تابع رئيس الجمعية الفلكية في جدة، المهندس ماجد أبو زاهرة، نشر الفريق العلمي لمهمة المسبار (أوسايرس - ركس) التابع لوكالة الفضاء ناسا، بتاريخ 24 أغسطس 2018، أولى الصور للكويكب «بينو»، وكانت المسافة بينهما 2.3 مليون كيلومتر.
الكويكب «بينو» يعبر مدار الأرض كل ست سنوات، وفي العام 2135 (القرن الثاني والعشرين) قد يدخل الكويكب منطقة في الفضاء تسمى «ثقب المفتاح» بين الأرض والقمر، حيث جاذبية كوكبنا سوف تقوم بتعديل مدار الكويكب، ومن المحتمل أن يضعه بعد ذلك في مسار «اصطدام» مع الأرض أواخر القرن الثاني والعشرين، وليس القرن الذي نعيش فيه الآن.
علمًا بأن احتمالات اصطدامه الأولية بالأرض لا تزيد على نحو 1 في 2700، وهي نسبة صغيرة، ولكنها كافية للقيام بمهمة علمية لدراسة ذلك الكويكب.
وسوف يصل المسبار (أوسايرس - ركس) إلى الكويكب «بينو» في 3 سبتمبر 2018، وسيقضي أكثر من سنة يحلّق قرب الكويكب، وسيقوم بدراسته من خلال خمسة أجهزة علمية على متنه، وعلى ضوء الخرائط التي سوف يتم الحصول عليها، سيتم اختيار موقع لكي يهبط عليه المسبار؛ لجمع عينات من سطح الكويكب تتعلق بأسس الحياة التي يمكن العثور عليها، وإذا سار كل شيء كما هو مخطط، سوف تعود تلك العينات إلى الأرض في خريف عام 2023.
المسبار سيقوم بعمل الكثير من الاختبارات الطيفية والتصوير المرئي، ومعرفة مكونات الكويكب وإجراء قياسات في الضوء المرئي والضوء القريب من الأشعة تحت الحمراء المنعكس والمنبعث من الكويكب، ومن ثم يتم فصل ذلك الضوء إلى مكونات الأطوال الموجية تمامًا، مثلما يفعل المنشور الزجاجي؛ عندما يفصل ضوء الشمس إلى ألوان قوس قزح.
وستكون هذه المهمة مفتاحنا نحو العثور على مكونات عضوية على هذا الكويكب، بعد أن يتم تحديد مواقع محددة تكون غنية بالجزيئات العضوية.
وسيضم المسبار أيضًا جهازًا مخصصًا لقياس الانبعاث الحراري الطيفي بالقرب من الأشعة تحت الحمراء، إلى جانب جهاز آخر سيقوم بعمل خرائط للسطح في الضوء المرئي والأشعة تحت الحمراء، وهذا سوف يسمح بعمل خريطة لكامل الكويكب على كل الأطوال الموجية، ما سيساعد العلماء على البحث عن المواد العضوية المختلفة مثل الكربونات والسيليكات وامتصاص الماء على سطح الكويكب، ومساعدتهم على تحديد أفضل المواقع لجمع العينات بعد ذلك.
ومن خلال استخدام المعلومات التي سيتم جمعها، سوف يتم دراسة «تأثير ياركوفيسكي»، والمقصود به مقدار تأثر مدار الكويكب «بينو» بواسطة حرارة السطح والبرودة خلال اليوم.
فالكويكب يتم تسخينه بأشعة الشمس، ويقوم بإعادة إصدار الإشعاع الحراري في اتجاهات مختلفة أثناء دورانه حول محوره.
هذا الانبعاث الحراري غير المتناسق، والذي يصدره الكويكب «بينو» صغير، ولكنه ثابت الدفع، وبالتالي يغير مدار الكويكب مع مرور الوقت.
وبفهم هذا التأثير ذلك، سوف يساعد على دراسة مدار الكويكب؛ بهدف تحسين فهمنا لتأثير ياركوفيسكي، وتحسين معرفتنا حول تأثير هذا الكويكب على مدارات الكويكبات الأخرى.
وسوف يتم التأكيد النهائي إذا كان سيحدث اصطدام من عدمه بعد عبور الكويكب قرب الأرض في العام 2135، واتخاذه مسارًا جديدًا يحتمل أن يكون مسار اصطدام، لذلك لا يمكن التأكيد منذ الآن حتمية الاصطدام بشكل دقيق.
وحسب البيانات الحالية، وكل التصورات المبدئية، فإن الاصطدام من المحتمل حدوثه في العام «2185» أو أقرب من ذلك، وربما لن يحدث، ولكن السؤال المهم: ماذا سيواجه الناس في ذلك الوقت لو افترضنا جدلاً أن الكويكب أصبح في مسار اصطدام مباشر مع الأرض؟
هنا يجب أن نعرف بأن هذه الصخرة تبلغ نحو 510 أمتار فقط، وتأثيرها سوف يكون تحت تصنيف (دمار محلي)، ولكن لن تدمر الحضارة البشرية، ولن تتسبب في حدوث انقراض.
ولكن لحدوث نكبة عالمية، يجب ألا يقل حجم الكويكب عن واحد كيلومتر، وللمقارنة فإن الكويكب الذي يعتقد أنه تسبب في انقراض الديناصورات، يحتمل أنه كان حوالي 10 كيلومترات.
ولكن لو افترضنا أنه بعد العام 2135 تم تأكيد الاصطدام، فلن يكون أمام البشرية في ذلك الوقت سوى استخدام خيار «السلاح النووي» كخطوة أخيره لتجنب آثاره مع عدم تحبيذ هذه الفكرة مطلقًا، أو ربما سيتمكن البشر بعد 100 سنة من الآن من اختراع وسائل دفاع وحماية ضد كويكبات الفضاء ليست متوافرة في وقتنا.