 عامًا" من فلورنسا وخطيبته مارتا دانسي "29 عاماً"، المفترض أن يتزوجا في عام 2019 المقبل.
ومن بين الضحايا عائلة كاملة مكونة من ثلاثة أشخاص وثلاثة أطفال، ماتوا فورًا، ولاعب كرة قدم من ألبانيا.
وقد أعلن يوميّ الأربعاء والخميس 15 و16 أغسطس- آب يوميّ حداد على أرواح ضحايا جسر جنوى في مدينة جنوى الإيطالية، التي كساها حزن عميق إثر المأساة الفادحة التي لحقت بالمدينة وأهلها وضيوفها دون سابق إنذار.