شخصية الطفل المتقلبة من جهة وجهله لمنطق الكبار من جهة أخرى يجعل منه ابناً يصعب التعامل معه لمن يحاول تلقينه مفاهيم حسن السلوك؛ فيكون الوضع أشبه بحرث أرض ناعمة أو ضرب الرأس بجدار حجري، لذلك لابد من توافق احتياجات الأبناء مع توقعات الأهل، وهذا يتم عن طريق التربية الانضباطية من دون صراخ أو ضرب منذ بداية مولده..وإلا تحول الابن إلى طفل عدواني.
الدكتورة "بار برا يونيل" أستاذة على الاجتماع الأمريكية ومؤلفة برنامج" تنمية شخصية الطفل بدون ضرب" توضح طريق المعالجة في 11 خطوة
أن تكون أباً أو أماً أمر ليس سهلاً؛ على الأهل أن يتحولوا إلى نظاميين، قادرين على ضبط النفس بطريقة هادئة ومتماسكة وناجحة دون اللجوء إلى الصراخ أو الضرب؛ عليكِ أن تتجاهلي -مثلاً- حالة بكاء الطفل أو صراخه المستمر، ولا تقتربي منه إلا عندما يتوقف؛ فيفهم أن بكاءه ليس سلاحاً لتحقيق طلباته.
على الأهل أن يتحملوا أخطاء أطفالهم ونوبات الغضب التي تنفجر بداخلهم بصبر جميل، ليس بهدف المحافظة على الهدوء وإعادة النظام إلى أجواء المنزل فحسب، بل لتوضيح كيف يعبر الطفل عن الإحباط والغضب بطريقة ملائمة أكثر.
خذوا بعين الاعتبار تكرار وتواتر التصرف غير الجيد للطفل، مع تقدير حجم حدته؛ إذا كان غضبه -مثلاً- يأتي بسهولة أو كان غضبه شديداً بحيث يعرض نفسه إلى خطر-أن يجرح نفسه أو يؤذيها بشكل ما- أو يؤذى الآخرين، بعدها يمكن اختيار أسلوب العقاب من دون صراخ أو ضرب.
لا تنسي "كرسي العقاب"؛ حيث يجلس عليه الطفل عند قيامه بتصرف سيئ، لا يتحرك من عليه بأي حال ولا تستمعي لبكائه، ولتكن دقيقة واحدة لكل سنة من عمره، كما أنك سوف تحصلين على نتائج أفضل إذا قمت بتحديد سلوك طفلك المراد تغييره -من قبل- وبذلك تستغنين عن العقاب.
امسكي غضبك واشرحي لطفلك ما الذي تريدينه منه، وبيني له كيف يفعل ذلك، قوديه خطوة خطوة لتحقيق الشيء الذي يرغب فيه؛ حتى تساعديه على أن يفهم بدقة ما الذي تتوقعينه...فلا يقوم بسلوك يعاقب عليه.
اطلبي من طفلك أن يصحح خطأه بنفسه؛ فإذا وقع الطعام على الأرض فعليه تنظيفه، بذلك توضحين لطفلك أن الأخطاء لها أضرار وعليه إصلاحها، واطلبي منه أن يعتذر لصديقه إن اخطأ في حقه بالقيام بموقف إيجابي وليس شرطاً كلمة" اعتذر".
قومي بمدح السلوك الجيد لطفلك مهما تطلب ذلك من وقت، وكأنك تذكرينه بالطريقة الجيدة في التصرف، وأن هذا ما تنتظرينه منه...فلا يكرر الخطأ ولا ينتظر منك العقاب.
تأكدي أن العقاب الذي يعتمد على الصراخ والضرب يعد إعلاناً صريحاً على شرود ذهنك وتمكن التعب منك، وأن إحساساً بالعجز قد تملكك، وهذه الأشكال القاسية للعقاب تؤدي إلى حدوث مشكلات أكثر مما تؤدي إلى حلها، فهي تخلق طفلاً عدوانياً.
كثيراً ما يتصرف الطفل بشكل سيئ لدرجة يستحق العقاب؛ لا لشيء إلا للحصول على الاهتمام الوحيد الذي يتلقاه من قبل الأهل، وهو للأسف اهتمام سلبي يظهر عند خطأ الطفل فقط.
احذري أن يصل طفلك إلى مرحلة" طاعة القواعد؛ بهدف وحيد هو تجنب العقاب"! وذلك عندما نعاقب أطفالنا بانتظام؛ لأنهم يتصرفون بشكل سيئ، فنمنعهم من تجاوز هذا المستوى الأدنى للنمو الاخلاقي، بل علينا أن ندفعهم إلى "إطاعة الأوامر؛ لأنها صحيحة وجيدة"، وهذا هو المستوى الأعلى، والفرق كبير بين الاثنين.
هل تعلمين أن العقاب بالصراخ والضرب يمثل نموذجاً لتجارب الطفل الأولى مع العنف؛ به يتعلمون كيف يمارسون العنف؛ حيث يمتلك الطفل رؤية واقعية للعالم...فما دام للراشد الحق في أن يرفع يده عليه، فيعتقد الطفل أن من حقه هو أيضاً أن يضرب أقرانه أو حتى الأشخاص الكبار.